القدس العربي: مليونيرات عمان في البرلمان والبدارين يحذر الحكومة
كتب: بسام بدارين- أعتقد بأن بعض المنحدرات أثناء الإنهيار مسموحة عندما يتعلق الأمر بمغادرة كل مساحات التوقع في إدارة التجربة الديمقراطية والبرلمانية خصوصا في بلد كالأردن.
للطبقة التي يحمل كل فرد فيها لقب {مليونير} تأثير متوقع ومنطقي في جميع بلدان العالم وهو تأثير إما ينتهي بتوتير المجتمع وتدمير بنية الدولة والمساس بالمؤسسات وإما يكون منتجا وطنيا ومفيدا للمواطن والوطن والنظام ولرأس المال نفسه وصاحبه.
لسبب أو لآخر حبانا ألله كأردنيين بطبقة مليونيرات يتاجر بعضهم بالسلبية وينتجون يوميا أطنانا من ثقافة الكراهية ويبيعون ويشترون في كل شيء حتى وصل الأمر بنزر يسير منهم للتفكير بشراء مؤسسات الدولة نفسها وقرارها السياسي بعد صمتها- أي الدولة- عن ظاهرة بيع الذمم والمال السياسي وشراء الأصوات في غالبية مواسم الإنتخابات.
مليونيرات عمان إقتحموا منذ عام 2010 كل مساحة إنتخابية في البلاد حتى ولو كانت بحجم قبضة اليد ..سيطروا على الإيقاع وسمح لهم بذلك ثم وقعت بعض وسائل الإعلام بقبضتهم وسمح لهم بذلك.
وإقتحموا بقوة البرلمان ولاحقا تميزوا بشراء الوقت في كل الملفات التي تعنى بالشفافية والفساد ونجحوا أيضا في ذلك.
اليوم يقترب الأردنيون من مأساة أخلاقية حقيقية حيث تشتم رائحة مال سياسي وبقوة تحاول التأثير في بوصلة إنتخابات داخلية للبرلمان.
تلك متتالية هندسية بدأت مع التغاضي الرسمي والأمني والبيروقراطي عن ظاهرة شراء الأصوات
وتواصلت مع السكوت المجاني عن ملفات بعض رموز الفساد.
ولنقولها بصراحة وإختصار: البعض بدأ يتحدث {بتسعيرة} للتأثير في هذه الإنتخابات التي يشارك فيها بالواقع نخبة من أركان البرلمان المحترمون لا فرق بين أي منهم إلا بالتقوى والقدرة على إدارة الأمور.
إستمعت شخصيا لبعض السادة الأعضاء في البرلمان وهم يتهامسون بهذه المشكلة الكبيرة فيما المعركة الإنتخابية مهمة ووطنية وخاضها كثيرون في الماضي بمنتهى النزاهة والشفافية والوطنية وبروح مسؤولة.
وإستمعت لاخرين يتحدثون عن قدرة بعض المرشحين للموقع على توفثير ملاءة مالية بملايين الدنانير لدعم أو إسقاط خيار دون آخر.
وبصراحة أكثر: لم يعد الأمر سرا، ولم يعد من الممكن السكوت عليه وأصبح عنوانا للتندر وللتهامس حول صفقات مشبوهة هنا وهناك .
الأردن يعاني من مشكلات حيوية وأساسية ولا تنقصه إطلاقا مثل هذه التجربة والظروف العامة في المنطقة والبلاد لا تسمح بأي حال بالتغاضي عن هذا الترف وبالسماح للمال السياسي بأن يخطف ما تبقى من كرامة الشعب وهيبة البرلمان التي لوثها البعض أحيانا بالرصاص وأحيانا أخرى بالمناكفة والشغب المعيق لعملية الإنتاج.
ينبغي أن لا يسمح للمال السياسي بدخول هذا الممر مهما كلف الأمر بعدما سمح له تحت وطأة الوصفات الأمنية البائسة بالسيطرة على إيقاع الإنتخابات العامة بحيث وصل الأمر لحجز أطنان من اللحوم مسبقا قبل موسم الإنتخابات بثلاجات عملاقة تحسبا لإقامة الولائم بعد الفوز بالإنتخابات.
تم في الإنتخابات الأخيرة توثيق العديد من حالات شراء الأصوات وفساد الذمة وحجز بطاقات الناس…سكتت الدولة بغالبية أجهزتها تقديرا لحساسية الظروف ولإعتبارات يمكن أن يتفهمها المواطن الحريص على الإستقرار والأمن دون ان يعني ذلك تفويضا من الشعب لنواب الأمة ببيع اي أو كل شيء فكرامة الشعوب لا سعر لها والأردنيون كانوا دوما وأكثر من غيرهم الأحرص على معاني الشرف والرجولة والنقيض الموضوعي للمتاجرة السياسية.
المال السياسي ساهم في إحراج مؤسسة النظام وتسبب لها بالعديد من الصداع وحاول التأثير في مسارات إنتخابية وشكك الناس بدولتهم ومصداقيتها ونفذ مناورات عبر وسائل الإعلام الصفراء إنتهت عمليا بالإساءة لمجمل العلاقات الأردنية العربية والدولية.
هذا المال أفسد الكثير وتسبب بالكثير من الضرر الذي يحتاج لعقود لمعالجته وهو يحاول النفاذ اليوم لمنطقة كانت محرمة دوما بكل اللغات فالمناصب مع شعورنا بالعبث منها كلها كمواطنين ليست للبيع ولا ينبغي أن تكون.
لدي ملاحظات على الإنتخابات التي قادت للمجلس الحالي وعلى المجلس نفسه وعلى جميع المرشحين لهذه المواجهة التي أتمنى على الجميع خوضها بشرف وتخاصم نبيل لكن التحذير واجب فالفأس لم تقع بالرأس بعد.
ثمة مؤشرات قوية على ان تجربة الراحل رفيق الحريري في المال السياسي يسعى البعض لتقليدها في عمان وتلك تجربة سيحاكمها التاريخ لكن يعرف الجميع أنها ساهمت فيما يجري اليوم في لبنان الشقيق.
إذا لم يرتدع من يفكرون بهذه الطريقة أو تتدخل الدولة لحماية البلد من تنامي نفوذ المال السياسي سأضطر آسفا للكشف عن ما لدي من وقائع وإبلاغ الشعب الأردني بما حصل وسيحصل بالتفصيل.القدس العربي