سيف الإسلام القذافي .. هل يصبح رئيس ليبيا القادم؟

49

حصادنيوز-بعد سبعة أعوام على إسقاط نظام والده وقتله في ثورة شعبية اجتاحت البلاد، يبرز اسم سيف الإسلام القذافي على الساحة، كمنافس محتمل على السلطة، وسط توقعات بزخم كبير تشهده انتخابات رئاسية وبرلمانية تقبل عليها البلاد.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، أعلنت المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا بدء عملية تسجيل الناخبين، ورغم أن أغلب الفاعلين الرئيسيين في البلاد متوافقون بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2018، للخروج من نفق الفراغ الدستوري، وأزمة تعدد الشرعيات في البلاد، إلا أنه لحد الآن لم يحدث اتفاق حول آليات إجراء هذه الانتخابات، أو وضع موعد محدد لها.

ويوافق خليفة حفتر، قائد القوات المدعومة من مجلس النواب في طبرق (شرق)، وفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، على تنظيم الانتخابات في 2018، فضلا عن أن المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، أعلن في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إمكانية إجراء الانتخابات بليبيا خلال العام الجاري، وفق خارطة طريق طرحها ووافقت عليها أطراف النزاع.

وتطرح احتمالية ترشح سيف الإسلام القذافي، وإمكانية توليه حكم الليبيين، الذين سجنوه لأعوام، العديد من التساؤلات التي ترتقى لمستوى الألغاز العديدة في هذا البلد، والتي تحتاج إلى إجابة ولو تقريبية ليفهمها العالم.

** إرهاصات الترشح

ودلت عديد الإشارات التي برزت خلال الأسبوعين الماضيين، على نية سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، لاستغلال توافق الليبيين على إطلاق انتخابات في البلاد لطالما رفضها والده خلال فترة حكمه، للعودة لحكم ليبيا من جديد.

ووجه خالد الزايدي، محامي سيف الإسلام، بيانا مرئيا لليبيين، في 22 ديسمبر المنصرم، دعا فيه إلى ‘التسجيل في قوائم الناخبين’.

الزايدي، وفي بيانه الذي بثته قناة ليبيا 24، التي يديرها عناصر محسوبة على نظام القذافي الأب، قال إنه ‘بعد مضي 7 سنوات عجاف من التدخل الخارجي الذي دمر ليبيا.. فإنه يجب على الجميع التسجيل في قوائم الناخبين بمنظومة المفوضية العليا للانتخابات’.

ورغم أن محامي سيف، لم يفصح صراحة عن نية موكله الترشح، لكن ذلك بات شبه مؤكد بعد صدور بيان آخر عن عائلة القذافي المتواجدة خارج البلاد، والتي طالبت هي الأخرى أنصارها بالتسجيل في سجل الانتخابات ‘لإنقاذ الوطن من الضياع’.

وأوضحت العائلة في بيانها أن ‘هذا لا يعني بالضرورة الدعوة إلى دخول الانتخابات أو التصويت وإنما التسجيل المبدئي لإظهار قوة الزخم الشعبي والطوفان الجماهيري الذي ستؤول الكلمة الفصل له’.

** هل يحق للمطلوب الدولي الترشح؟

الأناضول، طرحت بعض التساؤلات التي أثارتها احتمالية ترشح سيف الإسلام القذافي، على مراقبين وسياسيين ليبيين، بدأتها باستفسار قانوني بخصوص مشروعية ترشحه للرئاسة رغم وجود مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بحقه.

خبيرة القانوني الدولي عفاف بدر، أوضحت للأناضول، أن ‘ترشح سيف القذافي خلال الانتخابات المقبلة أمر مستحيل، لأنه مطلوب، والرجل يعلم ذلك جيدا، ولا أظن أنه سيقدم على وضع نفسه في مواجهة المجتمع الدولي’.

وعن سبب تيقنها من ذلك قالت بدر، ‘المبعوث الأممي غسان سلامة، هو ترجمة لإرادة المجتمع الدولي، وحينما صرح قبل أيام بأنه لن يجلس مع سيف لأنه مطلوب دوليا، وهو يقصد بذلك أن المجتمع الدولي لن يقبل ترشحه لحكم ليبيا’.

