الشاب الأردني ”عمر” المعجب بـ”ميكي ماوس”.. كيف ذهب إلى سوريا ولماذا عاد؟!!!
حصاد نيوز – التأثر بشخصيات كرتونية تعود لثمانينات القرن الماضي مثل “ميكي ماوس والسنافر”، قد يبدو أمرا مضحكا لجيل أطفال اليوم في ظل ثورة المعلومات الرقمية، لكنه قطعا سيكون أمرا صادما عندما يتحوّل إلى رسومات جدارية في زنزانة انفرادية لطالب جامعي ترك القتال في سوريا، وحكم بالسجن بالاشغال الشاقة المؤقتة لسنوات خمس بتهمة الالتحاق بجماعات مسلحة إرهابية.
هذه واحدة من هوايات الشاب الأردني عمر المولود عام 1995 في سجنه اليوم، وهو من غادر الأردن في 23 ديسمبر 2013 إلى تركيا مستخدما قسطه الجامعي لتأمين كلفة سفره، وليخبر والديه التحاقه بالقتال في سوريا ضد نظام بشار الأسد قبل إقلاع الطائرة بوقت وجيز، إذ انخرط لاحقا في أحد معسكرات التدريب التابعة لتنظيم “شام الإسلام ” في اللاذقية .
في الطريق إلى لقاء والدي عمر في منزله بمنطقة جبل الأمير حسن في محافظة الزرقاء، لايمكن ملاحظة أية عبارات أو رموز لتنظيم الدولة على غرار مدينة معان جنوب البلاد، وتشير قراءات التركيبة السكانية، إلى تنوعها من مختلف مكونات الشعب الأردني، بما في ذلك المكون العشائري ، وبينهم بعض السكان المتعاطفين مع السلفية الجهادية وفكر الزرقاوي المنحدر من عشيرة الخلايلة التي تسكن محافظة الزرقاء.
في أروقة المنزل حيث الهدوء يخيم على المكان، لم يكف والد عمر الباحث والاكاديمي عن التعبير عن صدمته مما حصل مع ابنه .
ويقول والد عمر ، إن قضية ابنه طالب علم الحاسوب بدأت في 2013 وكان حينها منتظما في جامعة الزرقاء الخاصة في السنة الأولى، لافتا إلى أنه كان على اطلاع متواصل على المواقع الجهادية والفيسبوك كما تبين لاحقا، معتقدا أنه تأثر أيضا بعدد من طلبة الجامعة ممن قيل إنهم خرجوا أيضا إلى سوريا.
وتابع بالقول :”عقب يومين منذ سفره إلى تركيا اتصل عمر وأخبرنا أنه وصل اللاذقية.. بالفعل كانت مفاجأة وغير متوقعة ،ويبدو أنه التحق بإحدى المجموعات المقاتلة هي شام الإسلام ..مكث معهم شهورا وفي الأول من أيار 2014 اتصل بي وقال إريد العودة “.
في تلك الأثناء، أدرك عمر أن التحاقه بسوريا للقتال ضد نظام الأسد لم يكن كما خيّل له ، وينقل والده عنه عن أسباب قرار عودته ويقول :”نحن ذهبنا نجاهد وندافع عن ناس مظلومين لكن تبين أن هؤلاء يقتلون بعضهم وأنا لست مستعدا للموت سدى..”.
لكن تنفيذ رحلة العودة لم يكن سهلا، بعد أن فقد عمر أوراقه الثبوتية في معسكر التدريب للتنظيم الذي عمل لديه مدخل بيانات للمقاتلين ولاحقا سائقا لإيصالهم إلى مواقع القتال، فيما خضع أيضا لدورة تدريبية على استخدام المسدس، ودورة في العلوم الشرعية .
وبحسب والده، فقد استطاع عمر الخروج من اللاذقية إلى أنقرة دون أوراق ثبوتية، ليمكث شهرا في أحد الفنادق بإيعاز من سفارة الأردن في أنقرة تمهيدا لإعادته إلى البلاد بتوجيه من السفارة ذاتها، بحسب والده.
وقال :” عاد ابني في 5 حزيران تقريبا وكان ممنوعا من التجول في أنقرة وكنا نرسل له أجرة الاقامة في الفندق التي كلفتنا نحو 3 آلاف دينار أردني، وبمجرد وصوله إلى مطار الأردن نقلته الأجهزة الأمنية إلى التحقيق”.
مكث عمر في التحقيق لدى دائرة المخابرات العامة الأردنية ثلاثة ، وأحيل إلى محكمة أمن الدولة التي تشهد عشرات المحاكمات المماثلة، وكان صدور الحكم لخمس سنوات في شهر نوفمبر 2014 بموجب قانون منع الإرهاب ، من الأحكام التي وصفها محاميه عبد القادر الخطيب من الأحكام العالية.
وفي الحديث إلى والدة عمر، التي تشكو ما حصل مع ابنها، لم تخف دموعها كلما تذكرت زيارتها الأخيرة له، عندما سألته عن كيفية قضائه لوقته في الاحتجاز، ليشير لها ” بأنه انشغل بقراءة بعض الكتب ورسم شخصيات للسنافر و ميكي ماوس الكرتونية على الجدار في سجن الموقر 2، المعروف محليا بسجن التنظيمات .
وتقول والدته الأم لستة أبناء وابنة:” التم مع بعض الاولاد وذهب معهم هو ليس مؤهلا لذلك…في صيفية الثانوية العامة التحق بالعمل في سلسلة مطاعم بوبايز في الزرقاء ، هل من يعمل في مكان كهذا لديه توجهات إرهابية!”
وتعليقا على قرار الحكم قالت:” أعوذ بالله من الشيطان الرجيم خمس سنوات لماذا ؟…ابني لايملك سدادا في الرأي وغير تخصصه ثلاث مرات..يفتقد لإدارته الذاتية إذا لم أصنع له السندويشة لا يأكل..كنت أتمنى أن تزوريه في زنزاته وتري مايفعل، قال لي إنه رسم سنفور يلاحق ميكي ماوس على الحائط وتمنيت أن يرى ذلك مدير سجنه…ابني طفل”.
يتكتم عمر بحسب والده عن تفاصيل مشاركته في سوريا حتى الآن رغم إفادته في التحقيق الرسمي، فيما اعتبر الوالد أن ابنه وقع ضحية تلك التنظيمات مؤكدا أنه لم يشجع ابنه يوما على الذهاب إلى سوريا، وأضاف :” هذه المعركة الراية ليست واضحة للآن ومن يقاتل من،خشيت عليه من الانحراف الفكري وأن يقتل دون فائدة”، أو في عبارة أخرى ” في سبيل الشيطان”.
وفي ذات السياق، يؤكد والد عمر أن ابنه لم يكن يوما مسيسا ولاحتى متأثرا بانتمائه والده السياسي الاسلامي، فيما حمّل مسؤولية جذب الشباب الى سوريا إلى بعض المشايخ ممن سارعوا إلى إصدار فتاوى النفير ، والحكومات العربية التي قال إنها “غضت الطرف ” عن خروج هؤلاء الشباب، والإعلام العربي وكذلك ظلم النظام السوري لشعبه.
ويوجه والد عمر نداء إلى السلطات الأردنية، بمساعدة من أراد العودة “نادما” إلى بلاده من سوريا، خاصة الشبان غير المنظمين في تيارات جهادية وليس لهم انتماءات سياسية سابقة، معبرا عن خشيته من “تبدل شخصية ابنه في السجن” .