ترحيب مسؤولين أردنيين بالخطوة الأمريكة، ربما فسره البعض على أنه تحول في الموقف الأردني الذي طالما نادى بالحل السياسي منذ انطلاقة الأزمة في سوريا قبل سبع سنوات، لكن المتتبع لتصريحات جلالة الملك في مؤتمر صحفي مع الرئيس الأمريكي يدرك أن موقف الأردن ثابت ولم يتزحزح بقوله “نحن بحاجة إلى حل سياسي ينهي الصراع في سوريا ويحفظ وحدة شعبها وأراضيها”، لكن جلالته أبرق برسالة هامة أيضاً في لقاء مع صحيفة واشنطن بوست حين قال ” مستعدون لمواجهة أية تحرك اضطراري للإرهابيين جنوباً بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا”.

كذلك الحال في تناغم للموقف الأردني كان المسؤولون الأردنيون يؤكدون دوماً أن المملكة مؤمنة بحتمية الحل السياسي للأزمة في سوريا، فقد قال وزير الدولة لشؤون الإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة محمد المومني إن الأردن يعتبر  الضربة العسكرية الأميركية للقاعدة العسكرية السورية.رد فعل ضروري ومناسب على استمرار استهداف المدنيين بأسلحة الدمار الشامل وارتكاب جرائم ضد الإنسانية”.

لكن المومني أكد في ذات التصريح أن “التطورات الخطيرة تؤكد مرة أخرى الحاجة الماسة والضرورية لتكاتف المجتمع الدولي من أجل ايجاد حل سياسي للأزمة السورية ودعم الجهود لانجاح مفاوضات جنيف للوصول لحل سياسي”.

تصريح آخر لوزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي لبرنامج “ستون دقيقة” عبر شاشة التلفزيون الأردني يؤكد التزام الأردن برؤيته للحل السياسي، حين أكد “أهمية التركيز على الطرق السلمية لحل الأزمة السورية. وموقفنا واضح ونريد وقف الكارثة الإنسانية التي تخلفها الأزمة السورية ولا بد من  وقف الاقتتال، ونحن نريد حلولاً يقبل بها الشعب السوري الشقيق ووقف الدم”.

*السبايلة: رسالة للداخل الأمريكي ووضع قدم عسكرية
وعقب الضربات الأمريكية أخذ الحديث عن تغير موقف إدارة ترمب صداه في الأوساط المختلفة، لكن الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الاستراتيجية د.عامر السبايلة يرى أن الهدف المتحقق من الضربة الأمريكية بالدرجة الأولى سياسي-داخلي في الولايات المتحدة الأمريكية ومن المبكر وصفها بأنها انقلاب في الموقف الأمريكي، “وباعتقادي أن ما قام به ترمب يهدف إلى تخفيف حجم الضغوطات الداخلية التي تتعرض لها إدارته وعلى رأسها تهم التواطؤ مع روسيا”.

ويُجمل سبايلة الأهداف التي سعى ترمب لتحقيقها من الضربة بـ 3 أهداف:

الهدف الأول: إضفاء طابع أن إدارته في حالة مواجهة مع  موسكو وكذلك تقوم بضرب مصالحها لينفي بذلك تهم انسياق إدارته وراء الدب الروسي.

الهدف الثاني: تهيأة المجتمع الدولي أن الولايات المتحدة صاحبة مؤطئ قدم عسكري في سوريا ولديها مصالح لن تتخلى عنها، وهي تعمل منذ 60 يوماً على ذلك، حيث تؤمن أن تحرير الرقة من قبضة داعش بوابة عبور نحو نسف صورة إدارة أوباما غير القادرة على محاربة الإرهاب.

الهدف الثالث: تهيأة القوات الكردية لتكون شريكاً للقوات الأمريكية في عملية استعادة الرقة التي لاتبدو أنها تقتصر على عملية استعادة أو تطهير من تنظيم داعش بل تبدو في جوهرها عملية استيطان أمريكي طويل الأمد في المنطقة  لوضع اليد على حقول النفط والغاز.

ويختم سبايلة بالتأكيد أن بوابة التسوية الكبرى قد تكون المخرج الوحيد الذي يساعد الجميع على الحفاظ على المكتسبات وعدم الاضطرار لدفع خسائر كبيرة عبر فكرة المواجهة و الحرب.

*الأردن لم يكن يتيماً بموقف الترحيب
موقف الترحيب بالضربات لم يكن الأردن يتمياً في التعبير عنه فعقب الضربة الأمريكة للمطار السوري، أعلنت عدة دول عربية وإقليمية عن تأييدها للضربات، في حين أن روسيا وإيران وحزب الله عبرا عن رفضهم للعملية العسكرية، ونرصد مجموعة من المواقف العربية والإقليمية المؤيدة للضربة العسكرية:

-السعودية: عبرت الخارجية السعودية عن التأييد  الكامل للعمليات العسكرية الأمريكية على أهداف عسكرية في سوريا، ووصف مصدر بالخارجية السعودية القرار الأمريكي بــ  “الشجاع” للرئيس ترمب، رداً على ما وصفه ” جرائم نظام الأسد تجاه شعبه في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن إيقافه عند حده”.

-الإمارات: عبرت على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن تأييد بلاده الكامل للعمليات الأمريكية على أهداف عسكرية في سوريا. ووصف القرار بـ “القرار الشجاع والحكيم”.

-الكويت: عبرت وزارة الخارجية الكويتية عن رفضها الشديد لاستخدام أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة الكيماوية، وأيدت العمليات العسكرية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في سوريا.

-البحرين:  الخارجية البحرينية أكدت أن الضربة الأمريكية كانت “ضرورية لحقن دماء الشعب السوري ومنع انتشار أو استخدام أي أسلحة محظورة ضد المدنيين الأبرياء”.

قطر:عبرت وزارة الخارجية القطرية عن تأييدها  للعلمية العسكرية الأمريكية، وطالبت المجتمع الدولي العمل بجد لوقف “جرائم النظام السوري واستخدامه للأسلحة المحرمة دولياً”.

-تركيا: اعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان أن الضربة الأمريكية خطوة إيجابية ضد “جرائم الأسد بالأسلحة الكيميائية والتقليدية إلا أنها غير كافية لحماية الشعب السوري المظلوم”.

وكان الجيش الأمريكي أطلق، الجمعة، 59 صاروخا من طراز “توماهوك” من مدمرتين تابعيتن للبحرية على قاعدة الشعيرات العسكرية الجوية في ريف حمص وسط سوريا، في رد أميركي على الهجوم الكيماوي الذي شهدته بلدة خان شيخون في إدلب منذ أيام وراح ضحيته عشرات المدنيين من الأطفال والنساء.