”سجان” يروي تفاصيل مثيرة من غرفة الإعدام

29

حصاد نيوز – يكاد لا يخطو خطوة واحدة ويجر جراً نحو نهايته.. ذلك الشخص المحكوم بالإعدام، والذي ينفذ عليه في ساعات الفجر الأولى الحكم، يعيش أصعب تفاصيل دقائقه الأخيرة، في مشهد قصير لكن تفاصيله كثيرة ودقيقة.

هو أشبه بمشهد نهاية الفيلم الذي عرض مراراً بأفلام السينما، صورة تحاكي الواقع وأحيانا الخيال الذي يرسمه البعض منا عن أحداث تلك الواقعة.

سجان ينتمي إلى عهد الراحل الملك حسين، وخدم في نهاية التسعينيات في مركز إعادة وتأهيل إصلاح سواقة يروي التفاصيل الكاملة، لتكتمل الصورة عند القارئ حول مشهد الإعدام.

السجان الذي رفض أن نذكر اسمه لأسبابه الخاصة، يبدأ القصة منذ توقيع الملك على قرار التنقيذ، حيث كان عند عرضه على مكتب الملك للموافقة يحاول الراحل تأجيل المصادقة قدر الإماكن، وإذا حان الموعد، يكتب عبارة ‘ينفذ الحكم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله’.

ويضيف: ‘السجين لا يعلم متى تنفيذ الحكم، ويبلغ فقط قبل التنفيذ بساعة واحدة في جلسة مغلقة يحضرها مدير المركز ونائب عام عمان ونائب عام الجنايات الكبرى ومساعديهم ورجل دين وطبيبا شرعيا ومن نص على حضورهم قانون أصول المحاكمات الجزائية’.

ويصف حالة المحكوم عليه بالاعدام بقوله: يبلغ بالحكم بقراءة نص الكتاب، ومن ثم يسلم يدوياً له، ‘وحينها تكون الفاجعة، حيث منهم من يغشى عليه ومنهم من يستغفر ويتشهد ومنهم من يحاول الاعتداء على الحضور، ومنهم ينهمر بالبكاء، ومنهم من يتلفظ بالشتم والقدح على المقامات العلية، كل حسب شخصيه وطبيعته’، وفق قول السجان الذي حضر عشرات واقعات التنفيذ.

ويقول السجان إن فور إصدار حكم الإعدام على النزيل يعامل معاملة خاصة من قبل إدارة السجن على طول الفترة الواقعة بين صدور الحكم والتنفيذ، وتصبح طلباته في اغلب الأحيان مستجابة، على سبيل المثال إحضار كل ما يشتهيه، من طعام، أو شراب، أو ملابس، وحتى الزيارات.

مؤكداً ان إدارة السجن تكون حريصة كل الحرص من قبله، حيث يكون مقيم في زنزالة انفرادية ويبعد عن المساجين في فترة التشميس، ويدخل عليه على الزنزالة سجانين اثنين على الأقل ويكونوا مسلحين بسلاح مخفي. مبينان سبب ذلك أن المحكوم يكون عدائياً ولا يقبل الأخر إطلاقا.

يذكر السجان أن معظم من صدرت بحقهم أحكام الإعدام، خلال خدمته أصبحوا متدينين وملتزمين بالصلاة والصوم والتقرب إلى الله بالنوافل وقيام الليل؛ لشعورهم بقرب أجلهم.

ويشير أن حكم التنفيذ يكون فجرا في أغلب الأحيان إلا إذا كان أي طارئ، ويطبق الحكم بحضور ذات الهيئة التي أبلغته، حيث يتم اقتياده نحو منصة الإعدام بعد ساعة واحدة من تبليغه.

ويسرد السجان تفاصيل اللحظات الأخيرة للمحكوم عليه، وقال: ‘من بعد ذلك يحضر الشيخ وأخصائيين نفسيين للحديث معه وتهدئته وقرأت آيات قرآنية على مسمعه، وإرشاده إلى طلب المغفرة من الله والاستغفار، وصلاة ركعتين لله تعالى ، ويصعد على منصة التنفيذ بمساعدة السجانين، ويلبس غطاء الرأس ويلف الحبل على رقبته، ويطلب منه نطق الشهادة للمرة الثانية والأخيرة’.

وحول ما يفعل بعد الإعدام، أشار السجان الى أن الجثة تبقى معلقة بعد التنفيذ ما يقارب الساعة، ومن ثم تنزل ويتم التأكد من وفاته من قبل الطبيب الشرعي الموجود.

وتؤخذ الجثة بعد ذلك، بحسب ما يقول السجان إلى ‘الغرفة السوداء’ في مستشفى البشير، وتشرح الجثة للتأكد من أن سبب الوفاة هو الإعدام.

وفي النهاية، يقول السجان: ‘يبلغ أهل المعدوم بالحضور لاستلام الجثة، ومنهم من يرفض استلامها، حينها يقوم ممثلين عن جهاز الأمن العام ومصلحة السجون ودائرة قاضي القضاة بدفن الجثة ليلا’.

السجان الذي خدم عدة سنوات في مركز إصلاح وتأهيل السواقة، والموجودة فيه منصة الإعدام الوحيدة بالمملكة، يقول خاتماً سرده، بقول الله تعالى: ‘ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلّكم تتقون’.

قد يعجبك ايضا