قصة تسول قسري .. الطفل سالم يقتات غذاءه على حاويات القمامة

29

110193_1_1427147239

حصاد نيوز – تسول قسري عانى منه الطفل سالم (اسم مستعار) غالبية سنوات عمره، اوصلته اليوم، إلى المعاناة من اضطرابات سلوكية شديدة، فضلا عن أمراض معوية عدة، مرتبطة بسوء التغذية.

سالم، ابن الـ 14 عاما، تم ضبطه من قبل فرق مكافحة التسول قبل نحو أسبوعين، وتم تحويله لاحقا إلى مركز رعاية المتسولين في مادبا. في المركز ظهرت على الطفل سلوكيات غريبة، أبرزها استغرابه من شكل وجبة الغداء، فضلا عن جهله التام بالأساليب اللائقة لتناول الطعام.

بعد متابعة الأخصائيين الاجتماعيين لحالته، تبين أن المصدر الوحيد لسالم لتناول الطعام، كان حاويات القمامة في الشوارع، إذ كان التوجه للحاوية بمثابة استراحة الغداء، أثناء ممارسته التسول، وأنه لم يعرف يوما أيا من أشكال الطعام في بيته.

مارس سالم التسول منذ سن صغيرة، إذ كانت أسرته تستغل وجود طفل رضيع، للحصول على مبالغ مالية أكبر، وعندما بلغ سن 6 سنوات، بدأ بممارسة التسول بشكل منفرد، ولكن برقابة أحد أفراد أسرته عن بعد. لم يحظ سالم كغيره من الأطفال بفرصة الالتحاق بالتعليم، سواء النظامي او غير النظامي.

رغم المبالغ المالية، التي كان يجمعها سالم يوميا، لم يسمح له بصرف قرش منها على نفسه، وكان يقوم بتسليمها مباشرة لوالده، بحسب الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية د. فواز الرطروط.

يقول الرطروط: “بعد دخول سالم إلى المركز تم تحويله للمستشفى، ليتبين وجود فطريات وتخمجات في جهازه الهضمي، فضلا عن اضطرابات معوية، مردها اعتماده في التغذية على النفايات”.

ويوضح “يعاني الطفل من مشاكل سلوكية عدة، إلى جانب مرضه، فهو يجهل الكثير من الأمور البسيطة في الحياة، كما أنه يعيش في أسرة مفككة، إذ أن والديه مطلقان، ويعيش حاليا مع والده وزوجة أبيه، اللذين يستغلانه في التسول”.

ويتابع الرطروط “تم توفير العلاج والأدوية اللازمة للطفل، كما استفاد من البرامج التأهيلية، التي يوفرها المركز خلال فترة إقامته، باعتباره ليس متسولا فقط، إنما بحاجة للحماية والرعاية”.

ويضيف “تعكس حالة الطفل سالم الاستغلال الذي يتعرض له الأطفال، من قبل ذويهم في التسول، غالبية المواطنين يقدمون الأموال لهؤلاء الأطفال، من منطلق الشعور بالعطف والشفقة، لكن في الحقيقة أن إعطاء الأموال للمتسولين من الأطفال ليس سوى إساءة لهم”، داعيا في هذا الصدد المواطنين، إلى عدم إعطاء النقود للأطفال المتسولين، والتبليغ عنهم إلى الجهات المعنية حماية لهم.

وبحسب مصادر فإن الطفل الذي أمضى عدة أيام في مركز المتسولين، ورغم انه من المتسولين المكررين، خرج أخيرا من المركز بقرار قضائي وبكفالة والده.

من ناحيتها، توضح مديرة مركز تمكين للدعم والمساندة القانونية لندا كلش ان “ما تعرض له الطفل سالم يتجاوز مسألة التسول ويصل حد الاتجار بالبشر والإهمال من قبل مقدمي الرعاية”.

وتتابع “لكن للأسف بموجب قانون منع الاتجار بالبشر لا يوجد بند صريح يعتبر استغلال الأشخاص في التسول القسري اتجارا بالبشر، من هنا نحن نطالب بتعديل القانون ليشمل هذه الفئة الهشة”.

وتنص المادة 3 من قانون منع الاتجار بالبشر أن عبارة جرائم الاتجار بالبشر تعني استقطاب أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم او استقبالهم بغرض استغلالهم عن طريق التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة ضعف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على هؤلاء الأشخاص، واستقطاب أو نقل أو إيواء أو استقبال من هم دون الثامنة عشرة متى كان ذلك بغرض استغلالهم ولو لم يقترن هذا الاستغلال بالتهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك”.

وعرّفت المادة الاستغلال بـ “استغلال الأشخاص في العمل بالسخرة أو العمل قسرا أو الاسترقاق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء أو في الدعارة أو أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي”.

لكن القانون، بحسب كلش، لم يشر إلى التسول، كما أنها ترى انه من الواجب اضافة مصطلح الحد الادنى منه، ليشمل القانون إلى جريمة فيها شبهة اتجار بالبشر.

وكان عدد المتسولين الذين ضبطتهم فرق مكافحة التسول ارتفع خلال العام الماضي إلى 3200 مقارنة بـ3000 للعام 2013، بحسب الوزارة، في حين بلغ عدد الاطفال المتسولين منهم 753.

وتشير احصائيات الوزارة إلى منحى تصاعدي في أعداد المتسولين خلال الأعوام الأربعة الماضية، فضلا عن توسع مشكلة التسول لتصل الى كافة محافظات المملكة تقريبا.

وكانت الوزارة ضبطت في أكثر من مرة قيام متسولات باستئجار أطفال حديثي الولادة، بمبلغ 20 دينارا يوميا، طمعا بالحصول على تعاطف أكبر وبالتالي مزيدا من الكسب.

قد يعجبك ايضا