مجلس أعيان الأردن: خط سعودي وآخر يغازل بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي
لا توجد رسالة سياسية مؤكدة على المستوى الإقليمي يمكن رصدها في تشكيلة مجلس الأعيان الأردني الأخيرة حتى بعد بروز رسائل متقاطعة تجاه بعض الملفات الأساسية التي يعتقد أنها ينبغي أن تحظى بالأولوية في المرحلة الحالية والمقبلة.
حلفاء السعودية أو رموز الخط السعودي تحديدا في طبقة النخبة الكلاسيكية الأردنية مثل الوزراء السابقين نايف القاضي وصالح القلاب والرئيس الأسبق للوزراء فيصل الفايز تقدموا الصفوف من الناحية العملية في التركيبة الجديدة لمجلس الأعيان.
في المسألة السورية يمكن ببساطة ملاحظة وجود تفاضل عددي في بعض الشخصيات التي أظهرت في الأونة الأخيرة اهتماما علنيا بالتباحث في خطوات للانفتاح على النظام السوري بعد التحولات الإقليمية الأخيرة مما يبرر وجود شخصيات من طراز معروف البخيت وسمير الرفاعي.
البخيت من المتوقع أن يجلس في كرسي نائب رئيس مجلس الأعيان وهو وضع يمكنه من ‘تدوير’ فكرته المتعلقة بالانفتاح على دمشق لكن وجود ثلاثي الخط السعودي بقوة في المواقع العشرة الأولى للمجلس بتركيبته الجديدة قد ينطوي على تطمينات للدولة السعودية.
هنا حصريا يمكن ملاحظة أن رئيس الوزراء الأسبق الشاب سمير الرفاعي يجلس في الأعيان بمقعد والده المخضرم زيد الرفاعي بعدما أظهر اهتماما بالتحدث مع حلفاء للنظام السوري في عمان.
هذه التطمينات التي أرسلتها عمان للرياض لا تتعلق فقط بالأعضاء لكن بعدم وجود أي ممثل لا للاخوان المسلمين ولا للتيارات الإسلامية وخلافا للعادة المألوفة إضافة لعدم وجود رموز إصلاحية صارخة يمكن أن تثير في السعودية هواجس انتقال ‘عدوى’ الديمقراطية.
تلك يمكن اعتبارها رسالة إضافية لمصر في عهد السيسي حيث يخرج الاخوان المسلمون أو حتى المنشقين عنهم من دائرة الحكم والقرار الأخيرة التي كان يمكن لها أن تستوعب بعضهم تحت عنوان ‘الإدماج والمشاركة’.
خط المؤسسات الفلسطينية الرسمية أيضا تم تمثيله بشكل رمزي عند التجديد للوزير الأسبق كمال ناصر العضو القديم والمخضرم في حركة فتح وأحد الحلقات الأساسية بين مؤسسات القرار ومساحة النقاش بملف التمثيل.
استبعدت تماما فكرة وجود ‘مقاتلين’ لصالح الإصلاح والديمقراطية من دعاة النظرة الجديدة للأمور من التشكيلة في رسالة إضافية من الواضح أنها تخاطب منظومة دول الخليج التي تنفق المليارات لإمتصاص موجات الربيع العربي على حد تعبير الكاتب الإسلامي حلمي الأسمر.
الجمع بين ممثلي الخط السعودي في الصالونات الأردنية وبعض المهتمين بإطلاق مبادرات انفتاح مع بشار الأسد لا ينطوي فقط على مغازلة ضمنية للتيار المحافظ وللغرائز السعودية المتخاصمة تلقائيا مع الانفتاح والإصلاح والديمقراطية. ولكنه في الطريق يحاول لفت النظر مجددا للعبة قديمة مستهلكة قوامها الإيحاء بأن عمان لا زالت قادرة أو تفكر بالتعاطي مع معسكرين متناقضين اليوم وفي حالة صدام هما معسكر الرياض ومعسكر دمشق.
حركة حماس أيضا إلتحقت بالاخوان المسلمين من حيث الإقصاء مع إضافة واضحة تمثلت بوجود تفاضل عددي ونوعي في خصومها العلنيين بالساحة ابتداء من رئيس المجلس الجديد الروابدة الذي طردت حكومته أصلا خالد مشعل وحركة حماس قبل نحو 12 عاما ومرورا بوجود شخصيات من بينها نايف القاضي وصالح القلاب وغيرهما.
محليا التركيبة تبعث برسالة واضحة المعالم قوامها المرئي إستحكام التيار المحافظ تماما واستبعاد رجال الدولة والنظام المقاتلين في نطاق فكرة ‘الولاية العامة’ مثل عون خصاونة وعبد الكريم كباريتي وأحمد عبيدات وإلى حد ما طاهر المصري نفسه.
بالمقابل تكرس التيار المتشدد في مسألة العدالة والإنصاف والمساواة بثقل واضح بعد وجود رجائي المعشر والقاضي والروابدة نفسه وعدد مؤثر ومهم من دعاة التحذير من الوطن البديل وكبار رجال حزب الإدارة العامة المغرق في العقيدة البيروقراطية.
بالتوازي إقتصر التمثيل الفلسطيني على نكهات ممثلة لحركة فتح أو على شخصيات تكنوقراطية غير مؤثرة في الشارع ومعنية حصريا بالملف الاقتصادي مثل محمد حلايقة وجواد العناني.
ومع وجود خالد الإيراني وسمير الرفاعي وعلاء بطاينة ورجائي المعشر يمكن القول بأن الفريق الاقتصادي في المجلس الجديد يميل إلى التمثيل المختلط المتوازن مع أغلبية واضحة لممثلي رأس المال ومن يؤمنون بإصلاح اقتصادي يتجاهل اتجاهات الشارع.
حزبيا حظيت المجموعة التي يقودها عبد الهادي المجالي بعنوان التيار الوطني بحصة كبيرة تمثل ثلاثة مقاعد خصصت لمن خسروا الانتخابات البرلمانية في التيار في مقياس لم يشمل أحزاب وتيارات أخرى بما فيها أحزاب الوسط لان الزحام يتعاظم في حضن الدولة على حد تعبير الكاتب الإسلامي ياسر زعاترة.
عشائريا تم استبعاد شخصيات مهمة جدا وبرزت خيارات اعتمدت محاصصة جغرافية وعشائرية غير مفهومة أخذت بالاعتبار الخبرة التكنوقراطية فقط والسبب واضح ومباشر ومكشوف ويتمثل في طبيعة وتركيبة الشخصيات التي هندست المجلس وإختارت الأعضاء.
محصلة القول تجاهلت تركيبة مجلس الأعيان الأخيرة تماما الموضوع الإصلاحي السياسي وعكست تفوقا واضحا لرموز التيار المحافظ والحرس القديم وعاد المجلس في أحضان البيروقراط والتكنوقراط المحافظ وبتفاصل عددي هدفه التصدي لانحيازات مجلس النواب التشريعية مستقبلا مع رسائل بالبعد الإقليمي تقول فقط بمجاملة النظامين السوري والسعودي ومعهما منظومة دول الخليج ومصر السيسي.القدس العربي