دراسة: النسب حق للطفل.. وعدم إثباته إعفاء للمخطئ من المسؤولية

25

172817_1_1456960894

حصادنيوز-تفق علماء شريعة إسلامية على أهمية حماية الحق بالنسب، وما يترتب عليه من حقوق أخرى للطفل، كالنفقة والحضانة والرعاية، داعين، في هذا الإطار، إلى التوسع باستخدام فحص الحمض النووي الريبي “DNA” لإثبات نسب الأطفال المولودين خارج إطار الزواج.

وقال هؤلاء، خلال دائرة مستديرة عقدتها مجموعة القانون لحقوق الإنسان “ميزان”، للاعلان عن نتائج دراسة “حقوق الأطفال فاقدي السند الأسري تجاه والديهم وتجاه المجتمع”، والتي أعدها أستاذا الشريعة د.عامر الحافي ود.أحمد القرالة ان “عدم إثبات النسب للأطفال المولودين خارج اطار الزواج لابائهم، يعد إعفاء من المسؤولية لآبائهم، وهذا مما يجرئ الوالد على الفعل والتمادي فيه ما دام أنه لا مسؤولية”.

من ناحيته، قال ممثل دائرة قاضي القضاة، القاضي الشرعي زيد الكيلاني، خلال عرض نتائج الدراسة، في مقر مركز زمزم للدراسات، إن “تثبيت النسب للأبوين بعقد الزواج الصحيح، لكن لسبب أو لاخر، قد يطرا خلل على العقد، أو ان لا يكون هناك عقد زواج أساسا”.

وبين أن الطفل “ينسب لأمه بالولادة، ويأخد اسمها ويرثها وترثه، أما الاب فقد نص القانون على أسباب أخرى لنسب الطفل لأبيه، كالإقرار بالنسب سواء الإقرار المطلق أو المقترن بشبهة والبينة والأخذ بالوسائل العملية المقترنة بفراش الزوجية”.

ورأى الكيلاني ان قانون الاحوال الشخصية “يوفر” المجال للقاضي للتحقق من صحة الإقرار بالنسب، وبالتالي يأخذ الطفل نسبه لأبيه، وان كان مولودا خارج الزواج، وذلك لضمان حق الطفل بنسبه، وكافة الحقوق الأخرى المترتبة على ذلك.

ولفت الكيلاني إلى أن المحاكم الشرعية “تأخذ حاليا بالوسائل العلمية لاثبات النسب، لما فيه مصلحة الصغير”، وقال إن “قرار القاضي باجراء الفحص حكم ملزم قضائيا، وفي حال رفض المدعى عليه إجراء الفحص فيمكن حبسه لحين الإقرار”.

وبين أن اشكالية كانت موجودة خلال السنوات الماضية، بمسالة من يمثل الصغير، أو الوصي عليه بحال عدم وجود أقارب له أو من يخاصم عنه، وقال “هذه المسالة تم حلها عن طريق تعيين القاضي وصيا مؤقتا للصغير لغايات الخصوصمة وغالبا ما يكون الوصي في هذه الحالات المدعي العام الشرعي”.

ولفت الكيلاني الى أن “التأخير في البت في قضايا إثبات النسب في بعض الحالات مرده عدم المعرفة بالقانون وتطبيقاته”، مشيرا الى استحداث دائرة قاضي القضاه لمكاتب الإصلاح والارشاد الاسري، والتي توفر المشورة وخدمات الإرشاد والتوجيه.
من ناحيته، قال استاذ أصول الدين بجامعة ال البيت الحافي إن “تغييرات العصر تفرض فتح باب أوسع للاجتهاد”، مشددا على “أهمية الحفاظ على حقوق الطفل فاقد السند الأسري بالنسب”.

واعتبر أنه “لم يعد مقبولا أن يحرم الطفل من نسبه بسبب خطأ ارتكبه غيره، فالأصل أن مصلحة الصغير قبل وأولى من مصلحة ذويه، باعتباره العنصر الأكثر ضعفا وحاجة للحماية”.

أما استاذ الفقة الاسلامي بجامعة ال البيت د.أحمد القرالة، الذي استعرض نتائج الدراسة، فاعتبر أن “الاستمرار بعدم نسب الأطفال المولودين خارج اطار الزواج إلى آبائهم، يشكل وسيلة للإفلات من المسؤولية”.

وتابع “لا يمكن الاستمرار بتجاهل دقة فحص الحمض النووي الريبي”، داعيا إلى ضرورة الأخذ بنتيجة الفحص، وإن كان المدعى عليه يرفض الإقرار بنسب الصغير له.

من ناحيتها، قدمت المديرة التنفيذية لمجموعة “ميزان” المحامية ايفا ابو حلاوة عرضا لبعض الحالات، التي تعاملت معها، لأطفال فاقدين للسند الأسري، ممن تعرضوا لتمييز مجتمعي، وحرموا من حقهم في النسب لذويهم، نتيجة رفض أحدهما وكليهما الاعتراف بنسب الطفل.

