نظرا للقبول والاحترام الذي يتمتع به… الأردن مؤهل للعب دور الوسيط بالأزمة اليمنية
حصاد نيوز – أكدّ تقرير أعده “فريق الأزمات العربي” التابع لمركز دراسات الشرق الأوسط، أن الأردن مؤهل نظرا للقبول والاحترام الذي يتمتع به لدى جميع أطراف الأزمة اليمنية، إلى لعب دور الوسيط في الأزمة، موصيا الحكومة لأن تبادر بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية بالتواصل مع أطراف الصراع لبحث امكانية عقد مؤتمر مصالحة في عمّان.
وحثّ التقرير الذي يحمل عنوان “الأزمة اليمنية إلى أين؟” على عقد لقاءات غير رسمية لأطراف الأزمة اليمنية في الأردن، الذي سبق أن توصل إلى مصالحة تاريخية (وثيقة العهد والاتفاق) بين القوى المختلفة في 18/1/1994، وذلك لتسوية الأزمة السياسية في الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ونائبه، في ذلك الوقت، علي سالم البيض.
وحضّ التقرير، الذي تلقت “الغد” نسخة منه، جيران اليمن، وتحديداً المملكة العربية السعودية وبقية الدول الخليجية، على منح الأزمة اليمنية الأهمية اللازمة، مشددا على ضرورة تشكل خلية أزمة تضم سياسيين وأكاديميين وعسكريين خليجيين، مهمتها متابعة الأزمة وتقديم الافكار لصانع القرار السياسي لاتخاذ الاجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
كما دعا إلى التحرك السياسي والاعلامي ضد التدخلات الايرانية في اليمن، والذي قد يشمل فرض أو التهديد بفرض عقوبات على ايران من دول الاقليم والدول العربية، لافتا إلى أهمية تعيين مبعوث من الجامعة العربية لليمن، وإنشاء وحدة خاصة داخل الجامعة من الخبراء والباحثين لدراسة أوضاع اليمن وتقديم المشورة والرأي للأمين العام ومبعوث الجامعة.
ودعا التقرير الى تشجيع الدول المانحة وتحديداً السعودية لتستخدم سلاح العقوبات الاقتصادية بحذر، فالتوسع في استخدام هذا السلاح قد يؤدي إلى انهيار الدولة اليمنية، أو أن يدفعها الى الارتماء أكثر في حضن ايران. وقال التقرير انه على الرغم من أن خيار التدخل العسكري البري الخارجي يبقى خياراً صفرياً، إلا أن على الدول العربية المهتمة بشؤون اليمن الاستعداد لتدخلات عسكرية عربية محدودة ونوعية ومؤقتة لمواجهة أي طارئ في حال أصر الحوثيون وايران على سياساتهم الحالية التي تعتمد العنف والسلاح وسيلة لإضعاف الدولة وفرض الأمر الواقع.
واعتبر أن على الدول العربية أن تستعد لتقديم الدعم التقني والفني للجيش وقوات الأمن الرسمية في حال تخلصت من الاختراق الحوثي، وبعد اعادة هيكلتها وتشكيلها من قبل حكومة شرعية والرئيس المنتخب وبدعم من البرلمان المنتخب أيضاً.
ويرسم التقرير سيناريوهين اساسيين، اولهما استمرار سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة واحتدام المواجهة المسلحة واتساع دائرة العنف وثانيهما التوصل الى حل سياسي والعودة الى المسار الديمقراطي وتنفيذ برنامج المرحلة الانتقالية، وهو ما قد يعيد الاستقرار الى اليمن ويجنبه احتمالات الانزلاق لأوضاع خطيرة قد يصعب تداركها.
