لماذا أوصت الأميرة هيا في رسالتها إلى الأمير علي بـ «الجنوب»
حصاد نيوز – حت عنوان “عندما تصلي أميرة الوفاء” كتب بلال حسن التل:
لصاحبة السمو الملكي الأميرة هيا بنت الحسين مكانة خاصة في وجدان الأردنيين, وهي مكانة لم تصنعها مكانة إعلامية, يسخرها المشاهير عادةً لرسم صورة زاهية لهم لدى الجمهور, وغالباً ما تكون هذه الصورة زائفة ومصنوعة, بخلاف مكانة سموها في وجدان الأردنيين وصورتها في ذاكرتهم, فهي صورة حقيقية, لها أسباب تاريخية, غذاها سلوك سموها العفوي وبساطتها في التعامل مع الناس, والانحياز لهم في الملمات, حيث تكون سموها معهم قولاً وفعلاً.
ومن الأسباب التاريخية لمكانة سموها لدى الأردنيين هي فوق أنها بنت الحسين العظيم, فإنها بنت الملكة المغفور لها بإذن الله جلالة الملكة علياء, التي ارتقت إلى بارئها شهيدة وهي تتفقد أحوال الجنوب ذات مساء مكفهر الأجواء, حُول ليل الأردنيين وصباحهم التالي إلى ليل ثقيل ويوم حزين, لأنهم فقدوا مليكتهم التي استشهدت وهي تتفقد جنوبهم, الذي هو مكون أساسي من مكونات وجدان الأردنيين وتاريخهم, فمن الجنوب بدأت علاقة الأردنيين بالشهادة بالطفيلة ومؤتة حيث يرقد جعفر الطيار, أول العلاقة بين آل البيت والأردنيين, فمن بوابة جنوبنا دخل آل البيت إلى الأردن مرات ومرات, حتى كان تاج ذلك كله قدوم الملك المؤسس عبدالله بن الحسين إلى الأردن من بوابة الجنوب, لذلك ليس غريباً أن يكون الجنوب وصية هيا بنت الحسين لشقيقها صاحب السمو الملكي الأمير علي بن الحسين في رسالتها التي وجهتها لسموه الأسبوع الماضي, وهي تتابع أحوال أهلها في الجنوب وما أصابهم من ويلات الفيضانات.
في رسالتها المعبرة استرجعت سموها بكلمات بسيطة, لكنها مؤثرة لأنها نابعة من القلب, كل ما يعنية الجنوب للأردنيين عموماً ولسموها على وجه الخصوص, ومن ثم ما يعنيه تعرض الجنوب للعواصف, حيث تقول سموها في رسالتها ” أخي الحبيب علي, تعرف جيداً أن الحالة الجوية الصعبة التي يتعرض لها وطننا الغالي الأردن, ليست غريبة علينا أبداً, فقد عرفنا هذه الأجواء وعايشناها جيداً أنا وأنت في طفولتنا… فأنت تذكر معي جيداً بأن أهلنا وعزوتنا في الجنوب وقفوا معنا, عندما اختطفت العواصف والرياح والأمطار والدتنا الحبيبة علياء في الطفيلة, وكلي ثقة بأنك لن تقصر أبداً في بذل ما باستطاعتك لحماية الأهل في الجنوب من قسوة الطبيعة والضيقات, ومن صعوبة فقدان عزيز علينا, كما عانينا نحن”.
وتختم سموها رسالتها بعد أن توصي أخوتها بالجنوب بالقول: ” أيها الأحباء… سيبقى الأردن الغالي وعشيرتي في بالي وفكري وفي صلاتي أولاً, وسوف ألبي النداء ما حييت”
بهذه الكلمات المعدودات اختصرت سموها مجلدات في معنى الوفاء, وهي كلمات تتضاعف قيمتها لأن سموها تحولها إلى ممارسة فعلية على الأرض, وهي ممارسة تجعل للكلام معناً وطعماً آخرين, من ذلك أن رسالة سموها إلى شقيقها وصلت مسبوقة بطائرات إغاثة ومتبوعة بطائرات إغاثة أخرى للجنوب,مدداً من أهلنا في الإمارات العربية المتحدة, حيث حب الناس لسموها هناك لا يقل عن حب الأردنيين لها هنا, وهذا بعض فيض وفاء هيا بنت الحسين لشعبها, وقبل ذلك لأبويها فتخليداً لذكرى الحسين العظيم ووفاء له وبراً به أقامت سموها “دار أبو عبدالله” بحزمة من البرامج التي تهدف إلى تعزيز قدرات الأفراد, من خلال برامج متخصصة تعنى بمعالجة الأسباب الحقيقية للفقر في الأردن, ولمساعدة الطلبة المحتاجين على إكمال تعليمهم الجامعي, ومن ثم تدريبهم وتأهيلهم للعمل وفق احتياجات السوق, هذا فضلاً عن برنامج العناية الصحية للكثير من الأسر التي لا تغطيها منظومة التأمين الصحي.
ومثل وفائها لأبيها وبرها به, كان وفائها لوالدتها الشهيدة المغفور لها بإذنه, الملكة علياء وبرها بها من خلال تأسيسها لتكية أم علي, التي تطعم كل يوم عشرات الآف المحتاجين, وهذه ميزة أخرى لسموها, بأن توجه عطائها للفقراء والمحتاجين, ساعية إلى انتشالهم مما هم فيه, مما يعني عشرات الآف الألسن التي تدعو يومياً بالرحمة لأبويها وبالتوفيق لسموها, وهو دعاء يمهد الطريق لدعاء سموهاخاصة دعائها للأردن ليكون مقبولاً عند الله بإذنه تعالي, الذي نضرع إليه عزوجل أن يحمي سموها ويحمي سائر أصحاب السمو الأمراء والأميرات, في ظل عميد آل البيت جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين, ويجعلهم نبتاً طيباً من شجرة طيبة في أرض طيبة.