“داعش” يفرض 1000 دولار رسوما على الشاحنات
حصاد نيوز – تتقاضى مجموعة “داعش” الإرهابية رسوما تتراوح بين 300-1000 دولار على كل شاحنة تمر عبر الأراضي التي تقبع تحت وطأتها لتعكس تزايد الضغوطات المالية التي تعانيها داعش في الآونة الأخيرة.
وبحسب ما نشرته” بلومبيرغ” فقد أوضح سائقو الشاحنات أن المجموعة تبتز رسوم عبور كبيرة، عادة ما تتراوح بين 300 إلى 1000 دولار في بعض الاحيان.
وتسيطر الجماعة الإرهابية على رقعة أرض تمتد على مسافة 200 كم عبر محافظة الأنبار، المقاطعة الصحراوية الكبيرة التي تقع في غرب العراق.
ويحمل رداد، سائق شاحنة، شحنة من الطلاء ليأخذها في رحلة طويلة من عمان إلى بغداد، ليمر بالكثير من الطرق الالتفافية والحواجز، بالإضافة إلى الطرق الترابية، عبر المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”.
ويقول رداد في رحلة الـ500 ميل التي كانت تستغرق قبل الحرب أقل من يوم واحد: “في بعض الأحيان تستغرق الرحلة 4 أيام، وفي أحيان أخرى أسبوعاً أو شهراً إن كان هناك بعض الإزدحام على الحدود”.
تبين الرحلة الشاقة والمحفوفة بالمخاطر المحتملة من الأردن عبر العراق كيف أن الحرب ضد داعش عطلت الروابط التجارية والاقتصاد في المنطقة.
وقد شنت المجموعة المسلحة هجوماً على قضاء الرمادي، العاصمة الإقليمية. وفي هذا الخصوص، يقول أبو حسين، سائق شاحنة آخر يُحمِّل بضائع إلكترونية من عمان ليأخذها إلى بغداد: “أين هو التحالف؟ يمكننا أن نرى مسلحي داعش في الشوارع”.
وتوقف أبو حسين بعض الوقت لتزويد شاحنته بالحمولة المذكورة في منطقة الرويشد، آخر مدينة كبيرة تقع بالقرب من الحدود العراقية، وتحديدا في الصحراء الشرقية الأردنية التي تتميز بقتامتها وبالصخور المتناثرة في أرجائها. وهنا، يغسل سائقو الشاحنات شاحناتهم، ويتناولون الكباب بينما يتبادلون المعلومات حول تغير أوضاع الطرق في المناطق التي تسيطر عليها داعش أو التي يقاتل فيها الجيش العراقي والميليشيات الشيعية للسيطرة عليها.
ووجد السائقون أن حمل التبغ، المحظور في المناطق التي تسيطر عليها داعش، سيؤدي إلى تدمير حمولتهم بالكامل –وفقاً لأبو حسين. وفي بعض الأحيان.
ومع ذلك، يقول المعظم أن داعش تسمح لهم بالعبور من أراضيها بعد دفع الرسوم. وتتراوح هذه الرسوم من 300، هي نفسها التي سيدفها رداد على شحنة الطلاء، وصولاً إلى 1000 دولار تفرض على كل شاحنة تحمل المستحضرات الصيدلانية.
“يقولون انها زكاة”، وفقاً لأبو حسين، إشارة إلى العشارية التي تقدم للمحتاجين” .
وبعد أن يقوموا بدفع قيمة الرسوم، يُعطى سائقو الشاحنات ورقة تحمل ختم “الخلافة”، والتي يمزقها معظمهم أو يخبئونها عقب مغادرتهم مناطق داعش لتجنب استثارة غضب الجنود العراقيين الذين ينتظرونهم عند نقاط التفتيش بالقرب من بغداد.
ووفقاً لتقارير وردت من مناطق داعش، حيث لا يستطيع الصحفيون الغربيون ممارسة أعمالهم، تُخفض داعش أيضاً نفقاتها ورواتب مقاتليها، بينما تزيد عمليات اقتطاع الأموال من الأعمال التجارية المحلية، كنتيجة للخسائر في الإيرادات التي كبدها تقدم حملة التحالف لها، بما في ذلك القصف الجوي الذي استهدف البنى التحتية اللازمة لإنتاج وبيع النفط.
