قراءة في مطاردات البوليس السعودي للمطلوبين بالدشاديش والاردنيون المعطوبون بالمنسف

38

4981d32ce2565056b1eb9c73f2815179

أعتز بالدشداشة وبالجلابية، فقد توفي والدي – رحمه الله – وهوي يرتدي الأولى، وإرتدت أمي – رحمها ألله – أيضا الثانية طوال حياتها.
لكن ريبورتاج تلفزيوني بثته محطة السعودية الثانية عن رجال البحث الجنائي السعودي في سيارات أمريكية ‘بوز طويل’ تطارد المطلوبين واللصوص والحرامية والأشقياء أثار حفيظتي.
رجال الأمن يرتدون الدشاديش البيضاء ويطاردون المطلوبين في الشوارع والأزقة! ولوهلة تشعر بأن الهراوة يمكنها أن تتعرقل بالطرف السفلي من القماش والمسدس يكاد ينزلق عن الخصر.
أجريت حسابا بسيطا برفقة قريب لي خبير في المسافات، وشاهد البرنامج معي فإكتشفنا بان الخطوة السريعة التي تسمح بها الدشداشه عند الركض لا تزيد بأحسن الأحوال عن 30 سانتيمترا إلا في حال الإضطرار لرفع الطرف السفلي حول الخصر أو وضعها بين الفكين في مشهد من الواضح أنه مؤذ.
جدتي رحما ألله أيضا- فعلت شيئا مماثلا عندما اجبرتها يوما على إستخدام المصعد، حيث كتمت غيظها وتجمدت وعندما فتح باب المصعد وضعت طرف ثوبها السفلي بين أسنانها وغادرت هاربة مع كل الشتائم المناسبة لحفيدها المرافق.
أحدهم حمل سلاحا رشاشا وإندفع يخرج من السيارة أثناء مطاردة أمنية.. يمكن لا – سمح ألله – أن يحصل أي حادث بسبب هذا الزي عداك عن عملية القفز الرشيقة التي تتحول إلى مهمة مستحيلة تحتاج لتوم كروز في حال الإصرارعلى ‘الزي الوطني’ أثناء مطاردات البوليس.
الدشداش زي محترم ولائق ويمكننا أن نفاخر به الأمم لكنه ممنوع في البارات والعلب والملاهي الليلية ببعض عواصم الخليج العربي.. ما الذي يمنع أن نتيح لشباب الأمن والبوليس فرصة أفضل للحركة والإنقضاض بالتسامح معهم في مسألة الزي الوطني خصوصا خلال المطاردات؟

قميص حسام حسن

على سيرة الدشاديش تهيأ لي وأنا أتابع على ‘الجزيرة الرياضية’ مباراة منتخبنا الوطني ‘النشامى’ مع فريق أورغواي أن لعيبتنا وكأنهم يتحركون بدشداشة فالتمريرات قصيرة جدا ولا تصل والروح القتالية غابت عن الفريق وحارس المرمى تسبقه الكرة بصريا والكابتن المدرب حسام حسن أدار الخسارة بإقتدار وهو يرتدي قميص كاروهات.
بصراحة وببساطة بلعنا الفريق اللاتيني كما بعلتنا السعودية في السياسة وإسرائيل في التطبيع، لكن هذه المباراة تحديدا كشفت لنا حقيقة أهم من الفوز فيها.. الفريق الوطني الأردني في النهاية قام بجهده وواجبه ووصل إلى ما لم يصل إليه أخرون والشعب الأردني أثبت أنه ‘موحد’ ويستطيع أن يكون موحدا وأن الإنقسام الحقيقي خرافة ودجل وفرية ‘رسمية’ بإمتياز.