ومع إقرار معدي التقرير بالصعوبات التي قد تكتنف تطبيق بعض الحلول المقترحة، غير أن التقرير يقدم عددا من المقترحات لحل الأزمة انطلاقا من رؤية استراتيجية تحترم المصالح العليا للأمة العربية ولليمن والشعب اليمني، ومن أبرزها إجراء حوار حقيقي بين القوى المتصارعة برعاية اقليمية ودولية وإجراء الاستفتاء على مسودة الدستور لتجري بعدها انتخابات رئاسية وبرلمانية، وإعادة تأهيل وبناء وتدريب وتوحيد الجيش وقوى الأمن واستعادة أجهزة الدولة لسيطرتها على جمع مؤسسات الدولة ومناطقها وتأجيل النظر في موضوع شكل الدولة على اساس انفصال بعض المناطق او الفدرالية حتى تستعيد الدولة عافيتها.
وأرجع التقرير عوامل فشل المبادرة السياسية الى عوامل من اهمها، ضعف المنظومة الحاكمة، وتنامي دعوات الانفصال الجهوية خاصة الجنوبية منها، وكذلك تنامي القوة العسكرية لجماعة الحوثي التي أسقطت الجيش وحيدته، وغياب الدور العربي والخليجي على وجه الخصوص في متابعة وتقييم الاداء في المرحلة الانتقالية والتغاضي عن تنامي القوة المسلحة للحوثيين وتنامي النفوذ الايراني في اليمن. ولفت التقرير الى ان التعامل بقواعد وسياسات تفتقر للدراية والخبرة ازاء لتعقيد السياسي والقبلي في اليمن من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا على وجه التحديد، واللجوء احيانا الى افكار وقوالب ونماذج جاهزة لتطبق في اليمن وهو ما لا يمكن توقع نجاحه تماما حيث يمكن اطلاق مسمى غير واقعي على بعض الحلول والاقتراحات المقدمة . وقال ان عدم القدرة على ادارة الدولة والمرحلة الانتقالية والفشل في اعادة هيكلة الجيش وتوحيده تحت قيادة واحدة واعادة هيكلة الاجهزة الامنية، تسبب بعدم تقدم برنامج المرحلة الانتقالية وفق اسس الحوار الوطني.
وتفتح الازمة في اليمن ابوابا كثيرة للمخاطر والتهديدات داخل اليمن وخارجه، من بينها، توقف المسار السياسي في اليمن حيث ثمة صعوبات في تمرير الدستور والاستفتاء عليه، في ظل الظروف الحالية، مؤكدا ان عدم اجازة الدستور يعني عدم اجراء انتخابات لأي سلطة في اليمن، وذلك يعني تآكل شرعية النظام السياسي ما سيفضي الى تدهور مؤسسات الدولة وتراجعها لصالح الجماعات العنفية المسلحة الاخرى كأنصار الله والقاعدة. وحذر التقرير من ان انتشار العنف والفوضى في اليمن قد يفضي تدريجيا الى حرب اهلية واصطفافات مذهبية كما حصل في لبنان 1972 – 1987 وفي سورية 2011 – 2014 وفي العراق 2012 – 2014 .
وتوقع التقرير ان تدخل اطراف أخرى في مواجهات عنيفة مع الحوثيين واكثرها احتمالية هو حزب التجمع اليمني للاصلاح الذي واجه الحوثيين في أكثر من مرة ومنطقة، رغم أن الحزب حتى اعداد هذا التقرير فضل التوقف عن المواجهة المسلحة بعد سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين وهو يعتمد الآن سياسة استعادة الشرعية عبر الرئيس والدعم الخليجي . وقال ان تنامي حدة الصراع السعودي الايراني في اليمن فزيادة النفود الايراني في اليمن عبر الحوثيين او الانفصاليين الجنوبيين ستدفع المملكة العربية السعودية الى التدخل على كل المستويات في اليمن لمقاومة الوجود والنفوذ الايراني لما يشكله ذلك من مخاطر على أمنها ودورها الاقليمي.
اما السيناريوهات المحتملة للازمة اليمنية، فهي تشمل حسب التقرير، استمرار سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة واحتدام المواجهة المسلحة واتساع دائرة العنف، ما سيقود الى صراع مفتوح، وانهيار مؤسسات الدولة، وتوفير حاضنة وبيئة خصبة لزيادة نفوذ القوى المتطرفة في البلاد، اضافة الى الانفصال والتقسيم على أسس جهوية أو طائفية.