هآرتس: بوتين يمتحن تماسك حلف “الناتو” في سوريا

17

146291_22_1455958018

حصادنيوز-أسئلة عدة يثيرها الوضع الراهن في سوريا في ظل الأزمة بين تركيا وروسيا والحرب المحتملة، ومن بين هذه الأسئلة هل سيتحرك حلف الناتو للدفاع عن تركيا في اللحظة الحاسمة أم لا؟

وهنا يرى محللون أن بوتين يسعى لاختبار تماسك حلف الناتو وخلق التحديات أمامه، مستغلاً التوتر بين موسكو وأنقرة، كما استغل قضية تفجير وقصف المستشفيات في سوريا كورقة لزيادة الضغط على دول الغرب.

ففي الأسبوع الماضي، نشرت وسائل الإعلام صور الدمار الذي لحق بمستشفيات حلب التي قصفها الطيران الروسي، وكان من بينها مشفى تابع لمنظمة “أطباء بلا حدود” الذي ادعت روسيا أنها قصفته لأنه “يخدم الإرهابيين”، وأتت هذه الغارات على الرغم من اتفاق “وقف الأعمال العدائية” الذي أبرم في ميونخ بموافقة كل من واشنطن وموسكو.

وعليه، يرى المحلل السياسي لصحيفة هآرتس العبرية، أنشل بابر، أن انتهاكات روسيا الصارخة للاتفاق، واستمرارها بالقصف وبالدعاية المضادة، هدفه أكبر من كسب المعركة في سوريا، فموسكو تهدف لزعزعة تماسك دول الغرب، وتحديداً منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي يراه بوتين تهديداً لدولته.

وفي هذا السياق، يقول بابر في تحليل نشرته الصحيفة العبرية، إن جيش الأسد على الرغم من كونه يمر مؤخراً بعملية تحديث وتطوير، فإنه غير قادر على الوقوف بوجه الناتو الذي يقوده الجيش الأمريكي، إلا أن بوتين على ما يبدو يرى أنه يستطيع المخاطرة والدخول بمواجهة ضد الناتو.

ويرى الكاتب أن أساس هذا التصرف ينبع من التقدير بأن إدارة أوباما تجنبت حتى اليوم التدخل العسكري غير المرتبط بقتال تنظيم “الدولة” في سوريا، ومن ثم فلن يغير سياسته خلال السنة الأخيرة لولايته، وقد تعززت هذه التقديرات قبل أسبوعين عندما “وبّخ” وزير الخارجية الأمريكي جون كيري شخصيات من المعارضة السورية الذين طلبوا دعماً أمريكياً، إذ أجابهم: “ماذا تريدون؟ أن ندخل في حرب مع روسيا؟”.

تقديرات روسيا بعدم رغبة الولايات المتحدة في التورط في مواجهة معها في سوريا هي نقطة أساسية تحاول موسكو استغلالها في ظل التوتر المتزايد بينها وبين تركيا، فبحسب بابر؛ في ظل الحرب التي تخوضها أنقرة ضد الجماعات الكردية المقاتلة في سوريا وجنوبي تركيا، أخذت روسيا محل الولايات المتحدة في دور “الراعي الرئيسي” للأكراد، إذ تدعم الأكراد بالسلاح وتساعدهم ضرباتها الجوية على التقدم، وهي خطوة ينظر إليها كاستفزاز متعمد لتركيا.

هل يتحرك الناتو لأجل تركيا؟

تركيا عضو في الناتو منذ عام 1952، عندما كانت دول الغرب بحاجة لموقعها الاستراتيجي أثناء الحرب الباردة لضمان حضور قوي للناتو بمنطقة البحر الأسود، هذه الاتفاقية تضم بنداً مقلقاً لدول الغرب اليوم، وهو بند رقم 5 الذي ينص على وجوب “الدفاع المشترك” عن أي دولة عضو في الناتو، أي إنه في حال الاعتداء على تركيا يجب على جميع الدول الأعضاء العمل لمساعدتها.

وبحسب بابر، لم يفعّل حلف الناتو البند الخامس إلا مرة واحدة حتى اليوم، وذلك عقب هجمات 11 سبتمبر على برج التجارة العالمي الأمريكي عام 2001.

ويتخوف اليوم قادة الناتو من ذكر هذا البند على ألسنتهم، فبعد هجمات باريس فضّلت فرنسا استخدام بند “حلف الدفاع” باتفاقية الاتحاد الأوروبي من أجل إعلان حرب على تنظيم “الدولة”.

إلا أنه بعد إسقاط الطائرة الروسية التي اخترقت مجال تركيا الجوي، طالبت أنقرة حلف الناتو بمناقشة الخطر الروسي على مجال تركيا الجوي، وحينها أكد الأمين العام للمنظمة بأن جميع الدول “متضامنة مع تركيا”، إلا أنه نادى بالمقابل بضرورة “الاعتدال ومنع التصعيد”.

وفي هذا السياق، يقول الكاتب إن تركيا لم تطلب حتى الآن تدخل الناتو الفعال، إلا أنها طلبت من الولايات المتحدة فرض حظر جوي لإنشاء المنطقة الآمنة، ولاقى الاقتراح رفضاً أمريكياً لا يبدو أنه سيتغير.

ومع ازدياد التوتر بين تركيا وروسيا وتجنب التدخل الأمريكي، تجتمع العوامل التي قد تفجر الوضع وتجعل من المواجهة القادمة بين تركيا وروسيا مسألة وقت، وهذه المرة قد تنتهي بنتيجة أكبر من إسقاط طائرة حربية.

وهنا يرى الكاتب أن بوتين غير معني بحرب مع تركيا، إلا أنه سيكون سعيداً لإلحاق الضرر بمبدأ “الدفاع المشترك”، كما أنه سوف يستغل قلق الغرب من عودة تدفق اللاجئين بأعداد هائلة مع نهاية فصل الشتاء، من أجل زيادة الضغط على الاتحاد الأوروبي وليس على حلف الناتو فقط، ولتحقيق ذلك لن يتردد بوتين بالاستمرار بتفجير المستشفيات السورية.

 

قد يعجبك ايضا