السفير السوري بهجت سليمان يكشف اسرار خطيرة عن خلافات المشيخة بين السعودية وقطر
في الحلقة الخامسة من المقابلة المطولة التي أجرتها وكالة أنباء آسيا مع سفير سوريا في الأردن، د.بهجت سليمان، يعتبر اللواء الدكتور أن الخلافات السعودية-القطرية، هي تعبير عن “الخلافات” الوهّابية-الإخونجية، معلنا ان الأزمة في سورية كانت خارجية ولا زالت خارجية.
هل تعتقد أن المعارضة السورية ستشهد انقساماً أكبر في صفوفها بظل الخلافات السعودية القطرية وتنازع الدولتين على إدارة ملف المعارضة؟
ومتى كانت غير منقسمة؟.. ومتى كان هؤلاء الكراكوزات والإمّعات، أصحاب قرار أو حتى أصحاب رأي؟.. إنّهم لُمَامَات من المارقين والآبقين، ممن خرجوا من سورية، منذ عشرات السنين وتربّعوا في أحضان دكاكين المخابرات الدولية والإقليمية، أو ممن خرجوا على الوطن، بعد نشوب (الثورة المضادة) والتحقوا مباشرة بمشغّليهم ومموّليهم في مواخير النفط والغاز، أو في أقبية مخابرات العواصم الأطلسية.
والخلافات السعودية-القطرية، هي تعبير عن “الخلافات” الوهّابية-الإخونجية، والمسألة هي (عداوة كار) وتوزيع أدوار لهم من قِبل مشغّلهم الأساسي “العم سام” الأمريكي.. وبالفعل هناك خلافات واسعة بين مشيختي “آل سعود” و”قطر” وبين “الوهّابية” و”الإخونجية” ولكن هناك سقف لهذه الخلافات، يحدّده القرار الأمريكي والمصلحة الأمريكية والسياسة الأمريكية.
وعندما فشل ” حمد بن خليفة” بتنفيذ المهمة التي كان قد أخذ على عاتقه، تنفيذها، أمام الأمريكان، وكان قد أكدّ لهم ثقته المطلقة بنجاحها، وهي (إسقاط النظام السوري) خلال فترة قصيرة، وبتسليم سورية لعملاء المحور الصهيو-أمريكي، وإطلاق اسم (معارضة) عليهم.. وعندما فشلوا في ذلك، انتقلوا إلى المرحلة الثانية، من حيث زجّ كل ما يستطيعون زجّه من إرهابيّي العالَم، واستنفار كل مَن يمكن استنفاره من مُخَرّبي الداخل، وتزويدهم بمختلف أنواع السلاح والعتاد القادرين على استخدامه، من أجل (إسقاط النظام السوري).. وهنا أيضاً، نجحوا نجاحاً “باهراً” في تدمير كل ما استطاعوا تدميره في سورية، لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في (إسقاط النظام السوري).
حينئذ صدرت أوامر “العم سام” بنقل موضوع إدارة هؤلاء الإرهابيين وواجِهَتِهِمْ السياسية إلى محميّة “آل سعود” التي غَذّ مسؤولوها الخطى، حثيثةً، في مواجهة الشعب السوري والجيش السوري، لكي يثبتوا لمشغّليهم الأمريكان، أنّهم أخطؤوا حينما اعتمدوا (قَطَر) وكيلاً لهم في المنطقة، وأنّ الجهة الوحيدة التي يجب أن تكون معتمدة لديهم هي (السعودية).
وسوف يواجه “آل سعود” فشلاً، يتجاوز الفشل الذي واجهه قبلهم شيوخ قطر.. لأنّ هؤلاء لا يقرؤون الواقع، لكنهم يقرؤون رغباتِهم، ورغباتُهم لا علاقة لها بالعقل، بل بالغريزة.
ولا داعي للتوقّف كثيراً عند هذه الواجهات الخارجية (الڤترينات) البائسة، (الفايتة بالحيط –كما يقال بالعامية) لأنه جرى ويجري تركيبها وتغييرها، وفق حساباتٍ لا علاقة لها بالواقع الفعلي على الأرض السورية الذي تتحرّك فيه أكثر من ألف زمرة إرهابية مسلّحة على الأرض، تختبئ وراء مئات الأسماء الرنّانة التي لا تَمُتّ بصلة للأعمال الإجرامية الفظيعة التي تقوم بها.. وسواء كانت (جبهة نصرة إسرائيل) التي تسمي نفسها (جبهة النصرة) أو (العصابات الإسرائيلية الحرّة في سورية) التي تسمي نفسها (الجيش الحر) فإنّ هؤلاء وغيرهم، يستمدّون القوة والدعم والرعاية، بشكل مباشر وغير مباشر، من (العم سام) ومن حلفائه وأتباعه وأذنابه في المنطقة.
