طارق خوري يكتب: في ذكرى اغتيال الزعيم انطون سعادة
حصاد نيوز-فجر الثامن من تموز في العام 1949 لم يكن فجرا عاديا
فذاك الفجر كان الفجر اﻷخير من حياة مفكر و فيلسوف و مؤسس حزب
ذاك الفجر لم يكن اﻹغتيال للزعيم انطون سعادة فقط بل كان اغتيالا عالميا للقانون و بشكل ” قانوني”
ففي ذاك الفجر كان أسرع تنفيذ لحكم أعدام ﻷسرع محاكمة بالتاريخ
و كانت جريمة الزعيم سعادة أنه آمن بأمته و حاول ايقاظ الروح السورية القومية في نفوس كل السوريين و أينما كانوا
كانت جريمته الثانية أنه آمن بأننا كلنا مسلمون لله و ﻻ عدو لنا إﻻ اليهود
جريمته الثالثة أنه آمن أن عدونا اليهودي يسعى لتحقيق حلمه بما يسمى (اسرائيل ) و حدود هذا الكيان برأي تلموده من النيل إلى الفرات أي سوريا الطبيعية أو الكبرى
فلا شيئ يقضي على الحلم الصهيوني إﻻ وحدة اﻷمة السورية
و ﻷن انطون سعادة يفعل ما يقول كانت لحظات ما قبل إغتياله وقفات عز متتالية
استقبل الكاهن بكل لطف و هدوء و قال له لم أؤذي أحدا و لم أسرق
و لم أقتل لذا ليس لدي ما أعترف به أو أخاف منه
و رفضت المحكمة أن تحضر له زوجته و بناته رغم الحاحه على هذا الطلب كي يودعهم و كذلك رفضت تحقيق رغبته الثانية اذ طلب قلما و ورقة ليكتب شيئا ما
هنا بدأ الزعيم بالكلام غير آبها بكل من في تلك المحكمة
قال: ﻻ يهمني كيف أموت بل من أجل ماذا أموت
و قال : “لا أعد السنين التي عشتها بل اﻷعمال التي قدمتها
هذه الليلة سيعدموني أما أبناء عقيدتي سينتصرون و سيجيئ انتصارهم انتقاما لموتي
كلنا نموت لكن قليل منا يظفرون بشرف الموت من أجل عقيدة”
لم يرتجف و شرب فنجان قهوة و اخذوه مقيدا إلى مكان بعيد لينفذوا حكم اﻹعدام
هو أراد أن ينزعوا العصابة عن عينيه و قال أنه يريد أن يرى رصاص بلاده يخترق جسده فقال أحدهم النظام يفرض ذلك
فقال لهم “اني احترم النظام”
و ﻷنه زعيم حقيقي ظل ﻵخر لحظة بكامل وعيه لدرجة أنه شعر ببحصة تحت ركبته و طلب أن يزيلوها و فعل أحدهم ذلك و شكره الزعيم
فكان عنوان لمقالة الرفيق سعيد تقي الدين “عجبت لمن قال لجلاده شكرا”
اغتالوا الزعيم انطون سعادة ﻷنهم خافوا منه ، خافوا من تأثيره اﻹيجابي الكبير خافوا من فكره النهضوي و خافوا من اكتشاف هذا الحزب لمخططات الصهيونية ﻷمتنا بمساعدة الصهاينة العرب
يا زعيمنا فكرك باق ﻷنه كما قلت قد جاء ﻷجيال لم تولد بعد و أبطال الحزب يروون التراب بدماء هي وديعة اﻷمة فينا
كل سوري قومي حزين ﻹغتيالك فخور باستشهادك و كل يوم نصبح أكثر تمسكا بهذا الفكر فكل ما حذرت منه و تكلمت عنه نراه بأم العين فالتركي ما زال عدونا و الأصولية الدينية السياسية ما زالت خصمنا و الصهيوني ما زال يحتل فلسطين و يدمر تراثنا و يلعب بمقدرات أمتنا و بات هو الصديق لبعض أخوتنا
لكن النصر قادم و ستنتصر أمتنا على تنين الشر ﻷنها صارعت و غلبت أكثر من تنين
و أنت من قلت:
‘إن فيكم قوة لو فعلت لغيرت مجرى التاريخ”
و ها هم أبطال فلسطين يعلموهم و أبطال لبنان يرعبوهم و أبطال الشام و العراق يلقنون ذيولهم دروسا كبيرة
و من اﻷردن أبطال بعضهم أسرى لدى الصهاينة لكن الصهاينة بشعرون أمام صبرهم أنهم هم اﻷسرى
يا زعيمنا جسدك مات منذ زمن لكن حزبك باق ،باق،باق
تحيا أمتنا و يحيا فكرك.
طارق سامي خوري.