البحث عن السعر الأقل ضالة معظم الأردنيين
حصاد نيوز – البحث عن السعر الأقل هو ضالة معظم الأردنيين، وهم يتسوقون السلع والمواد الغذائية نظرا لمحدودية دخل الكثيرين منهم، في حين تحتل بطاقة بيانات المنتَج/ السلعة مرتبة متأخرة في اهتمامات كثير من المتسوقين، كما بين استطلاع سريع أجرته احد المصادر فيما أكد متخصصون أن فهم مكونات المواد الغذائية مهم لدرجة “تتعلق بحياة أو موت المستهلك”.
وبالتزامن مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تكثُر العروض التنافسية التي تقدمها المحلات التجارية الكبرى والمولات للمواطنين، والتي تلقى اقبالا واسعا من قبلهم، نظرا لتدني أسعارها، مغفلين في ذات الوقت تواريخ انتهاء صلاحياتها التي قد تكون بعد اشهر قليلة لا أكثر.
وخلال جولة المصادر على عدد من الاسواق التجارية لمعرفة آراء المواطنين، فيما اذا “كان المواطن ينظر الى بطاقة البيانات قبل شراء أي منتج غذائي”، تبين ان الغالبية تنظر باهتمام الى سعر المنتَج، فيما عدد قليل ينظر لتاريخ الصلاحية فقط ولا ينظر إلى مكونات المنتج.
ربة المنزل منى نابوت بينت ان الكثير من المواطنين “لا يكلفون انفسهم عناء البحث عن تاريخ انتهاء صلاحية المواد الغذائية المعلبة والمدونة على كل علبة، كما لا يتأكدون من مصدر صناعة اية مادة يقومون بشرائها سواء أكانت محلية ام مستوردة”.
فيما، قال المهندس محمد الطيب ان “شراهة” الشراء التي يتصف بها المستهلك الأردني خاصة خلال شهر رمضان “سببها سوء التخطيط المالي وضعف الوعي المرتبط بثقافة الشراء”، حيث ان معظم المستهلكين يتجهون إلى الأسواق في اللحظة الأخيرة لإشباع احتياجاتهم من السلع الضرورية، وبالتحديد خلال المواسم والمناسبات السنوية المعروفة لدى الجميع، مثل شهر رمضان أو خلال موسم عودة المدارس والأعياد، “دون الالتفات إلى بطاقة البيانات او مكونات المنتج”.
وبين ان الخلل واضح، وهو “في ثقافة الشراء والتوجه للأسواق في اللحظات الأخيرة قبل بدء المواسم، الامر الذي يسهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار”، لاسيما أن معظم التجار يستغلون نقطة ضعف انعدام ثقافة الشراء لدى المستهلك ورغبته في إشباع حاجاته بأسرع وقت دون نظر لبطاقة البيانات.
ويرى احمد غازي، ان “المستهلك شَره بطبعه”، ويتساوى في هذه الصفة صاحب الدخل الكبير مع أصحاب الدخول المتوسطة أو المتدنية، فـ “النمط الاستهلاكي العشوائي والشره أصبحا نوعا من التقليد الأعمى ومصدرا للتباهي والتفاخر بين الآخرين، فهو يشتري أكثر بكثير مما يحتاج ويستهلك”، ودون النظر إلى بطاقة البيانات.
وأشار إلى أن هذا النمط الشرائي يخلف فائضا من المأكولات والأغذية لصالح صناديق القمامة، وهذا سلوك يطلق عليه “الجهل الشرائي” وهو بحاجة إلى “وعي شرائي” لكي يبدل نمط حياته قليلا ويعرف أن هذا “الجهل في الشراء هو الذي يشجع التجار على استيراد جميع انواع المواد دون نظر لمكوناتها ولصحة المواطن”.
من جانبه، اوضح اختصاصي التغذية د. رامي داود أن كثيرا من المنتجات الغذائية “تحتوي على معلومات ناقصة أو مضللة للمستهلك وغالبا ما تكون موجودة في مكان يصعب ملاحظته بسهولة”.
وقال داود، إن عدد الذين يقرأون بطاقة البيانات في الدول العربية “لا يتجاوز 30 % وتنحصر القراءة على تاريخ الصلاحية وبلد المنشأ والإسم التجاري، بينما تتجاوز نسبة الأميركيين الذين يقرأون بطاقة البيان 80 %”.
واشار الى إن قلة الوعي قد تؤدي بالشخص إلى “تناول كمية كبيرة من السعرات الحرارية قد تصل إلى الضعف، ورغم ذلك قد لا يكون أخذ حاجته من العناصر الغذائية الأساسية مثل الفيتامينات والمعادن وهذا قد يؤدي إلى أمراض خطيرة، حيث يعتبر معدل السعرات الحرارية الطبيعية للبالغ 2000 سعر حراري، وفقا لمؤسسة الغذاء والدواء الأميركية”.
