انتقادات دولية “لتراجع” الحريات في المملكة

49

44222_1_1382649575

قال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني إن “النهج الإصلاحي للأردن يقوم على التطور التدريجي المستمر، المستند إلى توافق الأغلبية وإدماج الجميع، والتحول الديمقراطي والتعددية، واحترام آراء الآخرين وقبولها، والبناء على ما تم تحقيقه من إنجازات”.

وأضاف في كلمة له خلال ترؤسه وفد الأردن لمناقشة التقرير الوطني لآلية الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، إن “حماية وتعزيز حقوق الإنسان في الأردن تستند إلى إرث حضاري ومبادئ راسخة لدى المؤسسات الوطنية وقيادة هاشمية مستنيرة ومنفتحة”.

وعرض المومني ما قامت به المملكة لتنفيذ التوصيات التي قبلتها في الدورة الأولى لمجلس حقوق الإنسان في شهر شباط (فبراير) 2009، والمستجدات والتطورات على حالة حقوق الإنسان.

وأشار إلى التعديلات الدستورية وتحديث تشريعات عدة شملت قوانين الأحزاب، والانتخاب، والاجتماعات العامة، وقانون المطبوعات والنشر، وإنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب، واستحداث مجموعة مؤسسات دستورية رقابية، كالمحكمة الدستورية، بما يعزز نهج النزاهة والشفافية.

واعتبر المومني إجراء الانتخابات البرلمانية والبلدية، حدثين مهمين على طريق الديمقراطية والإصلاح الشامل، وإنجازا حضاريا كبيرا يسجل للأردن ولمؤسساته الدستورية.

وقال إن “الأوراق النقاشية الأربع التي أصدرها جلالة الملك، كانت اللبنة الأساس في إثراء الحوار الوطني حول النموذج الديمقراطي المنشود وأهدافه، والأدوار المطلوبة من كل الفاعلين في العملية السياسية”.

وأضاف أن “التوجيه الملكي بإجراء تعديل على قانون محكمة أمن الدولة وحصر صلاحياتها ضمن أحكام الدستور على جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب والمخدرات وتزييف العملة، جاءت تعزيزا للخطوات الإصلاحية”.

وبين أنه لتعزيز مشاركة المرأة في صنع القرار وزيادة حضورها في الحياة العامة، رفع عدد المقاعد المخصصة لتمثيل المرأة إلى 15 مقعداً، ليرتفع عدد النواب من النساء إلى 18 سيدة، كما رفع قانون البلديات نسبة الكوتا المخصصة للمرأة إلى 25 % من عدد أعضاء المجلس.

وأكد المومني استمرار الحكومة بنهج الحوار مع الجميع حول كافة القوانين والتشريعات، ومنها قانون المطبوعات والنشر، بما يضمن تعزيز الحرية والمسؤولية.

وقال إن “إقرار القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر، جاء بهدف تنظيم عمل المواقع الإلكترونية الإخبارية وزيادة المسؤولية والمساءلة والشفافية”.

ولفت الى أن تعديلات القانون هدفها تنظيم مهنة الإعلام في الأردن بعد تسرب “دخلاء” على المهنة، وأثرهم السلبي عليها.
وأشار المومني إلى أن القانون يوفر ميزات، منها أن مواده تمنع حبس الصحفي، والنص على وجود غرف قضائية خاصة في محاكم البداية بالمملكة”.

وبين أنه “قصّر مدد إجراءات التقاضي في قضايا المطبوعات والنشر إلى 4 شهور، ولم يفرض القانون أي رسوم مالية على المواقع الإلكترونية الراغبة في الترخيص، وساوى بين المطبوعة الصحفية والإلكترونية”.

ولفت الى أن “الحكومة لا تستطيع حجب المواقع الإلكترونية المرخصة، وهذا الأمر منوط بقرار المحكمة، كما أنه وفي حال الترخيص يضمن القانون حقوق العاملين بالمواقع الإخبارية، سواء الضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي”.

وأضاف أن تطبيق أحكام القانون لم يؤثر على سقف الحريات ولم يقلل حجم الانتقادات للسياسات الحكومية، موضحا أن المملكة شهدت آلاف المسيرات السلمية، عبر المشاركون فيها عن آرائهم بصراحة وحرية وديمقراطية.
وبين أن قوات الأمن العام أظهرت أعلى درجات المهنية لتأمين الحماية لتلك المسيرات التي حرص المشاركون فيها على سلميتها وحضاريتها، باستثناء بعض الحوادث الفردية.
وأشار المومني الى أنه تم التعامل مع تلك الحوادث الفردية في إطار القانون والقضاء، التزاما من المملكة بتطبيق المعايير الدولية التي صادقت عليها، وإعطاء المواطن الفرصة للتعبير عن رأيه بحرية وأمان في أجواء تسودها الديمقراطية، وقبول الرأي والرأي الآخر. وقال إنه “تمت الاستجابة لمطالب الحراك بإيجابية وانفتاح منذ بدايته، حيث شكلت لجنة الحوار الوطني، وكذلك شكلت بإرادة ملكية لجنة لتعديل الدستور، وأحيل إلى القضاء أشخاص بتهم الفساد ممن تولوا المسؤولية العامة، وتم تعديل قوانين (الانتخاب والأحزاب والاجتماعات العامة)”.

وقُدمت في الجلسة الأممية جملة توصيات، رفعتها 80 دولة، لمناقشة التقرير الدوري الشامل لحالة حقوق الإنسان في الأردن أمس.

