حصادنيوز-بسام البدارين اختصر وزير الخارجية الأردني الجديد أيمن الصفدي مساحة واسعة من البروتوكول عندما التقى في قمة دافوس الأخيرة وبعد ساعات فقط من استلامه مهامه الجديدة العشرات من رموز العمل السياسي والدبلوماسي وقادة العالم.
ويستثمر الوزير الصفدي ببطء ولكن بعمق في تلك المساحات التي توفرها المظلة الملكية الأردنية وسط المجتمع الدولي ويقر على هامش مناقشة سريعة مع «القدس العربي» بين محطتي موسكو وواشنطن بأن المطلوب منه ومن غيره في أطقم الإدارة العمل فقط بسبب المكانة الكبيرة للبلاد والملك في الأروقة الدولية.
وعموما وبعيدا عن هذه التفصيلات أجندة الوزير الصفدي كانت مليئة بالحراك والعمل مؤخرا. بعد دافوس غادر إلى موسكو وحضر قمة الملك عبدالله الثاني مع الرئيس فلاديمير بوتين التي خطفت الأضواء محليا وإقليميا في الأونة الأخيرة عشية التحضيرات لاستضافة القمة العربية.
ولم تنكشف بعد طبيعة أوتفصيلات النقاش الأردني الروسي الحيوي الذي تستطيع «القدس العربي» أن تؤكد بأنه أنجز في ظل تنسيق أردني مع طاقم الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب.
والأهم في ظل مشاورات مع المملكة العربية السعودية التي يتردد أنها كانت حاضرة في لقاء موسكو على نحو أو آخر.
مهم جدا في السياق ملاحظة الحركة التي لم تكن مبرمجة وبدت مفاجئة للعاهل الأردني بعد لقاء موسكو حيث غادر إلى لندن يومين ثم يفترض أن يتوجه اليوم الإثنين إلى واشنطن وللمرة الثانية في أقل من شهر.
وما أعلن عنه رسميا هو لقاءات سيجريها الملك في واشنطن مع أركان طاقم ترامب وشخصيات أساسية في الكونجرس.
ولم يعلن عن لقاء متوقع مع الرئيس ترامب نفسه لأن الاتصالات الترتيبية حصلت عبر دائرة ضيقة للغاية في الديوان الملكي الأردني ولم تكن المستويات السياسية والدبلوماسية بالصورة.
لم تعرف بعد المستجدات التي حركت المؤسسة الأردنية مجددا باتجاه واشنطن مباشرة بعد الوقوف على محطتي موسكو ولندن.
ولكن يمكن قراءة بعض المضامين المتوقعة من باب التحليل للطبخة المحتملة فالأردن في ظل ظرف اقتصادي حساس وخيارات إقليمية حرجة والحاجة ملحة جدا لضخ مياه جديدة في جسد «الدور الإقليمي الأردني».
هنا لابد من التوقف عند الحاجة الأساسية للتنويع في الخيارات الدبلوماسية وإلى مبادرة فعالة وسريعة بالمسار الاقتصادي قد تفسر العودة السريعة لأطقم الحزب الجمهوري في الكونجرس وعبر قناة الملك تحديدا وشخصيا.
والتواصل مجددا مع رموز في إدارة ترامب قد يكون من بينها هذه المرة وزير الخارجية المرشح الجديد ريكسي تيلرسون الذي يتردد أن صلة إيجابية تربطه بالأمير الشاب الذي أصبح مؤخرا كبيرا للأمناء في القصر الأردني هاشم بن الحسين.
منطقيا يمكن القول بأن مغادرة الصفدي فورا بعد موسكو إلى واشنطن قد تنطوي على تمهيد لتواصل ما مع طاقم الخارجية الأمريكية الجديد.
ويمكن القول بأن التسريع باتصالات مع الكونجرس قد يوفر حماية للاستثمار في مشروع الطاقة الأردني الجديد. وهو المشروع النووي عبر روسيا وبإسناد أمريكي وباحتمالية مرجحة لتمويل سعودي محتمل حسب بعض التقديرات.
وفي الوقت نفسه لا يمكن قراءة الحركة الأردنية المتكررة وبسقف زمني قصير بإتجاه واشنطن وللمرة الثانية خارج سياق التفاعل الكبير للاتصالات الأردنية الروسية أولا والأردنية السورية المباشرة ثانيا تحت عنوان ما يمكن أن يحصل في جنوب سوريا.
قد تبدأ قريبا إستراتيجية جديدة تتطلب حصول الأردن سريعا على ضوء أخضر من الطاقم الجديد في البيت الأبيض بامتداد مواجهة الإرهاب عسكريا لمناطـق نفوذ تنظيم «الدولة ـ داعش» في جنوب سوريا وصـحرائها وتـحديدا في تدمـر ومحـيط جبل العـرب.
أغلب التقدير أن الأردن يناور ويحاور ويتحرك بسرعة وفعالية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وإقليمية قبل أن يتقاسم الجميع كعكة الطاقة ومشاريع إعادة إعمار سوريا بدونه وبعيدا عنه.
وتحاول عمان عبر مناوراتها الأخيرة بين موسكو ولندن ثم واشنطن التسلل بدورها ومصـالحها بعـد الاستعصاء المالي الاقتصادي الخليجـي أولا والإسـرائيلي اليمـيني المتطرف ثانيـا.
هل يتجاوب البيت الأبيض مع الحراك الأردني النشط المتواصل فيترتب الأمر بلقاء قمة مبكر جدا مع ترامب؟ أتوجد إجابة معلوماتية شافية حتى اللحظة لكن من الواضح أن عمان تلقت رسالة ما من «أصدقاء مهمين» تمكنت من التقاطهم مؤخرا في طاقم ترامب وسهلوا لها مهمة التواصل الأوسع مجددا.