فلسطينيون: قرار مجلس الأمن حول الاستيطان بلا آلية إلزامية لتنفيذه

17

حصادنيوز-دخل قرار مجلس الأمن الدولي حول وقف الاستيطان، الذي صدر مؤخراً، في مرحلة حرجة من مصيره، عند مقارعته إسرائيلياً بمخططات استيطانية جديدة، بينما سيجد الفلسطينيون أنفسهم، غداة انقشاع أجواء الحفاوة به، خالي الوفاض بلا آلية أممية إلزامية لتنفيذه فعلياً.
وقد ناقشت اللجنة المركزية لحركة “فتح”، أمس في رام الله، برئاسة الرئيس محمود عباس، حيثيات القرار، في ظل ضيق الخيارات المتاحة أمام الموقف الفلسطيني، راهناً، واصطفافه إلى “جانب أقرانه في سجل الأمم المتحدة الحافل بقرارات مشابهة”، وفق مسؤولين فلسطينيين.
ولم يستبعد المسؤولون “تأجيل خطوة طرح ملف الاستيطان أمام المحكمة الجنائية الدولية إلى وقت غير محدد”، بما يجعل القرار الأممي رهين تقارير دورية يقدمها الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن لرصد واقع التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، وبالتالي لن يكتسب بعداً آخر.
ومع غياب ضغطي الالتزام بالقرار وفرض العقوبات على الطرف المخالف؛ إزاء صدوره بموجب الفصل السادس من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، فإن “القيادة الفلسطينية ستعود مجددا إلى مربع الصفر حيال المطالبة المتواترة بوقف الاستيطان، رغم التأييد الدولي الجارف لموقفها”، وفق قولهم.
بينما ستتوفر الأجواء المواتية لتنفيذ المخططات الاستيطانية الإسرائيلية، بعيدا عن الرسالة السياسية الوازنة التي يبعثها القرار الأممي لسلطات الاحتلال، لدى صدوره بأغلبية 14 عضوا من أعضاء مجلس الأمن، مقابل امتناع الولايات المتحدة، بما يؤكد الإجماع الدولي حول وقف الاستيطان.
ورأى مدير دائرة الخرائط والمساحة في بيت الشرق بالقدس المحتلة، خليل التفكجي، ان قرار مجلس الأمن الأخير “لا يكتسب الأهمية الكبيرة، إزاء صدور العديد من القرارات الأممية المشابهة حول الاستيطان، لاسيما القرار رقم 465 العام 1980، والذي يناقشه بالتفصيل والتركيز المعتبرين”. وقال التفكجي، لـ”الغد” من فلسطين المحتلة، إن هذا “القرار غير الملزم لن يجبر سلطات الاحتلال على وقف الأنشطة الإستيطانية، أو تغيير الحقائق في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، المتواصلة منذ العام 1967 لمنع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة”.
ولفت إلى “المخطط الإسرائيلي الخطير بإقامة 58 ألف وحدة استيطانية في القدس المحتلة، حتى العام 2020، والمخطط المماثل لعام 2050 لتوسيع حدود القدس، وإقامة أكبر مطار مدني في منطقة الأغوار، وضم المستوطنات”.
وأوضح بأن “الاحتلال الإسرائيلي لم يلتفت إلى أي من القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة حول وقف الاستيطان، حيث سيمضي في تنفيذ مشاريعه بالأراضي المحتلة”.
ومن الجدير ذكره هنا ارتفاع وتيرة الاستيطان، منذ العام 1980 حتى اليوم، ببلوغ عدد المستوطنين إلى زهاء 680 ألف مستوطن في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.
الموقف الأميركي والقرار غير الملزم
ولا يعد امتناع الولايات المتحدة عن استخدام “الفيتو” ضد القرار الأممي بشأن الاستيطان بالأمر غير المسبوق؛ حيث مررت، منذ العام 1967، قرارات متعلقة بالصراع العربي – الإسرائيلي، بنحو 47 مرة، ولكنه الأول من نوعه في عهد الرئيس الأميركي، باراك أوباما.