وجاء في التقرير أن الأردن أحدث في الأعوام الأربعة الماضية نقلة نوعية في مجالات تعزيز حقوق الإنسان، ومنها النهج الإصلاحي الذي قاده جلالة الملك وتمثل جوهره بتعديل المواد المتعلقة بحقوق الإنسان في الدستور.

لكن في المقابل، انتقدت الحكومة في الجلسة، بخاصة في جانب تعديلات قانون المطبوعات والنشر، معتبرا التقرير أنها مقيدة للحريات الإعلامية، بينما أكد المومني عدم تأثير التعديلات على الحريات الإعلامية.

وأكد أن الحكومة لم ترفض أي طلب لإصدار مطبوعة أو إذاعة، إذ بلغ عدد الإذاعات في الأردن 32 إذاعة و44 محطة، بينما بلغ عدد المواقع الإخبارية المرخصة 140، منوها الى وجود 118 موقعا متخصصا، لا تنطبق عليها أحكام القانون.
ودعت التوصيات في الجلسة الى تعديل قانون المطبوعات والنشر الى خدمة حرية الإعلام، وتعزيز حقوق المرأة وإلغاء كافة أشكال التمييز بحقها.

وانتقدت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا الأردن، لإغلاقه مئات المواقع الإخبارية، إذ أكد ممثل بريطانيا أن الأردن “تراجع خطوة للوراء لتعديله القانون وإغلاقه 300 موقع”.

واعتبر الممثل الأميركي في المجلس الأممي أن إغلاق مئات المواقع الإلكترونية في الأردن، “تقييد لحرية الإعلام”، موصيا بتعديله ومنح الإعلام الأردني والأنترنت حرية أكبر. كما انتقدت كلا الدولتين والسويد “استمرار سياسة اعتقال نشطاء الحراك الشعبي، وتحويلهم الى محاكم عسكرية”.

ألمانيا ممثلة بمندوبها، وجهت سؤالا للحكومة حول مدى تطبيق الأردن لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز للمرأة (سيداو)، متسائلا حول الانتخابات وضمان المساواة في الأصوات.

وفي جانب التوصيات، أوصت ألمانيا باتخاذ تدابير فاعلة لتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب وبث نتائج التحقيق، فيما أوصت الصين بتعزيز الضمان الاجتماعي، بما يكفل حماية معيشية للمواطنين.

وأوصت فرنسا بتجنب السياسات التقييدية على الإعلام، والمساواة بين الرجل والمرأة أمام الدستور، ووقف المعاملة غير الإنسانية في مراكز التوقيف.

كما دعت المكسيك، الأردن لوقف إغلاق المواقع، و”السماح بالمظاهرت السلمية، ووقف منع مواطنين من ممارسة حقهم في التجمع”. أما هولندا، فطالبت بإلغاء محكمة أمن الدولة، وعدم محاكمة المدنيين أمامها، والإفراج عن النشطاء، ومنح الجنسية للأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، فيما أشادت بالتعديلات على قانون محكمة أمن الدولة.

بينما أوصت نيجيريا بتعديل قانون الجنسية، ورفع التحفظات على المادتين 9 و15 من اتفاقية (سيداو)، وأوصت باكستان بتعزيز المؤسسات الحقوقية.

كما أوصت الفلبين بتطبيق المعايير الدولية لحماية العاملين المهاجرين، والتوقيع على الاتفاقية الدولية الخاصة بالعمالة المهاجرة.

وأشادت رومانيا بالتعديلات الدستورية والقانونية الأردنية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، موصية بالمصادقة على البروتوكلات الاختيارية المتعلقة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية.

وأوصت روسيا بـ”حماية الفئات المستضعفة من نساء وأطفال وذوي إعاقة، والتفكير في تعديل دستوري يتعلق بالحماية من العنف الأسري”.

أما السودان فأوصت بضرورة مقاومة العادات الغريبة في المجتمع الأردني، وحثت كوستاريكا الأردن على التوقيع على البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، بينما دعت كوبا وقبرص الأردن الى تحسين ظروف وواقع المرأة، وطالبت جيبوتي باستمرار استقبال اللاجئين السوريين.

وأشادت عُمان بالجهود الأردنية في الإصلاح، معربة عن أملها بمواصلة تدريب القضاة بما يضمن استقلالية السلطة القضائية.
وثمّنت قطر دور الأردن في حماية ودعم التمكين الديمقراطي، موصية بمواصلة الجهود في الاستجابة لاحتياجات اللاجئين السوريين، كذلك الحال بالنسبة للإمارات.

وأوصت مصر بالاستمرار في وضع الاستراتيجيات لضمان حقوق العمالة الوافدة، بالإضافة لوقف كافة أشكال التمييز، منوهة الى ضرورة طرح قضية المساعدات الدولية للأردن لحماية حقوق اللاجئين.

وأوصت العراق بمراجعة التشريعات الخاصة بالعمال، فيما أوصت الكويت باستمرار مساعي الأردن في تنفيذ الاستراتيجية الإعلامية. وأوصت لبنان بزيادة العمل على تشجيع انخراط المرأة في سوق العمل وتوسيع القاعدة الشعبية في صنع القرار، وأوصت ليبيا بإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

وفي ختام الجلسة، أعلن المومني أن الحكومة ستتخذ إجراءات التوقيع على اتفاقية حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، مؤكدا أن توصيات الدول محط اهتمام واسع من قبل الأردن.

قد يعجبك ايضا