نتنياهو بدأ التجاوب مع الضغط الأردني ويسعى للإفلات من «الخضوع» في التحقيق مع «قاتل السفارة»

40

حصاد نيوز -بسام البدارين- بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التجاوب مع اصرار عاهل الأردن على التحقيق مع الحارس الدبلوماسي القاتل بسلسلة من الخطوات التي تنطوي على محاولة «تلاعب» واضحة وفقاً لمجسات مطبخ القرار الأردني الذي قرر مرجعياً وبقرار قطعي عدم عودة طاقم السفارة الإسرائيلية إلى عمان قبل اخضاع الحارس القاتل في جريمة الرابية إلى التحقيق الذي اشترط وزير الخارجية ايمن الصفدي بان يكون «جدياً وعميقاً».

مساء السبت ورغم انه يوم عطلة في إسرائيل ارسل نتنياهو لعمان رسالتين.. يقول في الأولى أنه أمر مستشاره القضائي والمخابرات العامة الإسرائيلية باستدعاء الحارس والتحقيق معه، وفي الرسالة الثانية طلب مكتب نتنياهو عبر السفير الأردني في تل أبيب الذي مازال بالمناسبة على رأس عمله الإذن بعودة السفيرة عينات شلاين إلى مكتب سفارتها في عمان.

كوشنير: موقف تل أبيب «سخيف»

حصل ذلك مباشرة بعدما وصلت إلى مسامع تل ابيب العبارة الغاضبة التي نقلت على لسان مبعوث السلام الأمريكي واداة الضغط الرئيسية على الأردن من البداية جاريد كوشنير وهو يقول لسفير إسرائيل في الأمم المتحدة «.. ما فعلتموه أمر سخيف.. نعم هذه سخافات».

كوشنير صهر الرئيس دونالد ترامب كان قد شكل اصلاً حلقة الضغط الاساسية على عمان في مسألة اعادة الحارس القاتل والسماح له بالمغادرة، وبعبارته سالفة الذكر كان يعلق على استقبال بنيامين نتنياهو للحارس القاتل امام الكاميرات والمماطلة في التحقيق معه وتسريب مضمون مكالمة نتنياهو التي نصحه فيها بترتيب لقاء حميم مع عشيقته.

طبعاً لم يعلن الأردن هذه المعلومة قناة دبلوماسية غربية تتابع تفاصيل المواجهة الحالية والمستمرة بين نتنياهو والأردن. ملك الأردن كان قد وصف نتنياهو بانه الشخص الذي يسعى للاستعراض وتحقيق مكاسب شخصية على حساب امن المنطقة واستقرارها. وإجراءات نتنياهو لمحاولة إرضاء الأردن وإعادة طاقمه الدبلوماسي إلى عمان كانت «لعوبة» في التقدير الأردني ولسببين.

السبب الأول استعماله لصحيفة «يديعوت أحرنوت» المصنفة باعتبارها موالية جداً لمكتبه وطاقمه في تسريب رواية القاتل في التحقيق الأول والتي تزعم بقصة غريبة وصعبة التصديق قوامها تعرض القاتل للطعن بمفك الأثاث ثلاث مرات قبل انطلاق الرصاصة التي قتلت الشهيد محمد الجواودة فيما اصابت شظية الرصاصة نفسها جسد الدكتور بشار الحمارنة وهو يحاول فك الاشتباك بين الاثنين.

لا تبدو رواية من النوع الذي يمكن ان «تقبله» السلطات الأردنية لكن خط الانتاج الثاني في محاولة نتنياهو التذاكي وبرأي غرفة القرار الأردني كانت عبر تكليف مستشار مكتبه القضائي بالإشراف على التحقيق وعبر تحويل التحقيق إلى جهاز المخابرات اي الشاباك.

في الشاباك موالون متطرفون لنتنياهو ولليمين الإسرائيلي والقضية في التصنيف الجنائي الفني ينبغي ان يحقق فيها جهاز الامن الداخلي لكن الجهاز نفسه الذي دخل نتنياهو معه في خصومة والذي يدقق ايضاً في ملفات لها علاقة بفساد محتمل عند نتنياهو ومقربين منه.

رصد أردني هادئ

يرصد الأردنيون ذلك بدقة وهدوء ولذلك فضلوا التريث واظهار عدم الحماس لعودة سفيرة إسرائيل لمزاولة عملها في الوقت الذي يشتعل فيه الشارع مع كل يوم جمعة مطالبا بقطع العلاقات، ويوقع فيه عشرات النواب في البرلمان على مذكرة تطالب بطرد السفيرة الإسرائيلية بصفة رسمية.

قياساً بحجم الغضب الأردني وتحديداً المرجعي يمكن القول ان المطلوب هو الجرعة الممكنة من خضوع نتنياهو وليس فقط تجاوبه اللعوب. وقد لا يتاح ذلك للأردنيين لكن شعارهم واضح في السياق ولا يتعلق فقط بمحاكمة الحارس القاتل بل ايضا الحقوق بلا انتقاص للأردن كدولة وللشهيدين وعائلاتهم كمجتمع مع ضمان اجبار نتنياهو على دفع ثمن سياسي معقول في المقابل.

نتنياهو حتى اللحظة واستنادا الى مصادر وزارية مسؤولة لا يقدم المطلوب، والأردن في البعد الدبلوماسي والسياسي إزاء واقعة الجريمة على الاقل في موقع صلب ومستحكم لأن المؤسسات والدول التي ضغطت عليه لكي يسمح للقاتل بالمغادرة ينبغي ان تمارس الضغط الان على الطرف الآخر.

هذه الذهنية في التفكير الرسمي الأردني عبر عنها وزير الخارجية ايمن الصفدي عندما قال أن بلاده قامت بواجبها القانوني واظهرت الانحياز لاحترام الذات وقوانين العمل الدبلوماسي الأمر الذي لم تفعله حكومة نتنياهو وهي تنهار أخلاقيا لا بل إنسانيا أيضا عبر الطريقة التي تم بها استقبال القاتل.

الصفدي بدا مرتاحاً لتفهم المجتمع الدولي للفارق الواضح ما بين دولة تحترم القانون وتتحرك في فضاء من الاخلاق وطرف يسقط تماماً هذه الاعتبارات مصراً على التأكيد بان ما فعلته حكومة نتنياهو بالسياق لم يكن انسانياً ولا اخلاقياً.

يبدو ان مرد الارتياح الرسمي الأردني هو الإشادات الدبلوماسية التي عبرت عن احترام تدخلات الدول المحترمة خلافاً لما حصل في تل أبيب خصوصا وان الوزير الصفدي يوافق على ان التعامل الأخلاقي والقانوني بين الدول كان يفترض في الحد الادنى التعبير عن الأسف او التقدم ولو بجملة مجاملة لأهالي الضحايا الذين قتلوا في جريمة واضحة وهو الأمر الذي تجاهله أيضا نتنياهو لأنه «مهووس فقط» برفع استطلاعات الجمهور المتطرف.

قد يعجبك ايضا