“جابر” متهم بتزوير حقائق تاريخية لمصلحة إسرائيل

47

حصاد نيوز –  أثار انسحاب ممثلين أردنيين من الفيلم الأردني “جابر والصخرة” لمخرجه محيي الدين قندور، بسبب ما أسموه “السيناريو المسيء لتاريخ الأردن”، ضجة كبيرة خلال اليومين الماضيين.

الفيلم الذي لم يبدأ تصوير مشاهده بعد، أثيرت حوله العديد من الأقاويل، وذهب بعضهم إلى أنه “يحمل تزويرا ومغالطات تاريخية تتعلق بمنطقة جنوب الأردن والبترا”، فضلا عن “عدم الدقة في الحقائق الدينية”.
في الاثناء، أصدرت نقابة الفنانين ممثلة بنقيبها حسين الخطيب بيانا شديد اللهجة طالبت فيه الفنانين الأردنيين بعدم المشاركة في الفيلم والانسحاب منه لحين انجلاء الصورة، وبنفس الوقت وجه النقيب اتهامات للهيئة الملكية للأفلام بأنها لا تقوم بالتنسيق معهم فيما يتعلق بأمور التصوير واصدار التصاريح اللازمة.
الخطيب طالب الجهات الحكومية بمنح النقابة دورا رقابيا اكبر، خصوصا أن قانونها، وبحسب المادة 41، يمنح تصاريح مزاولة مهنة للفنانين الأردنيين والعرب والاجانب، ويستوفي منهم نسبة معينة هي 15 % للأردنيين والعرب و20 % للأجانب.
والفيلم مستوحى بالأصل من رواية تحمل اسم “جابر” للمؤلف والمخرج قندور، حيث يتحدث الفيلم عن رجل بدوي يعيش في البترا، ويجد حجرا مكتوبا عليه بحروف عبرية، فيقوم بإرسال الحجر إلى دائرة الآثار الأردنية.
والرواية نفسها، وفقا للملخص المنشور عنها، والصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، تدور حول عثور صبي من “البدو” في 12 من عمره وهو جابر على قطعة صخر من جرانيت البازانايت عليها نقش عجيب بحروف عبرية، وذلك أثناء إنجاز أعمال إنشائية في وادي موسى لطريق مؤدية إلى البترا، فتؤدي هذه “اللقية” لرحلة استكشاف ومغامرة ذات بعد تاريخي للقصة الواردة في الإنجيل والقرآن عن خروج اليهود مع موسى من مصر.
وبحسب وصف وتلخيص رواية “جابر” التي تفيد بأن اليهود قضوا 40 عاما في الصحراء ولكنهم وخلال بحثهم عن مصادر للمياه، نزحوا إلى الوادي الذي سمي فيما بعد باسم نبيهم موسى عليه السلام واستقروا فيه.
وتتحدث الرواية عن ان الديانة المسيحية بدأت فعليا في الأردن حيث تم تعميد المسيح حين كان عمره 20 عاما على الضفة الشرقية لنهر الأردن وبدأ بالتبشير بالدين الجديد، ما يجعل من الأردن مهد المسيحية الفعلي، أي أن الأردن هو أيضا أرض مقدسة لهذه الديانة. ومن ثم تصبح هذه الصخرة قطعة أثرية قيمة تسعى للحصول عليها عدة منظمات وجهات حكومية، ومن بين الساعين وراء الصخرة عناصر إجرامية، ولكن الفتى العنيد، جابر، يتحدى مطارديه ويتملص من قبضتهم وهم عصابات ورجال مافيا.
أصل الخلاف
انسحاب الممثل والمخرج علي عليان ارتبط وفق تصريحاته التي نشرها في صفحته عبر فيسبوك، بكون السيناريو “يثبت حق اليهود بفلسطين”، ويؤكد أن لهم الحق التاريخي في البترا وجنوب الأردن بحوار صريح ومباشر، وهو ما اعترض عليه وانسحب على اساسه”.
وأضاف في منشوره: “تناقشت مع المخرج بالأفكار المطروحة فقال إنها حقائق تاريخية وإن الفيلم سينفذ كما هو مكتوب لأنه لن يعرض في العالم العربي بل سيعرض في أميركا”.
وتابع عليان: “سألني المخرج سؤالا صريحا قال فيه (هل أنت لا تؤمن بالأفكار التي يطرحها الفيلم؟)، فأجبته (لا طبعا لا أؤمن)، فقال (إذن لن نستكمل العمل معا) وأجبت: نعم لن أعمل بهذا الفيلم.
