حصادنيوز-د. صبري اربيحات
قبل سنوات نحت الاديب السياسي خالد الكركي اصطلاح “الرجال الرجال” ليصبح مفردة اردنية نتداولها في كل المناسبات ويستقر في وجداننا واعماقنا وخيالنا لنعني الجيش والامن وكل منسوبيه من الرجال والنساء، فهم لم يخذلونا يوما ولن …وكانوا ولا يزالوا يمثلون مخزوننا الروحي والبشري والاخلاقي الذي نتمنى ان لا ينضب.
في كل مناسبة يلقى فيها الساسة خطاباتهم يجري الحديث عن دعم القوات المسلحة والاجهزة الامنية…ولا تخلو بيانات الحكومة وخطب النواب وموازناتنا عن الحديث عن دعم لجنودنا وضباطنا ومؤسساتنا التي تحمي الحدود وتحافظ على النظام…و قد بقينا لعقود ندندن الاغاني والاهازيج التي كتب كلماتها العمالقة وشارك في الاشراف على توزيعها القادة الذين ادركوا ان جيشنا هو عزنا ” يا جيش الاردن يا عزنا ورجالنا ….واحنا بافعالك دوم نرفع راسنا”.
مستوى الامن الذي تتمتع به بلادنا ما كان ليكون لولا يقظة الضباط والجنود والرجال والنساء الذين يرفعون جباههم عاليا وتسهر عيونهم لننام وبحرسون قصورنا وتجارتنا وحدودنا بحب وتفان واخلاص لا مثيل له.
في كل اسبوع نفقد ضابط صف هنا او جندي هناك وهم يلبون نداء الواجب يلاحقون نوبات جنون مجتمعنا تارة يلاحقون تجار المخدرات ويهبون لنجدة من يداهمهم خطر الموت وفي الكثير من الحالات ليقولوا لنا ان حدود الهوية لا تتضح الا اذا قام على رسمها الابطال الذين يجسدون معاني الاهازيج والاغاني التي لا يدرك الكثير منا مغزاها “نموت جميعا ويحيا الوطن”.
اعرف العشرات من الضباط والجنود الذين عملوا واخلصوا من اجل رفعة الوطن “كانوا يعتزون بلباسهم وطلتهم ويتحركون من مكان لمكان والوطن يعمر جوانحهم بالحب والايمان والاعتزاز …بعض هؤلاء الرجال توقف استمتاعهم بالحياة بعد ان تركوا الزي العسكري الذي كان يمد ارواحهم بالزهو والفخر والكبرياء .
المتقاعدون من النساء والرجال الذين افنوا زهرات شبابهم في حماية الحدود وادامة الامن والحفاظ على النظام يصارعون شظف العيش بعد ان تركناهم يواجهون الحياة التي تضاعفت اعباؤها بمتوالية لا يقوى علىها احد .
قبل سنوات تكرمت الدولة الاردنية بمنح المتقاعدين من رتبة رائد واعلى تسهيلات جمركية تمكنهم من اقتناء سيارات خاصة وقد استفاد منها الالاف من الضباط وكانت عونا ماديا لهم ورسالة اشعرتهم بتقدير وطنهم وقيادتهم لخدماتهم.
البيانات المتوفرة تشير الى ان اكثر الفئات العرضة للخطر هم الافراد والضباط وضباط الصف من الرتب الاقل من رتبة رائد فمعظم الذين قضوا في اداء الواجب رجال ونساء من رتب النقباء والملازم الاول والثاني وضباط الصف. فهم خط الدفاع الاول والاكثر عرضة للشهادة والاصابة اثناء اداء الواجب.
منذ ايام تحدث معي عدد من الضباط الذين تقاعدوا قبل ان يصلوا للرتبة التي تتيح لهم ان يحصلوا على الاعفاء ومعظمهم اباء لطلبة في الجامعات ولديهم اسر تحتاج الى اكثر من ارث وسمعة ابائهم وذكرياتهم في الخدمة التي يروونها لابنائهم في كل مناسبة وطنية.
صحيح ان بلادنا تمر بظروف اقتصادية صعبة …لكنها بحاجة الى ان تهتم بالرجال والنساء الذين اعطوا لبلادهم بلا منه عبر عقود من العمل والعطاء الذي تجاوز حدود الواجب..حديث النواب وصناع القرار وراء الميكروفونات عن الاهتمام بالقوات المسلحة والاجهزة الامنية يحتاج الى ترجمة فعلية واجراءات يلمسها الشباب والرجال الذين يصلون الليل بالنهار وهم يواجهون الاخطار من اجل رفعة بلدنا والحفاظ على مكتسباته.
ولأن بلدنا لا يملك موارد ليرفع سلم رواتبهم فانني لا ارى ما يمنع من توسيع دائرة الاعفاء من الرسوم الجمركية للمركبات ليشمل كل الذين خدموا في القوات المسلحة والاجهزة الامنية مدة تتجاوز العشرين عاما.
فالجنود والضباط يحتاجون الى حوافز تتعدى عبارات الثناء وذكرهم في خطاباتنا وبيانات حكوماتنا وكلمات نوابنا…..اعفاء مركبات الضباط والجنود في مؤسساتنا العسكرية والامنية اقل ما يمكن ان نقوم به لنعبر عن تقديرنا لما يقومون به من اجلنا واجل بلدنا ومستقبله.