ونهاية ديسمبر/كانون الأول 2017، قال سلامة، في تصريحات صحفية، إنه ‘لا يسعى إلى لقاء سيف الإسلام القذافي، لأنه مطلوب من القضاء الدولي’.

وتابعت خبيرة القانون ‘ليبيا ليست بمعزل عن العالم، وإن قلنا أن الحل في الانتخابات فتلك الانتخابات، هي إحدى حلول المجتمع الدولي للأزمة الليبية، بالتالي ليبيا لا يمكنها الاستغناء عن محيطها والعالم ولا يمكن الخروج عن سرب المجتمع الدولي لأجل سيف’.

قانونيا تقول المستشارة الليبية عفاف، ‘فرضا أن سيف، أصبح رئيسا فالمجتمع الدولي يستطيع قانونا تجميد أرصدة ليبيا كما فعل خلال الثورة على حكم والده القذافي، إضافة لإجراءات قانونية تصعيدية يستطيع المجتمع الدولي محاصرة ليبيا بها تماما كما يحصل مع إيران’.

وعلى العكس منها، يرى سعيد الفرجاني، المحامي الليبي في حديث للأناضول، ويقول أن ‘الفيصل هو الليبيون وقوانين البلاد’، مقللا من جدوى كون سيف الإسلام، مطلوب لدى القضاء الدولي.

المحامي الليبي لخص حديثه في عدة نقاط بدأها قائلا ‘أولا ليبيا ليست موقعة على ميثاق المحكمة الدولية’، أما ثانيا فإن ‘أعلى سلطة في ليبيا، ممثلة في البرلمان، أصدرت عفوا عاما انطبق على سيف، وهو حاليا يتمتع بحقوق المواطنة كاملة وأهمها حق الترشح’.

وعدّد المحامي ثالث تلك النقاط بالقول ‘على أرض الواقع أمامنا مثال حي؛ الرئيس السوداني عمر البشير، أيضا مطلوب دوليا لكنه يحكم البلاد منذ أعوام، وذلك فقط لأن الفيصل هو شعب بلاده’.

وتطالب المحكمة الجنائية الدولية ليبيا منذ 2011، بتسليمها سيف الإسلام، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية إبان الثورة التي أطاحت بوالده لكن السلطات المتعاقبة في ليبيا تقول إن القضاء الليبي أولى بمحاكمة المتهم.

** حضور الرجل في الملعب السياسي

ويختلف الليبيون أيضا حول حظوظ سيف الإسلام، في تولي السلطة في بلاده، فبعضهم يري بحسب مواقع التواصل الاجتماعي، أنه الأوفر حظا فيما يري آخرون عكس ذلك تماما.

يقول الفريق الأول، بحسب متابعة الأناضول، عبر تلك المواقع، إن ثقتهم تنبع من شيئين، الأول إخفاق الساسة وجميع الحكومات بعد الثورة، وتراجع البلاد في ظل حكمهم إلى الوراء.

أما السبب الثاني، فهو خبرة سيف الإسلام وأعوانه في السياسة وشؤون الحكم، وإمكانية نجاحهم في حل الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية بتلك الخبرة، حسب ما يعتقد هذا الفريق.

أما الفريق الآخر، الذي يرى الفشل مصير نجل القذافي حال أقدم على الترشح، لأنه من المستحيل المجيء بشخص، قُتل إخوته (ثلاثة) ووالده وسُجن سبع أعوام، لحكم البلاد، فمن المؤكد أنه يرى جميع من فيها أعداءه وسبب ما آلت إليه أوضاعه.

ويشير هذا الطرف إلى أن معظم البيوت في ليبيا لديها قتيل سقط خلال ثورة 2011، والقاتل هو جيش نظام القذافي، الذي يعد سيف الإسلام، أحد أركانه، فكيف سيقبل الليبيون أن يتولى أمرهم من قتل أبناءهم!