والعقدة الأساسية هي مع هؤلاء الإرهابيين داخل سورية، ومع رعُاَتِهم الصهيو-أطلسيين-الوهّابيين، وليست مع الڤترينات والواجهات السياسية الكرتونية في الخارج التي تسمي نفسها (معارضة).
هناك من يحاول الإضاءة على وقوع اشتباكات بين أطياف المعارضة العسكرية (جبهة نصرة، وجيش حر) هل تعتقد أنّ هذه الأمور تهدف إلى تبييض صفحة الأخير (الحر) بعد واقعة أكل القلوب والعديد من الحوادث؟ أم أنّ الصراع على التمويل يدفع هذه الأطراف إلى التقاتل فيما بينها؟
تحدّثت في جوابي عن السؤال السابق، عن بعض ما هو مطروح في هذا السؤال.. وأؤكّد على ما قلته، بأنّ ما يسمى (جبهة النصرة!!!) و(الجيش الحر!!!) من الخطأ الفادح أن يجري الحديث عنهم، كمعارضة، لأنّ الأولى مجموعات ظلاميين وتكفيريين وشاذّين.. ولأنّ الثاني مجموعة قتلة ومجرمين ولصوص ومهرّبين.. وهؤلاء يقومون بتدمير الأخضر واليابس في مختلف أنحاء سورية.
وأمّا محاولات تلميع وتسويق (العصابات الإسرائيلية الحرّة في سورية) المسمّاة (الجيش الحر) فإنّها أغبى خطوة يمكن الإقدام عليها.. لأنّ مَن يفكّر بإمكانية الاعتماد على هذا (الجيش الحر!!!)، يبرهن على أنه قارئ أعمى، إذ كيف يمكن أن يخطر ببال هؤلاء، أنّ مجموعة من المهرّبين واللصوص والفارّين الذين أسموهم (جيش حر) يمكن لهم أن يواجهوا عصابات إرهابية دموية متجلببة برداء الدين، ثم يواجهون، في الوقت ذاته، الدولة الوطنية السورية؟!.
إنّ أسياد هؤلاء يساهمون في تسريع وضع شاهدة القبر على مَن يعوّلون عليهم – من غير قَصْد – وستبرهن لهم الشهور القادمة، خطأ مراهناتهم البائسة المتلاحقة.
ولو كان أسياد هؤلاء جادّين في وضع حَدّ لِما يجري في سورية، فإنّ أقصر الطرق إلى ذلك، هو التوقف الفوري عن احتضان ودعم هؤلاء الإرهابيين والمجرمين القتلة، وأن يوعزوا لأذنابهم النفطية والغازية، بالتوقف الفوري عن دعم وتسليح وتمويل العصابات الظلامية التكفيرية التدميرية، وعن إرسال المساعدات المالية الجانبية، عبر بعض أمراء النفط وشيوخ الغاز.
هذا هو الطريق الوحيد، لوقف سيل الدماء وجبال الدمار في سورية.
هل توافق على الكلام الذي يقول أنّ الأزمة السورية لم تعد داخلية وأنها تحل بمجرد اتفاق الدول الكبرى؟
الأزمة في سورية كانت خارجية ولا زالت خارجية.. ونشبت الأزمة، تنفيذاً للمخطط الصهيو-أمريكي في وضع اليد على سورية – كما قلنا سابقاً – وطبعاً هذا لا ينفي وجود عدد من العوامل الداخلية التي سهّلت لأصحاب هذا المخطط، النفاذ إلى الداخل.. ولكن الهشيم موجود في جميع بلدان العالَم بدون استثناء، مع الاختلاف في نوعه وحجمه، ولكنّ هذا الهشيم قابل للاشتعال، في مختلف الدول، عندما يجري إشعاله وصَبّ الزيت على ناره.. وهذا هو الفرق بين ما حدث في سورية، وما حدث في باقي البلدان.. ذلك أنه جرى تشغيل أفواج الإطفاء العربية والدولية، لإطفاء النار المشتعلة في هشيم تلك البلدان.. وأمّا في سورية، فقد جرى العكس تماماً، عندما جرى استنفار وتعبئة وتجييش عشرات الآلاف من صهاريج الزيت – بدلاً من صهاريج الماء – بغرض صَبِّها وسَكْبِها على الهشيم الذي اشتعل في البداية، بشكل محدود وجزئي في سورية، وهذا ما أدّى إلى اتّساع الحرائق على امتداد الساحة السورية، بسبب ما سُكِب عليها من زيت.. ومَنْ قام بسكبه، هم مَن سمّوا أنفسهم (أصدقاء سورية!!!) من الأعراب والأطالسة، الذين برهنوا ميدانياً أنّهم أسوأ أعداء سورية.