من جانبه، اعتبر خبير القانون الدولي، أنيس قاسم، أن هذا القرار الأممي “لا يضيف شيئاً إلى سجل الأمم المتحدة الحافل بالقرارات المماثلة، رغم التقدير والشكر للدول الراعية والمصوتة للقرار في مجلس الأمن الدولي”.
وقال قاسم، لـ”الغد”، إن “واقع إقامة المستوطنات واستحداث التغيير الديمغرافي والإداري الذي تشرع بهما سلطات الاحتلال منذ العام 1967 في الأراضي المحتلة لم يتبدل، رغم القرارات الصادرة عن مختلف أجهزة الأمم المتحدة، بدءا بالجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي و”اليونسكو” ومجلس الأمن حتى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية”.
وأضاف إن “موقف جل تلك القرارات ثابت حيال اعتبار القدس أراضي محتلة، كما الأراضي الفلسطينية محتلة وتنطبق عليها اتفاقيات جنيف، لاسيما الاتفاقية الرابعة منها والخاصة بحماية السكان المدنيين، والاتفاقية الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب”.
ومنذ “سبعينيات القرن المنصرم؛ التي عرفت زيادة في حجم البناء الاستيطاني، بدأت القرارات الدولية تتناول عدم مشروعية ولا قانونية الاستيطان في الأراضي العربية المحتلة”.
واعتبر أن “القرار الأممي الأخير لم يأت بجديد، ذلك لأنه يندرج تحت إطار الفصل السادس من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، حيث تعد القرارات الصادرة بموجبه غير ملزمة، خلافا للقرارات الصادرة طبقا لمقتضيات الفصل السابع، والتي تعتبر إلزامية على كافة الدول”.
وأشار إلى أن “جميع القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن، منذ العام 1967، بما فيها قرار 242، وصولا إلى القرار الأخير حول الاستيطان، قد صدرت بموجب الفصل السادس في ميثاق الأمم المتحدة، غير ملزم التطبيق”.
بينما “لم يصدر في مسار الصراع العربي – الإسرائيلي سوى قرار يتيم عام 1948 تحت البند السادس حول وقف إطلاق النار، “الهدنة الثانية”، فقط”. وأرجع قاسم أجواء ضجة “الحفاوة” المصاحبة للقرار إلى “حالة السكون التي شابت الفترة السابقة، ومضي فترة طويلة لم يتم فيها اتخاذ قرارات تتعلق بالمستوطنات”.
وقال إن “الإدارة الأميركية أدركت بأن استمرار الاستيطان سيحبط مشروعها في تحقيق “حل الدولتين”، الذي يعد الحل الأمثل لخدمة المصالح الأميركية في المنطقة”.
غير أن “الصهيونية، كما يبدو جلياً، بدأت تتمرد على سيدها، إذ بات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يسوق لفكرة الاستيطان في أراضي الضفة الغربية وخلق معازل فلسطينية”، بحسب قوله.
أما رد الفعل الإسرائيلي المضاد للقرار فيعد مصطنعاً ومشوِشاً، وفق قاسم، وذلك “كنوع من الإجراء الإحترازي لعدم تمرير قرارات لا تصب بمصلحته في مجلس الأمن الدولي لاحقاً”.
وكان آخر تصويت في مجلس الأمن الدولي على قرار يتعلق بالاستيطان في العام 2011، إلا أن تمريره اصطدم “بالفيتو” الأميركي بتوجيه الرئيس أوباما. من جانبه؛ دعا نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، النائب قيس عبد الكريم “أبو ليلى”، إلى “تنفيذ قرار المجلس المركزي الفلسطيني بشأن وقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال”، رداً على قرار الوزير الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بوقف الاتصالات مع الجانب الفلسطيني باستثناء التنسيق الأمني، عقب قرار مجلس الأمن حول الاستيطان.
قد يعجبك ايضا