وبعيدا عن توقعات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فرج الشريفي، الدبلوماسي الليبي السابق في نظام معمر القذافي، عبر عن وجهة نظر أخرى، قائلا للأناضول، إنه سيلخصها في كلمتين وهما ‘المهجّرين.. هم الفيصل’.

وأوضح الشريفي، ‘مناصرو القذافي الذين هُجروا علي يد مناصري فبراير في 2011 (مؤيدو ثورة) أكثر من مليون ونصف ليبي في مصر وحدها، ناهيك عن نصف مليون آخر في تونس، وعدد آخر في بلدان أخرى، وهذا العدد أكثر من إجمالي الليبيين الذين سجلوا في السجل الانتخابي حاليا، والذين سينتخب الكثيرون منهم أيضا سيف’.

وأضاف أنه في حالة جرت انتخابات نزيهة ‘سيسجل كل أولئك المهجّرين، الذين يرون في سيف، السبيل الوحيد لعودتهم لوطنهم وبيوتهم، وسيكونون نقطة الحسم في السباق الانتخابي، لأنهم عدد كاف جدا لاعتلاء سيف سدة الحكم’.

لكن المفاجأة ما كشف عنه أحد المقربين من القذافي الابن، خلال حديث مع الأناضول، فضل فيه عدم ذكر اسمه، إذ قال ‘سيف الإسلام القذافي، لن يرشح نفسه للانتخابات القادمة كما يعتقد الكثيرون’.

هذا المصدر، الذي شغل منصبا في حكم القذافي الأب، قال إن ‘رجال الدولة ومناصري النظام الجماهيري (نظام القذافي) سيعودون من جديد لحكم ليبيا، ولكنهم سيدفعون بشخصية محنكة وذو خبرة للترشح لتولي البلاد لمدة أربع سنوات لتمهيد الطريق لسيف لتولي الحكم عبر الفترة الانتخابية التي تليها’.

وعن تلك الشخصية التي يقول إنه سيتم الدفع بها يقول ‘نحن نجهز لترشح أبوزيد دوردة’، وهو أهم وأبرز الشخصيات في نظام القذافي، لأنه الرجل الذي لم يستبعد من المناصب الرسمية طوال 40 عاما من حكم العقيد.

وشغل دوردة، خلال حكم القذافي الأب، عديد المناصب منها: رئيسا للوزراء (من 7 أكتوبر/تشرين الأول 1990 إلى 29 يناير/كانون الثاني 1994)، وآخرها رئيسا للمخابرات الخارجية، لكنه حاليا يقبع في أحد سجون العاصمة طرابلس منذ 2011.

وتابع المتحدث ‘دوردة، هو أهم شخصية موجودة تمثل النظام الجماهيري والجميع يعرف أنه مثال للنزاهة والوطنية والخبرة والحنكة، حتى مناصري ورجال فبراير (بقصد ثورة 2011 ) يعرفون ذلك تمام المعرفة’.

وختم حديثه بالقول ‘لذلك نحن نجهز للانتخابات حاليا ليتولى أبوزيد دوردة حكم البلاد، تمهيدا لعودة سيف الإسلام معمر القذافي’.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت كتيبة أبوبكر الصديق في مدينة الزنتان، التابعة لقوات مجلس النواب في مدينة طبرق (شرق) بقيادة خليفة حفتر، إخلاء سبيل سيف الإسلام، وذلك في بيان للكتيبة، التي أكدت مغادرته للمدينة إلى وجهة لم تعلن عنها، بالموازاة مع بيان صدر عن المدعية العامة للمحكمة الجنائية فاتو بن سودا، دعت فيه إلى إلقاء القبض على القذافي الابن.

وفي 28 يوليو/ تموز 2015، صدر عن مجلس النواب في طبرق، قانون العفو العام، الذي منح جميع المسجونين العفو عن الجرائم المرتكبة، خلال الفترة من فبراير/ شباط 2011، وحتى صدوره وانقضاء الدعوة الجنائية وإسقاط العقوبات المحكوم بها، وهو ذات القانون الذي عللت الكتيبة به إطلاقها سراح نجل القذافي.

قد يعجبك ايضا