اتساع ظاهرة سرقة السيارات في الاردن ومحاولات لتهريبها للجيش الحر
تركت الازمة السورية اثارها على اتساع ظاهرة سرقة السيارات في الاردن ايضا، بعد تسجيل محاولات تهريب لمركبات مسروقة عبر الحدود لغايات استخدامها من قبل فصائل سورية مسلحة معارضة.
وفي الوقت الذي ينتقد فيه الجانب الرسمي ما يرى انه “ضعف العقوبات” المنصوص عليها بقانون العقوبات تجاه جرائم سرقة السيارات، يؤكد الامن العام ان هذه الظاهرة تقلصت خلال شهرين مضيا، ليصل اعداد السيارات المسروقة الى النصف تقريبا.
وفي هذا السياق، انهى مدعي عام محكمة أمن الدولة وفق ما نقلته يومية “الغد” اخيرا التحقيق مع نحو عشرة متهمين، من الجنسية السورية، كانوا حاولوا تهريب عشرة مركبات مسروقة من الاردن الى الاراضي السورية، بقصد بيعها للجيش السوري الحر المعارض، او تنظيمات اسلامية، تقاتل الجيش والحكومة السورية، وذلك بعد ان تم ضبط سبع مركبات، فيما تمكنت ثلاث اخرى من الفرار الى الاراضي السورية.
وحسب مصادر مقربة من التحقيق، فان القوات المسلحة وضعت كمينا للمتهمين، واستطاعت مؤخرا ضبطهم، اثناء عملية تسللهم بالمركبات بالقرب من الحدود الاردنية السورية، وسط تبادل لاطلاق النار بين المهربين والقوات المسلحة.
واعترف المتهمون بانهم حضروا الى الاردن، قبيل عيد الاضحى بطريقة غير مشروعة، وبحوزتهم اغنام سورية مهربة للمملكة، وان الاشخاص الذين اشتروا منهم الاغنام، هم الذين زودوهم بالمركبات المسروقة، لغايات ارسالها للجيش الحر.
ووفق المصادر، فان المتهمين، واحدهم من فئة الاحداث، اعترفوا ان هناك عشر مركبات اخرى سيتم تهريبها لاحقا، مؤكدين ان سيارات “البكب والجيب يتم استخدامها من قبل الجيش السوري الحر، او التنظيمات الاسلامية، لنصب رشاشات من عيار 500 على ظهورها، خاصة وانه يسهل التحرك بها في المناطق الوعرة”.
واسند المدعي العام للمتهمين تهمة “القيام باعمال لم تجزها الحكومة، من شأنها تعريض أمن المملكة لخطر اعمال عدائية”، ومن المرجح ان تسند لهم ايضا تهمة التسلل من والى اراضي المملكة الاردنية بطريقة غير مشروعة.
في سياق قريب، علمت “الغد” ان 24 متهما يحاكمون حاليا امام محكمة امن الدولة، بهيئتها المدنية برئاسة القاضي سالم القلاب، باعتبارهم متهمين متخصصين بسرقة المركبات قبل العودة الى بيعها لاصحابها، ومن بينهم 8 اشخاص، فارون من وجه العدالة.
وعرفت هذه القضية في اروقة محكمة امن الدولة بقضية “اللُّبّن”، ويتزعمها متهم شاب، كان ضبط داخل ساحة منزله نحو 18 مركبة مسروقة، واكثر من عشرين لوحة ارقام لمركبات تبين انها مسروقة.
كما كشفت لائحة الاتهام في هذه القضية، التي حصلت “الغد” على نسخة منها، ان هناك متهمين من منطقة الجفر، في البادية الجنوبية، لا يزالون فارين من وجه العدالة، وهم مطلوبون على ذمة قضية “اللبن” الخاصة بسرقة المركبات.
وتجري محاكمة جميع المتهمين في هذه القضية بتهمة الاتفاق الجنائي، التي قد تصل عقوبتها، في حال ثبوتها بحق المتهمين، الى الاشغال الشاقة لمدة 15 عاما.
وبينت التحقيقات الاولية ان عدد المركبات المسروقة من قبل المتهمين تصل لقرابة 60 مركبة، معظمها من سيارات “الدبل كبين”، واشارت الى ان نشاط المتهمين الاجرامي انصب على سرقة المركبات والاغنام، منذ بداية العام 2010، وانهم جميعهم يرتبطون بعلاقة صداقة، وفق لائحة الاتهام. كما بينت مصادر موثوقة في امانة عمان ان نحو 4 مركبات “دبل كبين”، نوع تويوتا، تعود ملكيتها للامانة، تعرضت للسرقة خلال اسبوع واحد، مطلع الشهر الحالي.
