تزايد الضرائب وتجاهل السوق لهبوط النفط يحولان دون انخفاض الأسعار

20

158771_1_1451166792

حصاد نيوز – بينما سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك في المملكة معدلات سالبة أو ما يسمى بـ”انكماش التضخم” أكد خبراء أن عدم شعور المواطن بتراجع الأسعار يعود إلى ارتفاع الضرائب والإيجارات وضعف استجابة السوق مع هبوط أسعار النفط والعملات.

وبين خبراء أن سبب انكماش التضخم (نظريا) يرجع إلى انخفاض قيمة المستوردات بشكل رئيسي بسبب تحسن سعر صرف الدولار بشكل كبير أمام عملة الاتحاد الأوروبي والنفط وأخيرا الين.

وسجل معدل التضخم في المملكة أخيرا نسبة سالب 0.74 % في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في الوقت الذي تراجع فيه سعر النفط منذ بداية العام الحالي بنسبة 30 % وانخفض سعر صرف اليورو بنسب وصلت إلى 12 % بعدما كانت النسبة تبلغ 16 % في وقت سابق بداية العام وتراجع الين بحدود 3 %.

وبين الخبير المالي د.سامر الرجوب أنه في العام الحالي 2015 سجل تضخما سالبا 0.7 % في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، كما سجل معدلات سالبة له في أشهر كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) وتموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر).

وأما حول أسباب عدم شعور المواطن بتراجع الأسعار؛ بين الرجوب أن القفزات السعرية في أسعار الخدمات والسلع التي سببها ارتفاع أسعار البترول منذ سنوات لم تحدث على شكل انزلاقات سعرية عندما انخفضت أسعار الطاقة.

وأوضح أن ربط المستهلكين عملية انخفاض الأسعار بشكل عام بالإيجار وأسعار العقارات يؤدي إلى بقاء مؤشر الأسعار مرتفعا بالنسبة لكثير من الأردنيين.

وقال الرجوب إن “هناك سوقا سوداء -إن جاز التعبير- على خدمات التجزئة لا تعلنها بعض المطاعم ومراكز الخدمات ولا تدخل ضمن المؤشر السعري لأسعار المستهلك”.

ورأى أن معدلات الضرائب والتي يمررها المنتج والموزع كاملة على المستهلك والمستخدم النهائي، بالإضافة إلى تغير النمط الاستهلاكي للمواطنين الأردنيين متوجها نحو الكماليات أكثر منها للأساسيات، من أسباب عدم شعوره بتراجع الأسعار.

واتفق الخبير الاقتصادي د.محمد العبادي مع سابقه؛ موضحا أن معدل التضخم في المملكة هو تضخم مستورد والسبب الرئيسي وراء انكماش الأسعار العام الحالي هو هبوط أسعار النفط عالميا.

وبين العبادي أن معظم مستورات المملكة من الصين والدول الأوروبية ونظرا لهبوط قيمة اليورو واليوان الصيني؛ فإن الأسعار انخفضت.
وأضاف “قوة الدينار أسهمت في حدوث معدل تضخم سالب بسبب ارتباطه بالدولار الذي ارتفع إلى حد كبير أمام العملات والنفط”.

ورأى العبادي أن ثبات دخول المواطنين الأردنيين في ظل التزاماتهم بالقروض والديون إلى جانب ارتفاع أسعار خدمات مهمة كالمسكن والكهرباء والمياه هي أهم الأسباب في عدم شعور المواطن بتراجع الأسعار.

إلى ذلك؛ قال الرجوب إن “معدل التضخم في المملكة سجل منذ العام 1977 وحتى العام 2015 نسبة 5.53 % ووصل الى أعلى مستوى له في العام 1989 في شهر آب (أغسطس) عندما وصل إلى 32.91 %، كما سجل أقل مستوى له في العام في 1994 في شهر كانون الأول (ديسمبر) مسجلا تضخما سالبا عند -8.28 %.

