غسان عبد الخالق يقارب الصين عبر ثنائية (السّور والعصْفور)

45

حصاد نيوز

عن دار (فضاءات) للنشر والتوزيع، صدر للقاص والناقد والأكاديمي الأردني الدكتور غسان عبد الخالق، رحلة روائية تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وهي توثق رحلة قام بها المؤلف مع عدد من الزملاء والزميلات والطلاّب في جامعة فيلادلفيا إلى الصين، بدعوة من مؤسسة هانبان وجامعة لياوتشينغ.

الرحلة الروائية التي عنونها المؤلف على النحو التالي: (السّور والعصْفور؛ ما يشبه اليقين في وصف بلاد الصين)، تحاول إعادة الاعتبار إلى أدب الرحلات بوجه عام وإلى عدد من الرحّالة القدامى والجدد بوجه خاص. وقد أفاد المؤلّف من تقنيات الكتابة الروائية لاستحضار بعض النصوص المؤثّرة لابن فضلان وأبي دلف الخزرجي وابن جبير وابن بطوطة والطهطاوي وأنيس منصور. كما استحضر بعض النصوص الأساسية في الأدب الروائي الذي اتخذ من الرحلة إطارًا عامًا للتأمل والتفلسف مثل (سِدْهارتا) لهرمان هسّه و(رحلة ابن فطّومة) لنجيب محفوظ، فضلاً عن استحضار أبرز ذكرياته عن رحلاته إلى العديد من الأقطار العربية والأجنبية.

ورغم أن غسان عبد الخالق، لم يدّخر وسعًا لتوثيق ووصف وقائع هذه الرحلة منذ أن انطلقت الطائرة من عمّان وحتى عادت إليها بعد خمسة عشر يومًا تقريبًا، إلا أنه لم يتردّد في الوقت نفسه في تصعيد الوتيرة الدرامية للرحلة، عبر الإفادة من تقنيات الاسترجاع والأحلام والتعليقات المرحة، وبلغة تجمع بين الرصانة والانسياب. لكن الصين ظلّت في هذا الكتاب سيّدة الرحلة دون منازع، حضارة وتاريخًا وثقافة، ومن منظور فكري ونقدي مقارن، بدءًا بكونفوشيوس وليس انتهاء بماوتسي تونغ، وعلى نحو بذل معه المؤلّف جهدًا ملحوظًا للتخلص من ذهنية السائح المبهور وتعميق ذهنية الرحّالة والمؤرّخ والناقد، دون أن ينسى – كلما سمح السياق بذلك- المقارنة بين ماضي وحاضر ومستقبل الصين من جهة، وماضي وحاضر ومستقبل الوطن العربي من جهة ثانية.

وفيما اختار المؤلّف أن يهدي رحلته الروائية هذه إلى سِبطه “يوسف” بوصفه (الوريث الأحدث للسندباد) فقد وشّح الشاعر والروائي جهاد أبو حشيش، المدير العام لدار فضاءات، الغلاف الخلفي للكتاب بإضاءة نقدية قال فيها: (في هذه الرحلة الرّوائية؛ يواصل غسان عبد الخالق إدهاشنا كعادته، عبر إصراره على ارتياد المزيد والجديد من الآفاق، فيرتحل بنا ومعنا من عمّان إلى بكّين، ومن بكّين إلى تشيوفو، ثم رجوعًا إلى بكين فعمّان. ولا يتوقف على امتداد ساعات وأيام هذه الرحلة، عن استفزاز مخيّلتنا ووعينا، بسرده الآسر، وتحليلاته الفكرية الرصينة، ومقارناته الحضارية اللّامعة.

إن غسان عبد الخالق في هذه الرحلة الروائية، لا يطمح لاجتياز خط العبور إلى أدب الرحلات فقط، بل هو يطمح لتثقيف القارئ على نحو غير مباشر، فيحيطه علمًا بأبرز الرّحّالة القدماء والمحدثين، معززًا ذلك ببعض نصوصهم الفاتنة، كما لا يدّخر وسعًا لتعريف القارئ على نحو غير مباشر أيضًا، بأبرز معالم الحضارة الصينية وملامح الفلسفة الكونفوشية والطاوية، وما يمكن أن يناظرها في الفكر العربي.

وإذا كان التساؤل عن أسباب نهوض الصينيين وتراجع العَرَب- رغم التشابه في الظروف التاريخية إلى حد بعيد- يمثّل مضمر ومنطوق هذه الرحلة الروائية دون ريب، فإن غسان عبد الخالق، السارد والناقد والمفكّر، لم يدّخر وسعًا للتعبير عن هذا الهاجس المركزي، بلغة حيوية رشيقة، تفيض بالتشويق والإمتاع).

ويذكر أن الدكتور غسان عبد الخالق قد أصدر عددًا من الأعمال السردية مثل (نقوش البياض/ قصص) و(ليالي شهريار/ قصص) و(ما تيسّر من سيرته/ رواية قصيرة) و(بعض ما أذكره/ سيرة ذاتية)، فضلاً عن عشرين كتابًا في حقلي النقد والفكر. وهو يشغل الآن منصب عميد كلية الآداب والفنون بجامعة فيلادلفيا، ويرأس اللجنة المنظمة لمؤتمرها الدولي السنوي، كما يرأس هيئة تحرير مجلتها الثقافية.

قد يعجبك ايضا