وأشار، الى ان تناول بعض أنواع الأغذية بكميات كبيرة قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة، فـ”بعض الأغذية تحتوي على كميات كبيرة من الزيوت المهدرجة والمتحولة، والتي لها أثر سلبي خطير على صحة المواطن، وللأسف فإن المؤسسة العامة للغذاء والدواء ومؤسسة المواصفات والمقاييس لا تلزم تجار ومصنعي المواد الغذائية بإدراج كمية هذه الزيوت على بطاقة البيانات”، علما بأن جميع دول العالم المتقدم الآن تجبر المنتجين على وضع هذه المعلومات على بطاقة البيان للمنتجات الغذائية وبعضها منع استخدامها بالغذاء بشكل كامل.
وبين داود أن فهم محتوى المواد الغذائية من الكوليسترول والسكريات بأنواعها مهم جداً خاصة للذين يعانون من أمراض القلب والسكري، كما إن فهم المحتوى من الصوديوم مهم للذين يعانون من أمراض ضغط الدم.
ولفت الى ان 64 دولة تجبر المنتجين على إعلان ما إذا كانت المواد الغذائية تحتوي على مواد معدلة جينياً ومنها الأردن، ولكن وللأسف الغالبية الكبرى لا تعرف ما المقصود بها، موضحا ان بعض المواد الغذائية “قد تحتوي على مواد تسبب حساسية مفرطة لدى البعض ما قد يؤدي للوفاة أحياناً”، مشيرا الى دراسة أميركية بينت أن 30 ألفا سنوياً يدخلون المستشفى لتناولهم مواد لها حساسية مفرطة.
و”هناك برامج ومناهج تربوية في الدول المتقدمة”، كما يقول د. داود، تطبق نظاما متكاملا لتوعية المستهلك لقراءة وفهم بطاقة البيانات وخاصة في المدارس والجامعات، كجزء من برنامج وطني شامل يهدف إلى توعية المواطن وتجنيبه خطر التعرض للأمراض المرتبطة بالغذاء.
وقال، من هذا المنطلق يجب على المؤسسات الوطنية وخاصة “الغذاء والدواء” وجمعية حماية المستهلك ووزارة الصحة عمل برنامج وطني متكامل لتوعية المواطن بضرورة قراءة وفهم محتوى بطاقة البيانات، للتقليل من خطر الإصابة بهذه الأمراض الخطيرة وكذلك لتقليل استهلاك المواد الضارة وخاصة لدى المصابين بهذه الأمراض.
كما يجب ايضاً على المؤسسات التعليمية كافة إدراج ذلك كمادة رسمية في مناهج التعليم لتعريف الأجيال القادمة بالطريقة المثلى لتناول المواد الغذائية، كما على وسائل الإعلام التعاون على نشر وتوعية المواطنين بأهمية هذا الموضوع.
من جهته، أكد مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس د. حيدر الزبن ان المؤسسة “لن تتهاون بحق كل من يحاول المساس بصحة وسلامة المواطنين وحقوقهم بإدخال سلع غير مطابقة للمواصفات والمقاييس الأردنية”.
وقال، إن المؤسسة ومن خلال اجراءاتها القانونية والصلاحيات الممنوحة لها “ستلاحق المخالفين وتمنع دخول السلع الاستهلاكية المخالفة والمقلدة للأسواق الأردنية”.
واشار الزبن إلى أن تطبيق القواعد الفنية والمواصفات القياسية الالزامية “يعزز تنافسية المنتجات الأردنية في الاسواق العالمية”، معتبرا أن ما تقوم به المؤسسة يأتي في اطار حماية حقوق المواطنين وفقا للقانون، وأن المؤسسة تقوم بجهد كبير “في ظل تواضع كادرها الرقابي الذي لا يمكنه تغطية الأسواق المحلية والمعابر الحدودية بشكل كاف”.
وأكد الزبن أن القواعد الفنية للمواصفة الأردنية تشكل حماية للمواطن بالحصول على منتجات بمستوى وجودة عالية لا يمكن التنازل عنها، داعيا المواطنين إلى الاقبال على السلع الاصلية والابتعاد عن المقلدة والنظر على بطاقة البيان الموجودة على كل منتج والتي هي، بحسب وصفه “بمثابة بطاقة الأحوال الشخصية للمواد الغذائية” وعدم النظر إلى السعر وإنما للجودة العالية.