مع حادثة “سطو المفرق”.. البنوك تعود مجددا لواجهة الأحداث الأمنية

51

حصاد نيوز –  مع حادثة السطو “الأخيرة” على فرع بنك المؤسسة العربية المصرفية في المفرق، الأسبوع الماضي، تعود حوادث السطو على البنوك مرة أخرى إلى واجهة الأحداث الأمنية في الأردن.

فعلى مدار عام كامل شكلت حوادث السطو على البنوك، هاجسا أمنيا وقلقا مصرفيا أردنيا، كما كانت مادة خصبة لأحاديث الأردنيين وتعليقاتهم، واللافت في موازاة ذلك أن حوادث السطو هذه، تنفذ بأسلوب جرمي جديد لم يعهده الأردنيون، إلا من خلال ما يشاهدونه من أفلام تلفزيونية، دون أن يغيب عن البال التتابع الزمني لهذه العمليات.
وفي قراءة واستطلاع لأرشيف حوادث السطو، يتبين أن أول حادثة سطو وقعت في 22 كانون الثاني (يناير) 2018 على فرع لبنك الاتحاد في منطقة عبدون بعمان، لتسجل بعدها جرائم السطو على البنوك 12 حادثة أخرى، كانت أولاها في العاصمة
وآخرها لحد الآن في المفرق، إضافة إلى حادثتين في كل من البلقاء – ماحص، ومحافظة إربد، وثالثة فاشلة بمحافظة الزرقاء – الرصيفة.
وبلغة الأرقام فقد بلغت قيمة المبالغ التي شهدتها عمليات السطو تلك وفق الإحصائيات: 385 ألف دينار و37 ألف دولار أميركي، فيما يلاحظ خبراء أمنيون أن عمليات السطو المسلح على مدى العامين الماضي والحالي كانت تقع في مطلع العام.
ويشير هؤلاء الخبراء، في أحاديث منفصلة إلى أن الأجهزة الأمنية نجحت في القبض على معظم مرتكبي حوادث السطو، خلال فترات زمنية قياسية من وقوعها، فيما لا يزال مرتكبو ثلاث من هذه العمليات فارين من وجه العدالة، هم مرتكب حادثة السطو على فرع بنك “سوستيه جنرال” في الوحدات، ومرتكب جريمة السطو على فرع بنك الأردني الكويتي في مدينة إربد، ومرتكب الحادثة الأخيرة في المفرق.
ويقول الخبير الإستراتيجي في الشؤون الأمنية العميد المتقاعد أحمد أبو رمان إن الجريمة “مهما تم تزويقها وتسويغها تبقى جريمة” ومبدأ الشرعية ينص على ذلك صراحة إذ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” ولعل هذا المبدأ يعتبر الضمانة الأولى لحق الإنسان وحريته.
ويضيف إن المتتبع لمجريات الأحداث الأخيرة وتحديداً حوادث السطو على البنوك “لمس ويلمس نوعاً مريباً من التعاطف مع أولئك الذين أقدموا على هذه الأفعال على نحو غير مسبوق، الأمر الذي أسقطه البعض على سياسات الحكومة الأخيرة فيما يتعلق بالضرائب في ظل أوضاع اقتصادية صعبة” يمرُّ بها الإقليم والبلد.
ويؤكد ابو رمان ان الدافع الاقتصادي هو الأبرز من بين الدوافع لارتكاب المجرم هذا الجرم، حيث أن العامل الاقتصادي سواء “ارتفاع نسبة الفقر او زيادة معدل البطالة يلقي بظلاله على العامل الأمني في أي دولة”، مبينا ان “عدم توفر السيولة يدفع إلى ارتكاب الجرم بلا مسؤولية”.
ويشير إلى أن البنوك مؤمنة لدى شركات التأمين ويتم تعويضها في حال حدوث أي ضرر، مشيرا بهذا السياق إلى أن “عدم توفير الحماية الأمنية على كافة الفروع يجعل من البنك هدفا سهلا”.
ويرفض أبو رمان القول بأن “عدم ضبط المجرم يدفع إلى محاكاة الجريمة ثانية، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت من كشف جميع مرتكبي جرائم السطو المرتكبة، لكن يجب عدم إغفال عامل آخر وهو أن “دخول اللاجئين الى المملكة أوجد أنماطا جرمية جديدة وغريبة عن مجتمعنا”.
بدوره، يقول أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي إن الجرائم الواقعة على الأموال في الأردن “تشكل 64 % من الجرائم المرتكبة في المجتمع الأردني ويندرج تحت مسماها السرقة، الاحتيال، إساءة الائتمان”.
ويؤكد أنّ عمليات السطو بهذه الطريقة “تعد من الحالات النادرة خصوصاً في وضح النهار”، مشيراً إلى أنّها حالات جديدة بدأت تظهر في المجتمع الأردني.
ويشير الخزاعي الى أنّ عمليات السطو على البنوك “سلوك مرفوض دينياً وعقلياً واجتماعيا وليس له أي مبرر لتنفيذه، وجريمة السطو المسلح تعدّ من الجرائم الاقتصادية الماسة بأمن الدولة وتهدّد الاقتصاد الأردني، وتصل عقوبة منفذها حسب قانون العقوبات الأردني إلى السجن المؤبد”.
لكنه يضيف ان قرارات رفع الأسعار التي اتخذتها الحكومة أخيراً، “ستؤدي إلى بروز عصابات منظمة للسرقة وانتشار الرذيلة، إضافة إلى حالات الطلاق والعزوف عن الزواج وفساد الأخلاق وتجارة الرق، وعمالة الأطفال والتسرب من المدارس وزيادة عدد المتسولين في الأردن”.
وقال الخزاعي إنّ من أهم الأخطار الاجتماعية التي ستواجه الأردنيين في الفترة المقبلة، “الاعتداء على المال العام وممتلكات الدولة، والعزلة داخل المجتمع، وزيادة عدد المتشائمين بسبب قرارات الحكومة الاقتصادية”، مشيرا الى أن “عدد الجرائم المالية العام الماضي وصل إلى 16661 من إجمالي 24654 جريمة، أي بنسبة 76 %، وغالبية مرتكبيها من المتعطلين عن العمل”.
وبالتنسيق مع مديرية الأمن العام والبنك المركزي، دعت جمعية البنوك أعضاءها الى تأمين جميع فروعها العاملة في المملكة بالحماية اللازمة طيلة فترة دوامها، وربطها بأجهزة إنذار ضد السرقة مع مركز القيادة والسيطرة والمراكز الأمنية ضمن الاختصاص، خلال مدة تنتهي بنهاية الشهر الحالي.
قد يعجبك ايضا