رئيسة قسم الخلاطة والكسارة في امانة عمان بمنطقة وادي العش المهندسة ميسون حدادين كانت إحدى ضحايا لصوص المركبات. وبينت ان مركبتها سرقت في المكان، الذي تتواجد فيه المركبة بعد الانتهاء من دوامها. ونفت، في الوقت ذاته، ان تكون تلقت اي اتصال بشأن دفع مبلغ مالي لاعادة السيارة المسروقة، وهي من نوع “بكب تويوتا”.
وقال المدير التنفيذي لاسطول المركبات في امانة عمان حسام النجداوي انه، بالرغم من وجود عدة اجراءات امنية لحماية مركبات الامانة، تتمثل بتخصيص اماكن حكومية لمبيتها، الا ان اللصوص ما يزالون قادرين على سرقتها، مشيرا الى ان جميع المركبات، التي تمت سرقتها (مؤمنة شامل)، لكن الخسارة الكبرى ستتكبدها شركة التأمين، كون المركبات المسروقة مؤمنة شامل لحمايتها ايضا من لصوص المركبات.
وكانت “الغد” قامت بجولة في منطقة اللبن الاثنين الماضي، لعدة ساعات، والتقت خلالها بأحد وجهاء المنطقة، هو حسن فنخير الفايز، والذي اكد ان المنطقة “باتت آمنة”، منذ اكثر من عام، بعد ان قام رجال الامن العام، وبالتعاون مع وجهاء وقادة المجتمع المحلي في المنطقة، بالقبض على جميع مرتكبي سرقات المركبات. مؤكدا انه “لا يوجد حاليا اي مركبة مسروقة داخل اللبن”.
واضاف الفايز ان المنطقة “واجهت سمعة سيئة بسبب سارقي المركبات في السابق”، لافتا الى معظمهم “من خارج المنطقة، ولا يمتون لها بصلة، ولكنهم كانوا يتحصنون فيها، الامر الذي اثار المتاعب لفترة من الوقت”.
وتحدث احد سكان المنطقة، والذي رفض نشر اسمه لـ”الغد”، انه “وبعد تنظيف منطقة اللبن من سارقي المركبات، بات لصوص المركبات يبيعونها في مناطق مجاورة للمنطقة، ومن ثم يتم بيعها مباشرة الى اخرين، متواجدين في منطقة الجفر”، مشيرا الى انه “يتواجد في تلك المنطقة عدد من الخارجين على القانون، يقومون بدورهم ببيعها لاصحابها او بيعها لاخرين، ضمن مناطق البادية الجنوبية، بعد تغيير ملامح واوصاف المركبة المسروقة”، موضحا ان “هناك عدة طرق للتصرف بالمركبات المسروقة”.
واوضح مسؤول رفيع في البحث الجنائي ان ظاهرة سرقة المركبات “لن يتم التغلب عليها، الا بعد تعديل قانون العقوبات”، موضحا انه “طالما ان سارق المركبة لا يواجه الا تهمة استخدام مال الغير، دون وجه حق، والتي تصل عقوبتها مدة شهر، وتستبدل بغرامة، فستبقى المشكلة قائمة ويصعب التغلب عليها”.
واضاف ان البحث الجنائي يقوم بحملة مكثفة منذ شهور لملاحقة سارقي المركبات، لكن اللصوص، الذين يتم ضبطهم، سرعان ما يتم الافراج عنهم، “بسبب ضعف العقوبة في القانون”. واشار الى ان “عدد المركبات المسروقة انخفض الى النصف تقريبا، منذ نحو ما يزيد على شهرين”، واوضح “قبل الحملة الامنية كان عدد المركبات المسروقة يصل يوميا الى 25 مركبة تقريبا، في حين لا يتجاوز عدد المركبات التي تسرق بشكل يومي حاليا الى عشر مركبات”.
وبلغ عدد المركبات المسروقة منذ بداية الحملة الامنية، في 27 ايار(مايو) الماضي وحتى الان، نحو 1725 مركبة، تمكن البحث الجنائي من اعادة عدد من تلك المركبات لاصحابها.