النائب مصلح الطراونة يكتب مرتبكاً وتائهاً…ابنتي وحبيبتي “حلى “

34

حصاد نيوز –  كلما أردتُ مخاطبتك ، تاهت لدي المفردات ، و تداخلت معانيها ، وهذا الارتباك لا يحدث إلا كلما أردت مخاطبة من سكن القلب وامتلأ به الفؤاد ، بأي وصف سأبدأ و بأي منادى يمكن أن ينعتك أب متعب .

فانت الرفيقة و الحبيبة و الابنة البارة التي ما خذلتني يوم رغم كل ما عصف بي . لقد كنت وانت الأنثى بكل ما تحمل الكلمة من معنى السند الذي أستند عليه كلما أرهقتني السنون ، أنت كلها و كلها أنت دون أن أخصك بواحد منها ، فمن الظلم أن يجمعك منادى واحد .

بنيتي و أنت على أبواب الحياة ، تمسكين باليمنى شهادة البكالوريوس في الحقوق بتقدير ممتاز أفخر بك و أكتب لك بمناسبتها ، و أعلم أنك باليسرى تفتحين أبواب الحياة على مصراعيها، أخبرك أنك قد بدأت الآن بالولوج إلى معترك صعب ، معترك لن يثبت و لن يشعر بطعم النجاح فيه إلا من ثابر ، و اجتهد ، ولا يساورك شعور بأنك بتخرجك هذا قد أهين العلم ..

لقد بدأت للتو وإن ما ستتعلمينه بعد ، هو ما سيصقل شخصك و كيانك و ما ستتعلمينه من الأيام هو ما سيبقى في جعبتك قد يكون والدك أقرب مثال لك يا ابنتي ، لن أدلك على أمثلة تتمعنين فيها ، سأترك لك حرية البحث و الأمثلة أقرب مما تظنين .

صغيرة كنت ، تملئين ما فرغته الغربة في حياتنا من مفاصل بالفرح و السعادة ، حملتك أكثر من أي أب حمل ابنته ، و داعبتك حتى رأيت فيك طفولة ، أدركت مؤخرا أني ما طرقت بابها ، أول جملة مكتملة لك كانت سؤالا ، يومها سؤالا لا أنساه عن ابن عم لك في الروضة اسمه مالك (بابا اليوم مالك عايب؟؟ ) ، كررت هذا السؤال أكثر من ثلاثين مرة ، و أجبتك أكثر من ثلاثين إجابة ، لم أشعر بالملل يومها ، إذ لا يليق بأب يا ابنتي أن يمل من أبوته ، وقد أدركت أخيرا انك تقصدين انه غائب.

رافقتنا في حلنا وترحالنا، عانقت مقاعد صالات المطارات معنا و أنت لا تدركين، كبرت يا ابنتي و مضت الأيام و ها أنا أحتفل بيوم تخرجك من الجامعة ، لست كأي أب أمضى حياته بين أقاربه ، و لست كأي ابنة قضت طفولتها و صباها بين أبناء عمومتها و أقاربها ، لذلك أنت الصديقة و الرفيقة ، و الابنة التي لن تكبر ، أنت مخبأ السر ، و ريحانة العمر .

لست في هذه الأسطر بمعرض الحديث عن تفاصيل كثيرة ملأتها ، و فراغات شتى ، اخترت ما يناسبها دون أن تعلمين ، ولكنني أب ، يحتفل بمهجته ، بملء قلبي فخور بك ، و كما لم يفخر أب بابنته .

أسأل الله لك ، حياة ملؤها الأمل و العمل ، و أن يجملك بحسن الأخلاق و طيبها ، و أن يسبغ نعمه عليك ظاهرة و باطنة ، و بورك لك ما أنجزت .

والدك المحب Hala Mosleh Al-Tarawneh
قد يعجبك ايضا