ضجيج “الجنرال المتقاعد” يقلق الأردنيين: “الباشا أبو غاصب” وهو “غاضب” و”الحنيطي” دون “شعبويات”
حصادنيوز-قرع، وباستعراض “عشائري” الطابع وبحركة واحدة، رئيس أركان القوات المسلحة الأردنية الأسبق، الفريق محمود فريحات، كل أجراس الإنذار دفعة واحدة عندما قاد “سابقة” هي الأولى من نوعها على صعيد التقاعد المفاجئ للجنرالات الكبار.
المشهد الذي ظهر فيه الفريق فريحات قبل أربعة أيام وسط أبناء عشيرته وقريته أثار العديد من التساؤلات.
لكن الأهم أنه مشهد تمكن الفريحات من زرعه ووضعه قسرا على طاولة البحث والتعمق في كل مؤسسات القرار، بحيث شغل الدولة وأجهزتها وكبار المسؤولين فيها على أكثر من نطاق وفي كل الاتجاهات.
الجنرال فريحات أثار الغموض وهو غير معتاد عندما يتعلق الأمر بالطبقة العسكرية الأردنية، إذ اجتمع نحو ثمانية آلاف على الأقل من أقاربه في منطقتي جرش وعجلون مع آلاف من سياراتهم تحت عنوان استقبال الباشا “أبو غاصب”، وهي كنية الفريق فريحات الشخصية والعائلية، وتحت عنوان مهرجان شعبي لاستقبال الباشا المشار إليه.
تلك مسألة لم يسبق لأي جنرال عسكري أن وافق عليها أصلا، خصوصا بعد إحالته إلى التقاعد.
المشهد المقابل والموازي، لكن في الاتجاه المعاكس، تمثل في خطوة رئيس الأركان الجديد اللواء يوسف الحنيطي الذي تجنب بدوره الزحام العشائري والعائلي والجهوي والمناطقي بعد تعيينه وتكليفه بأرفع مناصب المؤسسة العسكرية.
اللواء الحنيطي، وهو طيار عسكري مقاتل، كلف برئاسة الأركان لأول مرة ممثلا لسلاح الجو.
خلافا لما فعله الفريق فريحات عند تعيينه في الموقع قبل عامين وأشهر عدة، اكتفى اللواء الحنيطي بتجمع بسيط لأهله وأقاربه لم يتخلله استعراض مبالغ فيه.
وحرص اللواء الحنيطي على إظهار جملة كبيرة من التواضع والانضباط عندما قبل يدي والدته، وشكر الله على الثقة الملكية، وتمكن من مغادرة المنطقة “الشعبوية” في المسألة بذكاء وبحرفية عسكرية دون مبالغة في إجراءات التهنئة بمنصبه ودون احتشاد أبناء قبيلته كما حصل في حالات سابقة.
بعد إحالته إلى التقاعد فجأة، وعلى طريقة “الموت المفاجئ” كما يسميها كبار الساسة، ظهر الفريق فريحات في باحة منزله مع عدد قليل من المقربين منه وملامح استياء واضحة في صور عدة، تبادلها ونشرها مئات الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي.
لم تظهر على فريحات بعدما أُحيل فجأة إلى التقاعد أي ردة فعل خارج سياق روح الجندية.
لكن لوحظ بأن الرجل وخلافا للعادة لم يحظ بترفيع رتبة إلى “فريق أول” بعد إحالته إلى التقاعد، ولم يحظ برسالة ملكية كانت بالعادة تصدر وتشكر رئيس الأركان المحال إلى التقاعد على جهوده.
أيضا لم يصدر ما يوحي فورا بتعيين الفريحات بعد تقاعده في أي منصب من المناصب المعتادة لأقرانه مثل المستشار العسكري للملك أو للديوان الملكي أو لعضوية مجلس الأعيان.
هذه مسائل يلاحظها الأردنيون بكثافة وتنطوي على رسالة.
الاستعراض نتج عما يسمى بمهرجان تهنئة “الباشا أبو غاصب”، الذي تخلله طبعا وحسب شكاوى متعددة على منصات التواصل تعطيل السير والطريق العام بين عمان ومدينة جرش بسبب كثافة سيارات أقرباء الفريحات والمتضامنين معه.
الأغرب هو أن الفريحات قرر أن يخطب بجمهوره على منصة مايكروفون، وهذا أيضا مشهد لم يسبقه له أي رئيس للأركان أحيل إلى التقاعد؛ فالانطباع والعادات والأعراف عناصر تشير إلى أن من يتقلدون المناصب العسكرية تحديدا يجلسون في بيتهم ووسط عشائرهم بصمت وهدوء، ولا يتقبلون فكرة الظهور مباشرة بعد مغادرة الوظيفة والواجب في مهرجان شعبي، إضافة لإلقاء خطاب فيه رسالة من النوع الغريب والقوي وغير المفهوم.
الفريحات عندما خطب في جمهوره قال إنه سيرد على مطلقي الإشاعات، متحديا من يشكك بنزاهته المالية ومطالبا بالعودة إلى الدوائر المالية والتوثق.
عنصر الإثارة في طرح هذه المسألة يتمثل في أن أحدا في الواقع لم يشكك في نزاهة الفريحات، وبأن أحدا لا في الإعلام ولا في منصات التواصل طرح ما ينطوي على تشكيك، إذ لم تلتهم الشائعات إطلاقا الفريحات بأي طريقة، في مؤشر عزز مظهر القلق وتسبب في إنتاج أسئلة لا مبرر لها حول اعتبارات كتومة أو مخفية دفعت الفريحات، وهو عسكري محترف، إلى “جملة غاضبة” بوضوح خلال مهرجان عشائري الطابع وغامض الأجندة بوضوح أيضا.