وفي هذا الخصوص، يقول جوردان بيري، محلل أوضاع الشرق الأوسط لدى “فيرسك مابليكروفت” –شركة استشارات أمنية: “مع خسارة المناطق التي تسيطر عليها منذ بداية العام، أصبحت داعش تعتمد بشكل متزايد على ضرائبها المحلية –التي يغلب على معظمها أنها تأتي إبتزازاً”. وأضاف “يعد الطريق مصدراً كبيراً للدخل بالنسبة لها”، قاصداً الطريق السريع بين عمان وبغداد.
ومن جهته، يقول أبو قاسم، الذي كان ينتظر انتهاء العمال من غسل شاحنته على جانب الطريق في الرويشد: “يعتبرونها ضرائب –لرواتبهم، أو أياً كان”. وكما هو الحال بالنسبة إلى جميع سائقي الشاحنات الآخرين الذين تمت مقابلتهم في هذه المقالة، رفض أبو قاسم الإفصاح عن إسمه الكامل في ضوء أنه يعيش في العراق ويعمل في منطقة تقبع تحت سيطرة داعش.
وفي شهر شباط (فبراير) الماضي، بعد أن نشرت داعش مقطعاً مصوراً لحادثة الطيار الأردني معاذ الكساسبة المؤسفة، منع الأردن سائقي الشاحنات الأردنيين من استخدام هذا الطريق. ويقول نقيب أصحاب الشاحنات الأردنية، محمد داود: “ليست الحكومة تريد مزيداً من الرهائن في أيدي داعش”. وبدلاً من ذلك، يعمد بعض السائقين الأردنيين إلى أخذ حمولتهم إلى الحدود العراقية وإعادة تحميلها في شاحنات السائقين العراقيين، الذين يكملون ما تبقى من الرحلة. وقد توقف المصدرون الأردنيون عن استخدام هذه الطريق لشحن السيارات خوفاً من أن تسرقها داعش، مستعيضين عنها بطريق بحري يستغرق وقتاً أطول بكثير إلى البصرة.
وبواقع الحال، انخفض عدد الشاحنات التي تعبر من الأردن إلى العراق من حوالي 400 شاحنة يومياً في العام 2012، قبل أن تستحوذ داعش على المناطق التي تسيطر عليها الآن، إلى 45 شاحنة عندما أغلقت الحدود في وجه الشاحنات الأردنية، وفقاً لداود. ويقدر النقيب خسائر الصناعة على هذا الطريق عند 150 مليون دينار في العامين 2013 و2014.
تعد داعش والرسوم التي تفرضها الأخطار الوحيدة التي تتواجد على طريق عمان-بغداد. حيث يضطر سائقو الشاحنات، في ضوء المواجهات التي تحدث على هذا الطريق بين الجيش العراقي والجماعة الإرهابية، غالباً للتحول إلى الطرق الترابية بغية تجنب القتال، وهذه الطرق الالتفافية تضيف بطبيعتها مزيداً من الأيام لرحلاتهم.
ويقول سائقو الشاحنات، الذين يكثر بينهم تواجد السنيين من محافظة الأنبار، أنهم يخشون الميليشيات الشيعية الناشطة بالقرب من بغداد أيضاً. وقد شهدت أجزاء من الأنبار تزايد القتال في الأيام الأخيرة، مع تكثيف قوات التحالف قصفها الجوي في المنطقة.
يأتي أبو عمر، الذي كان ينتظر غسل شاحنته من نوع مرسيدس ذات 12 عجلة في الرويشد، بالبضائع من مصر إلى أقصى ما يستطيع عند الحدود العراقية، حيث يتولى سائق آخر حملها إلى العراق.
وكان قد أجابني عندما سألته إذا ما كان متردداً في القيام بالرحلة بنفسه أم لا: “لماذا لا أقوم بها برأيك؟”