تلفزيون ومناسف

يلقب في الأردن بـ’أبو السكري’، ويصنف بإعتباره العدو الأشرس للسمنة ولطعام المنسف الشهير.. إنه وزير الصحة السابق الدكتور كامل العجلوني.
الرجل وهو الخبير الأبرز بكل أنواع الغدد الصماء والبكماء ظهر على برنامج ‘يسعد صباحك’ في تلفزيون الحكومة وتدفق وهو ينتقد ويسيء لطبق المنسف متجاهلا مشاعر الشعب الأردني من شتى الأصول والمنابت والذي يعلي قيمة المنسف فوق اي شأن آخر.
على طريقة مريم نور اللبنانية صدم البروفوسور عجلوني الجميع بحقائق علمية عندما قال بأن أكثر 80 % من الأردنيين مصابون بالسكري ساخرا من المواطنين جميعا وتألق العجلوني وهو على الهواء يلقي بالمفاجأة الأكبر: الأردنيون يهتمون بالضعف الجنسي أكثر من إهتمامهم بمعالجة مرض السكري والإمتناع عن إلتهام المناسف.
الأن يمكنني تفسير حالة ‘العطب’ التي أصبنا جميعا بها في الأردن وكذلك حالة العنف والغلاظة والميل للإشتباك فالرجال معطوبون والنساء محتارات وحائرات وضائعات.
وجه البروفوسر الإهانة الأكبر للمشاعر ‘الغذائية’ العامة عندما كشف بأن شيوخ المجتمع الحقيقيون ضعاف البنية ولا يصابون بالسمنة لإنهم لا يشاركون الضيف في الأكل وشرح: من يفعلون ذلك ليسوا شيوخا بل قطاريز ومخاتير ‘القطروز لمن لا يعلم هو خادم الشيخ’.
تحدثت سابقا للطبيب الشهير مباشرة عندما إعتبر بان المنسف مؤامرة على البشرية وصحة الإنسان وعلى الشاشة إستغرب كيف يهتم الأردنيون بمباراة كرة قدم ولا يهتمون بصحتهم وأموالهم وقلوبهم التي يلتهمها المنسف وأطلق التصريح القنبلة: الإفتخار بالمنسف شيء غريب.
مرض السكري تحديدا حسب صديق برلماني يكلف الشعب الأردني مليارا من الدولارات سنويا.. هذا رقم ضخم مقابل صناعة جلطات القلب التي يتقنها طبق المنسف.
أنا شخصيا أضم صوتي لصوت الدكتور العجلوني لكن أذكره بنجوى كرم بالسياق فالمنسف ‘يخرب بيته شو لزيز′.

عقد القذافي الماسي

نجمة الفضائيات الكويتية حليمة بولند التي تميزت بالقدرة على التحدث بكل اللغات واللهجات إبتداء من دارفور وإنتهاء بأدغال إفريقيا، عبورا بالصعيد المصري، إعترفت مؤخرا وعلى الهواء مباشرة بالهدية التي حظيت بها من الزعيم الراحل معمر القذافي وهي عبارة عن عقد ألماس بقيمة مليون دولار.
القذافي بين يدي الحق الأن ويلاقي مصيره الأبدي وسيحاسب على كل أفعاله، لكنه ليس في موقع المصادقة على هذه الرواية أو نفيها، وإن كان المرحوم لم يتوقف عن مفاجأتنا حتى بعدما أصبحت عظامه مكاحل في قبر سري مهجور.
شخصيا لا أرى سببا يدفع مذيعة يفترض أنها واعية للكشف عن هذا السر المستور وتحت أي ظرف خصوصا في برنامج تلفزيوني إسمه ‘الخزنة’.
وأزعم -وأمري إلى ألله – بأن فتح مستودع الأسرار في خزنة تمتلئ بالأخبار الشخصية جدا أو الفضائحية من هذا النوع لا يفيد متلقيا ولا يخدم أمة ولا وطنا بقدر ما ينطوي على إستعراض بائس لا مبرر له.
لا يوجد مشاهد عربي واحد يمكنه الإستفسار عن كل ما يتدلى على عنق زميلتنا الكويتية أو غيرها من نجمات الإستعراض، ما يعني أنه كان بإمكانها الإحتفاظ بالسر المكتوم المتعلق برجل ميت.
أسحب كلامي في حاله واحدة فقط: الهدف بحد ذاته أن نسمع ثم نقرأ ونكتب لكي تبقى النجمة في دائرة الضوء والعرض.

القدس العربي

قد يعجبك ايضا