وفي تصريح خاص له بين عليان ان الخلاف ليس ماديا وفق ما يشاع، بل يتعلق بالمشاهد التي قرأها في السيناريو والتي تعكس وجودا لليهود وعيشهم في الاردن قبل آلاف السنين، والتي وردت بنص صريح في السيناريو من خلال جملة “ثلاثة من أسباط بني اسرائيل الإثني عشر عاشوا في الجانب الشرقي من الاردن مدة الف او الف وماثتي سنة قبلا الميلاد”.
ويضيف عليان ان ممثلين آخرين لحقوا به وهم عبد الكريم القواسمي ومنيب القضاة ومحمد سميرات وجمال مرعي وتامر بشتو وسعد أبو نجيلة، نافيا ان يكون المال هو الدافع وراء هذا، بل اصراره على تعديل الحقائق المغلوطة على حد قوله في السيناريو الذي اطلع عليه. وعند رفض المخرج ذلك قرر الانسحاب، لافتا إلى اصرار قندور على توقيع العقد قبل الانتهاء من قراءة السيناريو، وهو الامر الذي رفضه.
من جهته نفى المخرج محيي الدين عزت قندور ان يكون فيلمه اميركيا بل اردنيا كاملا، رافضا اتهامات عليان. وقال “الخلاف مرتبط بالأدوار القيادية فقط، ورغبة عليان في إجراء تعديلات غير منطقية والتدخل بطاقم العمل”، ما سبب خلافا بينهما، فضلا عن خلافات تتعلق بالأجور، لينتهي المطاف بعدم الرغبة بمتابعة العمل.
وبين قندور لـ”الغد” انه لم يتم توقيع عقد بعد مع اي من الممثلين، مؤكدا في الوقت نفسه أن سيناريو الفيلم بأكمله لا يسيء للتاريخ الأردني بل مستوحى منه، وهي حقائق ثابتة، ولا صحة أبدا لما يشاع ان فيلمه يعطي “أحقية لليهود في مدينة البترا”.
ولفت إلى أن كل شيء سيتم توضيحه في مؤتمر صحفي يعقده صباح اليوم في فندق الريجنسي ليجيب على كل الاتهامات ولايضاح اللغط.
وأكد ان هناك ممثلين بدلاء، وأنه سيباشر التصوير قريبا، مشددا على أن “العمل لن يضر بالأردن على العكس سيكون عملا فنيا جميلا يضعه على خريطة السينما العالمية”.
خلاف بين نقابة الفنانين و”الهيئة”
نقابة الفنانين الأردنيين ممثلة بنقيبها حسين الخطيب ان موقف النقابة داعم لقرار اعضائها من الممثلين وشهادتهم عن الفيلم، لكنهم لم يطلعوا حتى هذه اللحظة على فحوى السيناريو.
وأضاف الخطيب ان هذا السيناريو سيتم الاطلاع عليه والتأكد من محتواه التاريخي وحقائقه من قبل كتاب ومتخصصين للبت فيه، وان النقابة مسؤولة عن بيانها الذي أصدرته أول من أمس.
ولفت الخطيب إلى موقف الهيئة المليكة للأفلام التي اصدرت تصاريح تصوير الفيلم، والتي بحسب قانونها الداخلي لا تتدخل بالسيناريو ولا تملك أي رقابة عليه، وأن دروها يكمن في تشجيع الانتاج المحلي واستقطاب انتاجات اجنبية وتسهيل التصوير في المملكة دون التدخل في المحتوى.
وبين انه بالعادة عندما يريد ممثل غير اردني ان يصور في الاردن او يقدم عملا، يحصل على شهادة مزوالة للمهنة من النقابة، ويوقع تعهدا يقر به بأن ما يقوم به لا يخل بالامن ولا يمس بالاخلاق والثوابت الدينية والوطنية.
وأضاف ان الملخص الذي تم تقديمه للهيئة، وعلى أساسه تم اصدار تصريح التصوير للمخرج قندور، ليس كافيا، خاصة ان الملخص لا يقدم فكرة حقيقية عن المحتوى.
وقال “الهية الملكية للأفلام لا تتعاون مع النقابة”، مطالبا الجهات الرسمية بأن تفعل دور النقابة الرقابي وتوسعه بحيث تصبح “الجهة التي تصدر تصاريح لتصوير للاعمال في الاردن”. وتعليقا على كل ما يدور من جدل حول فيلم “جابر” الذي لم يصور بعد فعليا، قالت ندى دوماني مسؤول مديرة الإعلام والثقافة في الهيئة الملكية للأفلام،  لا بد من توضيح الصورة مباشرة من قبل المعنيين والقائمين على الفيلم من ممثلين والمخرج، وعليه لا ينبغي إقحام “الهيئة” دوما في إشكاليات لا علاقة لها بها.
قد يعجبك ايضا