ولفتت إلى الفجوات التشريعية، تحديدا في المادة 308 من قانون العقوبات، والتي، ورغم إعفائها للجاني في جريمة الاغتصاب من العقوبة، بحال الزواج من الضحية، فإنها لا تجبره على نسب الطفل الناجم عن الاغتصاب له.

وأشارت أبو حلاوة كذلك الى اهمية تدريب المحامين وتعريفهم بقانون الاحوال الشخصية بشكل أكبر، تحديدا فيما يخص قضايا إثبات النسب.

وطالبت بالتوسع باعتماد فحص DNA ، وعدم ربطه بالإقرار، مشيرة في هذا السياق إلى أن “الفحص اصبح معتمدا في اثبات جرائم عقوبتها الإعدام، بالتالي من غير المنطق عدم اعتماده وسيلة لإثبات النسب”.

وعرض ممثل دائرة الأحوال المدنية عيسى الشيبي إلى إجراءات دائرة الأحوال، بالتعامل مع الأطفال غير المثبت نسبهم عند الولادة، وقال إنه “يتم إعطاء الجنسية الأردنية لكل من ولد على الأراضي الأردنية، مجهول الأب والأم، كما يكتسب الجنسية الاردنية الطفل من أم أردنية وأب غير معروف”.

أما في حالة الطفل المولود في الاردن لأم اجنبية، وأب غير معروف، فبين أن “الطفل حينها يكتسب جنسية والدته ويتم تسفيره مع والدته إلى بلد الأصل”.

ويعتبر الشيبي أن تخصيص الرقم الوطني 2000 لفاقدي السند “ليس رقما تمييزيا ضد فاقدي السند الاسري، إنما هو نتيجة لخلل فني بحت”، لافتا الى انه في حال تقدم اي شخص بطلب لتعديل الرقم “فهذا حق متاح له”، مؤكدا أن الاشخاص فاقدي السند والهوية الوالدية لديهم كل الحقوق السياسية والمدنية كغيرهم من المواطنين.

وحول الأسماء المنتحلة، التي تعطى للطفل مجهول الهوية الوالدية، بين أن “الدائرة تتلقى الاسماء المقترحة من وزارة التنمية الاجتماعية التي تمتلك وثائق اولئك الاطفال”، موضحا انه “في حالة الاطفال معروفي الامهات، يمكن أن يحمل الطفل اسم والدته بطلب خطي منها”.

إلى ذلك، تناولت دراسة “حقوق الأطفال فاقدي السند الأسري تجاه والديهم وتجاه المجتمع” حقوق هذه الفئة من الاطفال من منظور شرعي.

وفي جزئية النسب، بينت الدراسة أن “النسب أهم الحقوق وأولاها؛ نظراً لآثاره النفسية والاجتماعية على الشخص، ولأن معظم الحقوق الأخرى ترتبط به أو تتوقف عليه، سواء من حيث ثبوتها أو المكلف بها”.

واعتبرت الشريعة الإسلامية المحافظة على النسب أحد مقاصدها الخمسة، التي لا تستقيم الحياة إلا بها، وقد دلت كثير من النصوص على أهمية النسب في الإسلام.

وبينت الدراسة أن “لا خلاف في ثبوت نسب الولد من أمه لوجود واقعة الولادة، ولأنه متيقن ثبوت منها، والمشكلة تظهر في نسبة الولد إلى أبيه، والأصل في هذا النسب أن يثبت بعقد الزواج الصحيح، كما يثبت بعقد الزواج الفاسد، ويثبت أيضاً بمجرد الوطء المستند إلى شبهة”.

أما ثبوت النسب في حالة غياب العلاقة الزوجية، فلفتت الدراسة الى اختلاف الآراء الفقهية بهذا المجال، لكنها لفتت الى ان التاريخ الاسلامي سجل حالات تم الاخذ بها بالقيافة لإثبات النسب.

ولذلك رجحت الدراسة ثبوت النسب لقوة الأدلة، كما في الوسائل العلمية، معتبرة ان “في عدم إثبات النسب تخفيفا عن الزاني وإعفاء له من المسؤولية، وهذا مما يجرئه على الفعل ويحمله على التمادي فيه ما دام أنه لا مسؤولية”.

أما بمسألة التمييز، فلفتت الدراسة الى حق هذه الفئة من الأطفال، بأن تحصل على حقوقها كاملة، “ولا يجوز التمييز بينها وبين غيرها من الأطفال”، معتبرة انه لا يجوز وصف الطفل أو وصمه بأي وصف أو لقب يقلل من قيمته أو ينتقص من قدره.

قد يعجبك ايضا