الاخوان في «الصمت النسبي» بعد «الكمون التكتيكي»: ترتيبات مع الدولة العميقة

23

حصادنيوز-لا يتصدر الإخوان المسلمون في الأردن الاعتراض الشعبي على موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة.
وأوقف التيار الإخواني بعد فوزه بـ144 مقعدا في البرلمان بموجب الانتخابات الأخيرة كل أنماط فعالياته في الشارع فيما تقلص إلى حد بعيد النقاش حول بدائل الإخوان من المنشقين عنهم الذين خضعوا للتغذية والتسمين من جانب السلطة.
في اتفاقية الغاز المثيرة للجدل مع إسرائيل تقصد الإسلاميون عدم التصعيد.
كذلك عندما تعلق الأمر بالملف الشائك وهو القدس المحتلة والمسجد الأقصى والولاية الدينية الأردنية.
تحت قبة البرلمان لا يتباين الموقف التكتيكي «غير الهجومي» للكتلة الصلبة التي تساند الإخوان المسلمين حيث لا أصوات معارضة بقوة ولا مداخلات يمكن اعتبارها ثاقبة للسقف المتوقع، وحتى في بعض المراحل «خيبة أمل» في أداء بعض نواب الكتلة الذين لم يسمع الرأي العام من وعن كثيرين منهم.
طوال مرحلة الانتخابات كانت الأوساط الرسمية تصر على أن كتلة نيابية قوامها خمسة من نواب الإخوان المنتظمين كفيلة بإقلاق الحكومة.
لكن الكتلة تبلغ 14 عضوا برلمانيا اليوم والجلسة الأخيرة كشفت عن دور هش لكتلة التيار الإسلامي عندما اخفق المجلس في عقد جلسة مناقشة عامة لملف الأسعار الجماهيري حتى أن عضوا مقربا من كتلة الجماعة هو مصلح طراونة اقترح تأجيل الجلسة التي عقدت بدون نصاب حقيقي وحتى بدون مداخلات على قدر أهمية الموضوع.
في كل الأحوال بدأت جماعة الإخوان المسلمين المتوارية عن الأنظار سياسيا وإعلاميا والمكتفية بالشرعية المنتجة على أعتاب البرلمان تميل إلى حالة كمون غير مفسرة وصمت كبير في الكثير من الأحيان ومداخلات واعتراضات محدودة خارج المألوف والتوقع.
على المستوى الفردي لم يقدم نواب الكتلة الإخوانية ما تذكره الجماهير من مواقف باستثناء حالات فردية وصغيرة. بعض مداخلات القطب صالح عرموطي مثيرة للانتباه ورئيس كتلة الإصلاح الدكتور عبدالله عكايلة يجمد طموحاته التي تحدث بتوسع عن جزء منها في حديث شامل لـ «القدس العربي» سابقا وهجمات النائب القوي ثامر بينو هي التي تظهر بين الحين والآخر وتصريحات الناطق الرسمي باسم الكتلة الدكتورة ديما طهبوب تثير من الجدل أكثر ما تجمع من التحشيد الشعبي.
يقدم الإسلاميون في البرلمان كغيرهم تساؤلات للحكومة ويحولون بعضها لاستجوابات ويعترضون على الكثير من السياسات لكن بهدوء بالغ غير معهود بل مريب سياسيا بالنسبة حتى لبعض أنصارهم خصوصا وهم خارج المؤسسات واللجان الأهم التي تحكم البرلمان.
عضو الكتلة موسى الوحش لم يقدم شيئا يذكر في لجنة الأسعار التي انضم إليها وزميله إبراهيم أبو السيد شوهد على شاشة التلفزيون يستعمل عبارة في غاية المبالغة في وصف «معلومات خاطئة» عن تعرض أحد المساجين للضرب والتعذيب حيث قيل بأن أسنان السجين تكسرت فيما قدم النائب المشار إليه شهادة متلفزة تحدث فيها عن تفحصه شخصيا لأسنان المواطن السجين قائلا بأن الأسنان كانت تماما كـ «اللؤلؤ».
حتى بعض نواب الموالاة لا يتقدمون بمثل هذا الوصف لصالح إدارة السجون فيما ينمو الشعور العام بأن كتلة الإصلاح التي وعد العكايلة بأن تشكل علامة فارقة في البرلمان الجديد لا زالت «تائهة» وأحيانا «تترنح» في مواجهة التحالف الذي يقوده رئيس المجلس عاطف طراونة والذي صعدت خطة رفع الأسعار على أكتافه أصلا.
يحصل كل ذلك مع إخوان الأردن لسبب على الأرجح وتتجه الجماعة لمساحة الكمون هذه لغرض سياسي على الأغلب فالأجندة الإقليمية ـ كما يتصور كثيرون ـ لم تعد لصالح التيار الإخواني خصوصا في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب حيث التقاطع العلني مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بمصر والاحتمالات القوية لإعلان حظر الولايات المتحدة للتيار الإخواني.
تحتاط جماعة الإخوان لكل الاحتمالات خصوصا في الأردن وتسعى لتجنب أي مواجهة أو احتكاك مع السلطة وتوجه رسائل للنظام تغرق أحيانا في النعومة حتى تمر عاصفة محتملة أو حتى يولد مشروع سياسي إقليمي جديد يناسب الجماعة ورؤيتها وفقا للبيكار الإقليمي والدولي.
هدف الجماعة ملموس وهو إظهار حسن النية والرغبة في تحمل المسؤولية وتجنب الصدام أو العودة لنقطة الصدام القديمة مع السلطة في الأردن والأهم قد يكون إظهار قدر من الاحترام للترتيب «غير العلني» الذي جرى خلف الستارة قبل الانتخابات مع بعض تعبيرات الدولة العميقة وعبر وسطاء.

قد يعجبك ايضا