السنيد يكتب: الحرب الطائفية.. والخاسر الاكبر فيها العرب

30

111548_1_1427878333

حصاد نيوز – بدون وعي تنجر كافة الاطراف في المنطقة الى مواجهات تتخذ صيغة طائفية قد تتطور الى حرب اقليمية يكون الخاسر الاكبر فيها العرب، ويشترك الجميع في مسؤولية تسعيرها وقد غابت الحكمة في هذا الاقليم العربي. ومؤدى ما يجري في المنطقة العربية منذ سنوات هو تحويل الصراع التاريخي الدائر فيها من صراع عربي – ‘اسرائيلي’، او اسلامي – ‘اسرائيلي’ الى صراع عربي- عربي، او اسلامي اسلامي (شيعي- سني) ، واستحداث عدو رئيسي للامة العربية بديلا عن العدو الاسرائيلي .

وبذلك اصبحت المنطقة رهينة صراع طائفي مقيت يكون ضحاياه من العرب انفسهم، وتدمر من خلاله الوحدة الترابية للمنطقة العربية، وتستنزف القدرات العسكرية للجيوش التي تحولت الى حلبة للتنازع الطائفي في عديد من الدول، وهذا يعني ان ‘اسرائيل’ خرجت من دائرة الصراع مرحليا، وربما انها تصبح بمثابة الجارة التي يستعان بها في مرحلة لاحقة من مراحل الصراع، والذي تنجر له الدول الاسلامية ذات الوزن الاقليمي للاسف.

وبنظرة شاملة يتم الوقوف بذهول امام حجم الخراب الذي حل بالمنطقة العربية، وطال نسيجها الاجتماعي الذي تمزق في اكثر من بلد، ومس بتنوعها الفكري والديني، والمذهبي والذي هو سمة تاريخية غالبة لها، وكيف ان غالبية ضحايا الحروب والقلاقل والاضطرابات في العقود الاخيرة كانوا من العرب ، وقضوا بايد عربية. وها هي المنطقة تغدو ساحة مفتوحة للجماعات المتطرفة التي انشأتها ذات طبيعة الصراع الطائفي، واخذت تحصد ارواح المسلمين.

وبذلك يدخل الكل في اطار المسؤولية، ويصبح تحديد موقف ما مع اي طرف من اطراف الصراع الطائفي غير ممكن، فالدول العربية ذات الغالبية الشيعية تدخل اطرافا غير عربية في الشأن الداخلي العربي، وتعتمد القرب المذهبي على الرابطة العربية، والدول السنية العربية ساهمت في التصعيد على اساس طائفي كرد فعل، والدول الاقليمية الاسلامية سواء كانت تنتسب للمذهب الشيعي او السني لم تتنبه الى خطورة الدخول على خط الصراع، وتأجيجه ، وتطوير حمى التنازع في هذه الدول على اساس طائفي.

هو عقد عربي مأساوي غابت عنه الحكمة بامتياز، واصبح التفتيت والتجزيء عنوانه الابرز، واخضعت المنطقة الى ظرف موضوعي- لا يمكن ان يكون النظام الدولي الذي تقوده امريكا بمنأى عنه- يفضي الاخلال بالوحدة الترابية لدولها، واعادة ترسيم لها ، وهدم لوحدتها الثقافية وتسعير للاختلاف المذهبي، وانهيار للجيوش العربية ، وادخال ما تبقى منها في حروب قد تستنزف القدرات العسكرية لها. وهنالك دول تعاد الى الصيغة البدائية في سقوط السلطة المركزية وتفرقها بين الجماعات والمليشيات المسلحة في الشارع، وصولا لاشغالها عن احداث التنمية المطلوبة لصالح الاجيال العربية القادمة، وهو ما يبقيها في حالة ضعف ، واستجداء، وكذلك تغير وجهة الصراع فيها عن العدو الاستراتيجي للامة المتمثل بالكيان الصهيوني، ودفعها الى صراعات بدائية تدار في داخل الشعب العربي الواحد ، وبما يكرس صيغة الصراع الطائفي في اعماق بنيتها الاجتماعية.

ولعمري لو ان الشيطان وضع بنفسه المخطط لما حقق مثل هذه النتائج الكارثية للأسف.

علي السنيد

قد يعجبك ايضا