حصاد نيوز-ذهبت أبرز الصحف البريطانية وبعد أيام قليلة من انتهاء زيارة الملك عبد الله الثاني للمملكة المتحدة للحديث عن انتهاء الاستعدادت الاردنية لإنشاء منطقة عازلة في جنوب سوريا ، وروت الصحف تفاصيل ماهية تلك المنطقة من الناحية العسكرية وغيرها.
لا يمكن ان تكون الصدفة هي التي دفعت صحف تمثل دولها الديموقراطية واجهزتها الاستخبارتية الى نشر سلسلة من التقارير التفصيلية عن حدث دولي بهذا الحجم بعد زيارة رأس الدولة التي ستعلب دورا تنفيذياً في ‘الحدث’.
اقبال الاردن على على انشاء منطقة عازلة كان واضحا وفق مؤشرات اضافية ، تعزيزات عسكرية غير اعتيادية (صواريخ من نوع أرض-جو وأسلحة هجومية) بحسب تقارير صحفية، صور انها أرسلت ردا على سقوط قذيفة على مدينة الرمثا ادت لاستشهاد مواطن واصابة اخرين ، لكن اتضاح الصورة قليلا كشف للمراقبيين السياسيين على اقل تقدير ان تلك التعزيزات لم تكن لتلك الغاية فقط، كان لا بد ووضع اللمسات الاخيرة وعقد لقاءات وترتيبات على مستوى عالي بين قيادات الدول المشاركة والداعمة ، ما يلغي ان تكون صدفة التوقيت سببا في تقارير الصحف البريطانية عن انشاء منطقة عازلة جنوب سوريا بعد زيارة الملك.
‘على سوريا ان تتحالف مع الاردن وتركيا والسعودية للقضاء على التنظيمات الارهابية’
هذة التصريحات المفاجئة اطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي جمعه مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم مؤخرا ،وربط بوتين ضمنينا استمرار الدعم الروسي السياسي والعسكري لنظام الاسد بمبادرة يطلقها الاسد بهدف انشاء ‘التحالف الرباعي’.
تعتبر تلك التصريحات وبحسب مراقبين وخبراء سياسيين رسالة روسية جاءت بعد زيارة وزير الدفاع السعودي وعقد الاخير لسلسلة اتفاقيات اقتصادية ضخمة مع شركات روسية عملاقة، موافقة روسيا على انشاء مناطق عازلة في جنوب وشمال سوريا ، مع العلم المسبق ان دمشق سترفض تلك المبادرة وهذا ما حصل فعلا ، فبعد زيارة المعلم لروسيا هاجم في تصريحات صحفيه الاردن والسعودية وتركيا واتهمهم بدعم الارهاب.
تقرير نشرعن تفتت التزمت الروسي في دعم النظام السوري قبل زيارة وزير الدفاع السعودي لروسيا
ما الذي يدفع الاردن لإنشاء منطقة عازلة في جنوب سوريا ؟
إقتصاديا
أبدى خبراء سياسيون واقتصاديون أردنيون منذ بدء الازمة السورية الرفض المطلق لاستقبال الامواج البشرية الهائلة من اللاجئين السوريين ، معتبرين من موجات النزوح السابقة الى الاردن وما ترتب عليها من ضغط هائل على البنية التحتية وتدني مستوى معيشة المواطن وغيرها، وحذروا من تفجر الاوضاع الداخلية وانهيار الاقتصاد في حال استقبال اللاجئين السوريين خاصة اذا علم مسبقا ان كلاً من لبنان والعراق لن يرحبوا بإستقبال السوريين نظرا لأوضاعهم الامنية الغير مستقرة، لم يأخذ أصحاب القرار في الاردن أية تعاطي مع تلك المطالبات معتمدين على وعود قطرية وسعودية بدعم مادي هائل اذا استقبل الاردن هؤلاء اللاجئين، لكن ما إن تحولت تلك المساعدات ومنها جزء غير قليل من المنحة الخليجية الى ‘مساعدات مشروطة’ اهمها إنشاء منطقة عازلة تكون منطلقا وملاذ آمن لقوات المعارضة السورية المدعومة قطريا وسعوديا لإسقاط النظام السوري وهذا ما تكرر في تقارير الصحف البريطانية عن تركيبة وماهية المنطقة العازلة.
الداعمين الاردنيين لإنشاء منطقة عازلة جنوب سوريا يرون انه ومن الممكن انشاء مخيمات داخل المنطقة العازلةالمزمع اقامتها ونقل الجزء الاكبر من اللاجئين في الاردن الغير مسجلين رسميا بصفة ‘لاجئ’ والمنتشرين في محافظات اربد والمفرق وعمان والزرقاء ، وبالتالي تخفيف العبء الذي شكله هؤلاء على الاقتصاد الاردني والبنية التحتية والخدمات الاساسية التي تضررت.
أمنيا
ما زال هاجس تنظيم الدولة وتمدده يشغل بال اجهزة الامن القومي الاردني بإختلاف تصنيفاتها وتسمياتها ويهدد الاستقرار الذي تشهده المملكة ، مؤخرا أشارت خرائط جغرافية جديدة أن التنظيم الارهابي بدأ يفقد سيطرته على مناطق في شمال سوريا لصالح السيطرة على اقرب المدن السورية للحدود الاردنية (تدمر والسخنة) وهذة المناطق ضمها التنظيم بعد انسحاب قوات الاسد ،وقد وصف عسكريين اردنيين الانسحاب المتعمد لقوات الاسد بمحاولة ابتزاز الاردن وتشتيت جهوده في الدفاع عن الحدود.
كما أن تمدد تنظيم الدولة في أكثر المناطق الحساسة امنيا ‘المربع الحدودي’ داخل الاراضي العراقية والذي يشمل التقاء حدود الاردن وسوريا والعراق وبعض البلدات القريبة من الحدود السعودية العراقية أصبح يشكل خطرا على الاراضي الاردنية ومعبر طريبيل العراقي ، ويعتبر سيطرة التنظيم على المعبر شرارة مواجهة مباشرة بين التنظيم والجيش الاردني.
ساعة الصفر لانطلاق عملية انشاء المنطقة العازلة
يعتمد توقيت انطلاق عميلة عسكرية لانشاء منطقة عازلة في جنوب سوريا على عدة عوامل أبرزها ، الوقت الذي ستحتاجه فصائل المعارضة السورية لانطلاق ‘عاصفة الجنوب’ مجددا والسيطرة على مناطق تخضع لنفوذ قوات النظام السوري وحصرها على أطراف العاصمة السورية دمشق،وذلك لغاية التخفيف من خسائر متوقعة في حال انشاء المنطقة العازلة،كما أن سرعة تدريب وتسليح العشائر السورية لتبيتهم على مواقع الاشتباك المباشر مع قوات النظام السوري يعتبر عاملا مهما اضافة الى مدى نجاعة تسليح العشائر العراقية وقدرتهم محاصرة تنظيم الدولة في الانبار، الموافقة الامريكية على انشاء المنطقة العازلة هل ستكون عبر ادارة الرئيس الحالي باراك أوباما ؟ أم عبر ما تشير اليه كل التوقعات ان الادارة المقبلة للبيت الابيض ستكون للجمهوريين أصحاب الصفحات السوداء في شن الحروب وتغاضيهم عن الديبلوماسية في التعاطي مع ملفات المنطقة والعالم.