ولذلك، على هؤلاء أن يتوقفوا فوراً عن تأجيج النار التي أشعلوها في سورية، لأنّ استمرارها مشتعلة، سوف يدفعها للامتداد إلى جحورهم وقصورهم، إذا لم يَرْعَوُوا ويُقْلِعُوا عَمّا يقومون به.
وأمّا إذا توقّفوا، فإنّ النار ستنطفئ، ويكونون، بذلك، قد أوقفوا امتداد النار إلى ديارهم.
وهذا ما يعنيه اتفاق الدول الكبرى، أي أن تلتزم الإدارة الأمريكية، أمام الآخرين بإلزام حلفائها وأتباعها، بالتوقف الكلي عن تغذية الهجوم العدواني الإرهابي على سورية، سواء بالسلاح أو بالعتاد أو بالمال أو بالإعلام.. وحينئذ فقط، تبدأ الخطوة الأولى والأهم على طريق إعادة بناء سورية الجديدة المتجدّدة.
هل هناك إمكانية لعقد مؤتمر جنيف ٢، ومع من ستتحاور السلطات في ظل انقسام المعارضة؟
بالنسبة لسورية، فالدولة الوطنية السورية مستعدّة وجاهزة للذهاب إلى مؤتمر جنيف.. والمشكلة ليست عندنا، بل هي عند الآخرين الذين تملّصوا من انعقاد “جنيف” بعد أن كانوا قد قَبِلوا به.. وعندما أقول (الآخرين) فلا أقصد مطلقاً (تلك اللُّمَامات المتسكّعة في الخارج) بل أقصد الإدارة الأمريكية بالدرجة الأولى، لأنّها صاحبة القرار الأوّل والأخير، ولا تحتاج إلّا إشارة واحدة من إصبعها، لكي يتسابق صنائعها للذهاب إلى جنيف.. ولم يعد خافياً بأنّ الإدارة الأمريكية ومعها أتباعها وأذنابها، صُدِموا بصمود وصلابة وفاعلية الشعب السوري والجيش السوري، وقدرتهما على ضعضعة وإدماء عشرات آلاف الإرهابيين والمجرمين، الذين راهن المحور الصهيو أمريكي-الوهّابي-الإخونجي، على قدرتهم في هزيمة الشعب السوري والجيش السوري.
وعندما فوجئوا بذلك، قرّروا انه لا بدّ من زيادة الدعم التسليحي والمالي واللوجستي لعصاباتهم الإرهابية والإجرامية، في مواجهة الشعب السوري والجيش السوري، من أجل ما سمّوه (تعديل ميزان القوى!!!) مع الدولة الوطنية السورية، أملاً منهم، بأنّ يذهبوا إلى جنيف وهم يحملون بأيديهم (أوراق قوة) يستطيعون أن يضغطوا بها على الدولة الوطنية السورية، من أجل الاستجابة لِمَا لم يستطيعوا تحصيله واستخلاصه سابقاً.
ولم يكتفِ هؤلاء، بما سال حتى الآن من الدماء الزكية للشعب السوري ولا بالخراب الذي تسبّبوا به في الأرض السورية، وكلّ ما يهمّهم هو إجبار سورية على الانقياد لهم، بصورة أو بأخرى.. وطبعاً (هذا حِصْرِمٌ في حلب) .
وبالعودة إلى موضوع (جنيف)، سورية جاهزة للذهاب، في الوقت الذي يعلن فيه الآخرون استعدادهم للذهاب، والكرة ليست مطلقاً في ملعبنا، بل في ملعب واشنطن وتوابعها.