وأوضح الرجوب أنه في حال مقارنة العام 2015 بنفس الشهر في العام 2014 يظهر أن مستوى الأسعار انخفض بمقدار 1 % تقريبا.

ورأى الرجوب أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك يشتمل على تشكيلة واسعة من السلع والخدمات، ولكن “هناك سوق سوداء لأسعار الخدمات والمستهلك لا يتم إفصاحها من قبل مقدمي الخدمات والقطاع التجاري والتجزئة ولا يستطيع المؤشر أن يراقبها لصعوبة ذلك ولا تسجل ضمن مكوناته”.

وحول إيجابيات وسلبيات التضخم السالب أو ما يسمى الانكماش قال الرجوب “هناك تضخم صحي وغير صحي” مشيرا إلى أن معدلات التضخم الصحي ترتبط بمعدلات النمو الاقتصادي، وعند نمو الاقتصاد ترتفع معدلات النمو وترتفع معها الأسعار بسبب تحسن الدخول وزيادة القوة الشرائية للأفراد.

وأضاف “عند التضخم الصحي تكون معدلات النمو الاقتصادي أعلى من معدلات إرتفاع الأسعار المتمثلة بالمؤشر العام لأسعار المستهلكين”.

وأما التضخم “غير الصحي” برأي الرجوب فهو ارتفاع معدل الأسعار بنسب أعلى بكثير من معدل النمو الإقتصادي، أو هو ارتفاع الأسعار الذي يسببه ارتفاع أسعار الطاقة المستوردة والتي يتسبب في إحداث تراجع (الركود التضخمي).
وبين الرجوب أنه فيما يخص الوضع الموجود حاليا في المملكة فهو وضع جيد في ظل تحقيق معدلات نمو اقتصادية حول 4 % تترافق مع تراجع معدلات التضخم إلى السالب أو ما يقارب الصفر، هذا إذا ما تم مقارنته بتلك المعدلات في سنة 2014.
وقال الرجوب إن “التضخم السالب إيجابي يعكس تراجع الأسعار العالمية للسلع والخدمات -والتي أكثرها مستورد في حالة الأردن – كما يعكس استقرار تسعير الدينار الأردني خلال الأعوام السابقة”.

ورأى الرجوب أنه يجب أن تنعكس معدلات التضخم السالبة أو الصفر مستقبلا على القوة الشرائية للأفراد لأن هناك نموا اقتصاديا متحققا.

وحول سياسة الحكومة لمعالجة التضخم بين الرجوب أنه في حال كان التضخم مستوردا فإن علاج المشكلة يكون أصعب على الدول لضعف قدرتها على معالجة المتغيرات الخارجية، ولكن تقوم الدول بمحاربة التضخم المتسارع من خلال سياستها النقدية، وعن طريق تخفيض عرض النقد ورفع سعر الفائدة.

رئيس قسم حساب معدل التضخم في دائرة الاحصاءات العامة محمد عبدالرزاق قال إن “التضخم السالب أو الانكماش وهو عكس التضخم المالي وعبارة عن انخفاض في أسعار السلع والخدمات في كافة جوانب اقتصاد الدولة خلال فترة حسابه”.

وبين عبدالرزاق أن السبب الرئيسي لحدوث الانكماش هو هبوط أسعار النفط التي أثرت بشكل كبير على المؤشر.
ولفت إلى أنه يكون أحد اسباب الانكماش هو تقلص الطلب من قبل المواطنين نتيجة تراجع القدرة الشرائية في ظل ثبات دخولهم.

وأكد أن استقرار العملة المحلية وارتباطها بالدولار الأميركي له دور كبير في انخفاض الأسعار وأشار عبدالرزاق إلى أن دائرة الإحصاءات العامة تنوي العام المقبل الإعلان عن رقمين لحساب لتضخم؛ الأول هو التضخم الأساسي والذي يتم فيه استثناء أسعار النفط والسلع الموسمية، والتضخم الكلي الذي يتم فيه احتساب أسعار جميع سلع سلة المستهلك.

قد يعجبك ايضا