كيف حصلت كوريا الشمالية على تمويل كافٍ لصنع قنبلة هيدروجينية ؟
حصادنيوز-أثار إعلان كوريا الشمالية إتمامها إجراء تجربة تفجيرقنبلة هيدروجينية، وصفتها بـ “الناجحة”، مطلع شهر يناير/كانون ثاني الجاري، تساؤلات لدى خبراء، حول إمكانية امتلاك دولة معزولة، التمويل الكافي والتكنولوجيا، لصنع مثل هذا الجهاز.
ورجح خبراء “عدم إمكانية ذلك”، نظرا لضعف البلاد الاقتصادي، كونها تخضع لعقوبات أمريكية وأخرى أممية، باعتبار برنامج “بيونغ يانغ” النووي لم يحرزتقدمًا تقينًا كافيًا، إلى جانب افتقار البلاد للتمويل الكافي لتغطية البحوث والتكنولوجيا التي تمكنها من تصنيع أسلحة نووية.
وقال ريتشارد بيتزينغير، أستاذ في برنامج التحولات العسكرية في جامعة “نانيانغ للتكنولوجيا” في سنغافورة، للأناضول، “يراودنا الشك في إمكانية امتلاك كوريا الشمالية القدرة على تطويرقنبلة هدروجينية”.
وأضاف “لا تزال البلاد تواجه مشاكل في إجراء تفاعل إنشطار نووي ابتدائي، باستخدام البلوتونيوم أو اليورانيوم عالي التخصيب، لتصنيع قنبلة هيدروجينية”.
ورأى خبراء، من بينهم بيتزينغير، أن “النتائج أظهرت أن كوريا الشمالية اختبرت جهازًا ليس قويًا بشكل كافٍ، ليكون قنبلة هيدروجينية”.
ومضى بالقول إن “الدول ذات الكفاءة النووية، مثل باكستان، لا تمتلك حتى الآن مثل هذه القنبلة المنصهرة “حسب معلوماتنا”، وأن دولًا ذات طموحٍ نووي، مثل إيران، ليست قادرعلى تصنيع مثل هذا السلاح”.
ورأى بيتزينغير، أنه “ليس من المستحيل لكوريا الشمالية تطوير قنبلة هيدروجينية في نهاية المطاف، ولكن يتوجب عليها أولًا إتمام مرحلة تطوير أسلحة الانشطار، التي مازالت غير واضحة حتى الآن”.
وأضاف “هذا ما يجعل من كوريا الشمالية متأخرة إلى حد كبير في مجال التكنولوجيا”، مسلطًا الضوء على “الدور الهام لتوفر التمويل اللازم بغية تحقيق الطموحات النووية”.
وسجلت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية هزةً أرضية بقوة (5.1 درجة على مقياس ريختر)، قرب من منطقة “بونغغي ري” التي جرت فيها تجربة القنبلة، وذلك بعد وقت قصير من صدور بيان حكومة “بيونغ يانغ”، في 6 يناير/كانون ثاني 2016، بشأن التجربة.
ويسود الاعتقاد عند الخبراء أن لاختبار قنبلة هيدروجينية حقيقية، تداعيات أكثر تأثيرًا.
وبحسب وكالة يونهاب للأنباء الكورية الجنوبية، في أعقاب الحادث، نقلًا عن مصدر عسكري قوله، “من الصعب اعتبار هذا الاختبار تابع لقنبلة هيدروجينية”.
وتكتسب القنبلة الهيدروجينية قدرتها من اندماج (اتحاد) النويات الذرية تحت حرارة شديدة، والتي تندمج في الأسلحة الحرارية النووية، وتتكون من نظائر الديوتيريوم والتريتيوم، كما كان الحال مع القنبلة النووية التي أسقطت على هيروشيما عام 1945.
وفي السياق ذاته، أكد سيكو فان دير مير، الخبير في الأسلحة الكيماوية بمعهد “كلينجداد في لاهاي”، للأناضول، أن “كوريا الشمالية لم يكن لها سجل نجاح مرموق في برنامج التسلح النووي”.
وأشار أن” المستوى التفجير كان ضعيفًا جدًا في التجارب النووية السابقة”، مبينًا أن “كوريا الشمالية لم تنجح بعد في تسليح صاروخ برأس حربي نووي، ولم تستطع تطوير تصميم رأس حربي نووي صغير بما يكفي ليتناسب مع الصواريخ الباليستية”.
وأكد فان دير ميرإن، أن “الإنفاق العسكري السنوي في البلاد يبلغ نحو 8 مليارات دولار أمريكي، وذلك بحسب إحصاءات صادرة عن موقع “جلوبال فاير باور”، مبينًا أن “المشاكل الاقتصادية في البلاد تعود إلى التحاق ما يقرب من 5 % من سكانها في الخدمة العسكرية”.
وقال فان دير مير، إن ” تمويل جزء كبير من القوة العسكرية في كوريا الشمالية، يأتي من ما يسمى “مكتب 39″ (وكالة تابعة للدولة)، تعتمد تعاملات في الإتجار غير المشروع، من بينها بيع المخدرات الاصطناعية، ومبيعات الأسلحة غير المشروعة، والمقامرة غير القانوني عبر الانترنت”.
من جانبه، وصف الخبير الاقتصادي نيكولاس إبيرستادت، باحث في معهد “أميركان إنتربرايز”، كوريا الشمالية بأنها “واحدة من أفقر البلدان في العالم”، وذلك حسب تقرير أعده في نوفمبر/تشرين ثاني 2015.
وذكر التقرير أن ” جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، التي تطمح لانتاج وإطلاق الصواريخ الباليستية واختبار الأجهزة النووية، تتميز بضعف نصيب الفرد من الناتج الإجمالي”.
وتحتل كوريا الشمالية المرتبة 115 من بين 180 دولة، من حيث الناتج المحلي الإجمالي، حيث تتوسط بين موزمبيق، وبابوا غينيا الجديدة، وذلك بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، في وقت سابق.
ولفت التقريرأن” 90% من صادرات البلاد تذهب إلى الصين، بموجب تحالف غير مريح بينهما”.
وأشار التقرير إلى”كارثة انهيار الميزان التجاري في البلاد، الذي شهد انخفاضًا قدره 695 مليون دولار أمريكي في عام 2014، وذلك بحسب مركز التجارة الدولية، حيث بلغت قيمة الصادرات 3.16 مليار دولار أمريكي، بانخفاض بمقدار 1.7 % مقارنةً مع العام السابق، في حين بلغت الواردات 4.45 مليار دولار أمريكي، بزيادة بمقدار 7.8 % بالمقارنة مع العام السابق”.
وبلغ متوسط النمو السنوي، لناتج المحلي الإجمالي، في كوريا الشمالية، في الفترة ما بين عام 1990 وعام 2014، نسبة 0.5 %، وذلك بحسب بنك كوريا (البنك المركزي لكوريا الجنوبية).
وتوقع التقرير أن الوضع المالي في كوريا الشمالية لن يشهد نموًا على المدى القريب، وذلك في إطار العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة في عام 2013، على معظم الأنشطة التجارية في البلاد.