الحكومة “تسجل هدفا بشرف” في انفجار الجمارك: الفريق يتحمل المسؤولية

20

147804_1_1446104361

حصاد نيوز – لا يمكن تجاهل اعتراف وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور ابراهيم سيف بأن الحكومة الاردنية “تتحمل مسؤولية انفجار الجمارك العامة” من حسابات النقاط المسجلة لفريق الدكتور عبد الله النسور، الذي يكاد يسجل الرقم القياسي في “الشجاعة” باختلاف نوعيها “السلبية والايجابية”، والتي بكل الاحوال تصب بمصلحة استمراريته.

اعتراف الدكتور سيف بدا مباغتا للجميع بصراحته، رغم انسجامه مع تصرف افراد الحكومة ذاتها، فمنذ وقع الحادث الذي راح ضحيته 8 اشخاص معظمهم من المصريين، افترض الاردنيون والنواب ان الحكومة لن تتحمل مسؤولياتها خصوصا في ضوء الاعلان عن “تشكيل لجنة تحقيق” الامر المرتبط في الذهنية الاردنية بـ”موت القضية ولفلفتها”.

بالنسبة للحكومة، فقد اخذت القضية منذ الدقائق الاولى على محمل الجد، فرئيس الوزراء هرع الى مكان الحادث ومعه كل من وزير الداخلية ومديري الامن العام والدفاع المدني، واجتمعوا جميعا بمدير الجمارك الثلاثاء، الامر الذي تمخض عنه اعلان تشكيل لجنة تحقيق، كما كان الاعلان الرسمي عن الضحايا على لسان وزير الداخلية سلامة حماد، وبذلك وحده ظنّ الاردنيون ان القصّة انتهت.

الدكتور النسور من جهته يعلم جيدا من اين تؤكل الكتف، ما يجعله الاقدر على فهم نظرية “التضحية بكبش فداء” في الحوادث المماثلة، وهو ما بدا انه قرر سلفا انه لن يكونه كما لن يحصل مع ايٍّ من “رجاله”.

صباح الثلاثاء (اليوم التالي للحادث) زارت وزيرة العمل المصرية الاردن، مكشّرة عن انيابها، خصوصا ومعظم الضحايا من الوفيات والمصابين من مواطنيها العاملين في الاردن ضمن العمالة غير المنظمة.

الوزيرة عادت “مرتاحة” الى بلادها عقب كشف تفصيلي قدمه وزير العمل نضال القطامين مع مديرة الضمان الاجتماعي، بينوا فيه اتخاذ كل الاجراءات المتخذة وعدد المشمولين في الضمان من الضحايا والتعويضات التي ستتقاضاها اسرهم، الى جانب اتخاذ اجراءات شمول المخالفين بالضمان بأثر رجعي، ما يعني ان الاردن في هذا الجزء ايضا “تحمّل مسؤولياته” ولو متأخرا، فالاحرى كان بوزارة العمل ومؤسسة الضمان الا تتركا أي شخص في المملكة دون تنظيم لأوضاعه.

اثناء ما كانت تقوم به الوزارات كان مدير عام الجمارك اللواء منذر العساف، يتصدّر المشهد ككبش الفداء المحتمل، فقد ظل تحت القصف الاعلامي على مدار اليومين، ما جعله يفصح عن وجود 19 حاوية العاب نارية كالتي انفجرت سابقا وان القوانين قاصرة عن منحه الصلاحية لاتلافها من جانب، وان البنية التحتية لكراج دائرة الجمارك غير مؤهلة ومساحاتها لا تكفي لتخزين مواد قابلة للانفجار كالالعاب النارية.

ما قاله اللواء العساف تحديدا هو ما كرره الوزير سيف وهو يتحمل مع حكومته مسؤوليته امام لجنة النزاهة في مجلس النواب، الامر الذي يعني ان نوعا جديدا من الشفافية وتحمل المسؤولية ظهر فجأة عن الحكومة الاردنية التي لم تكن هي ذاتها تفعل ذلك سابقا، والتخبط في تصريحاتها بين وزير واخر كان طاغيا على الاغلب.

في الحادثة المذكورة بدا التناغم غريبا لشدة طغيانه على الفريق الوزاري، ليشعر الاردنيون فجأة ان الحكومة ذات عمل باتت تطغى عليه صفة التنظيم وتقاسم الادوار وتشارك المسؤولية، الامر الذي قد يكون الهدف الذكي من رجل استراتيجي وعميق كالدكتور النسور ان يثبت مجددا اهلية فريقه للاستمرار، خصوصا مع الشعور العام بأن حكومته ما عاد لديها ما تفعله من جهة، و”ترك الحصان وحيدا” ليحمل العساف مسؤولية الحادث “الادبية على الاقل”.

بالتزامن، لم يحرم المسؤولون الاردنيين من بعض التراشق الاعلامي، فالاتهامات كانت على اشدّها بين مدير الجمارك العساف والنائب الدكتور بسام البطوش تحت عنوان “واسطة نيابية” لاحد مهربي الشحنات من الالعاب النارية خلال اجتماع لجنة النزاهة النيابية بالمعنيين للوقوف على الاسباب، الامر الذي لم ينفه البطوش عن نفسه، الا انه اخرج وثيقة تثبت ان العساف سمح لمصلحة صاحب الشحنة بالمرور بعد توسّط شخص غيره.

نظرية “تحويل العساف الى كبش فداء” تجلّت تماما في نقاشات اللجنة البرلمانية، فببساطة ومع اعتراف الدكتور سيف بالذنب وتحمل حكومته للمسؤولية “عدّاها العيب”، الامر الذي سمح للاتهامات للتوجه للعساف، والتي كان من ضمنها طلب النائب القويّ جميل النمري بوقفه عن العمل حتى انتهاء التحقيق على الاقل.

بكل الاحوال، حكومة الدكتور النسور بدت كأنها كسبت الجولة بشرف،يبقى ان الايام المقبلة عليها ان تثبت ان ما حصل ليس مجرد كلام في الهواء، خصوصا وان أي خطأ كهذا سيكلف الاردنيين ثمنا اعلى مما تم دفعه، الامر الذي اشار له رئيس لجنة النزاهة مصطفى الرواشدة وهو يتساءل عن مدى الاستهتار في نقل مثل هذه البضاعة الخطرة (الالعاب النارية) من ميناء العقبة الى جمرك عمان، الى جانب كونها لم تخزّن بطريقة آمنة.

الاهم يبقى، ان الشحنة المذكورة فتحت ملف “التهريب” وخصوصا في المواد الخطرة المماثلة، والنواب اشاروا صراحة الى ما يشبه “سوقا سوداء” في القصة يديرها حيتان متخفون باسماء وهمية، فهل ستمتلك حكومة الدكتور النسور الشجاعة ذاتها للتضحية بمهربين ايضا؟

الوقائع

قد يعجبك ايضا