زلزال الفساد ترتفع وتيرته،وتتسع دائرته،وتزداد قوته يوماً بعد يوم…فمن يحاكم المُتنفذين ؟!
حصاد نيوز – بسام الياسين
( كشفت مصادر رسمية عن “دخول 7300 ألف رأس ماشية ـ مريضة بامراض وبائية ـ من سورية بطريقة غير شرعية،المصادر اشارت إلى “تورط شخصيات رسمية ونيابية و متنفذة أردنية في التهريب”ـ الغد ـ ).
زلزال الفساد ترتفع وتيرته،تتسع دائرته،تزداد قوته يوماً بعد يوم.ما نشهده اليوم انطلاقة تدميرية مبتكرة وصرعة من صرعات فساد ذوي الضمائر المعلولة. فساد عالي الجودة، لم يترك مؤسسة وطنية خدمية كانت ام سيادية الا خلخل كيانها وضعضع بنيانها،مستهدفاً جسد المواطن،ناهيك عن روحه التي ذُبحت بالاحكام العرفية،وظلم غربان ليلٍ لا يخافون الله.نخبة فاسدة مفسدة جمعت اسباب،الثروة والسلطة،وحصّنت نفسها من المٌساءلة.فتظافرت عدة عوامل شائنة،لارساء قواعد إعلاء قلعة الفساد،و تسليح جدرانها لحمايتها من الاختراق لزيادة سطوة حُراسها المتنفذين على البقية الباقية من ثروات البلد .
ولما غرقت البلاد بالفساد،اندفع عباقرة الفكر الابتكاري لاستيلاد” هيئة مكافحة الفساد”،فجاءت كقط بلا اظافر في حين تورمت حيتان السوق،وانتفخت ديناصورات القطاع العام. فكرة الهيئة اشبه بمن يريد ان يرتق طبقة الاوزون بمسلة صدئة،او ينضح مستنقعاً آسناً بملعقة.آفة الفساد المزمنة،لا تحتاج الـى “هيئة” ذات كوادر محدودة وميزانية على الريحة،بل تحتاج لثورة ادارية كاسحة لا تُبقي ولا تذر،للاطاحة بـ “رؤوس اينعت وحان قطافها” على طريقة الحجاج.
الشخصيات النافذة القيمّة والقائمة على “خزينة بيت المال” من شخصيات نافذة،حملة مفاتيح و ارقام قاصاتها السرية،يجب مراجعة سيرهم الذاتية،والاستفسار عن كيفية حصولهم على شهادات عدم محكومية،و برآءة ذمة ؟!.ما يثير الاسئلة المحيرة سر وجودهم “بالامكنة المناسبة” لتسهيل مهماتهم في الحرمنة من دون مكيجة او ارتداء قفازات لاخفاء بصماتهم كما يفعل صغار الحرمية . تلك حقيقة جلية تعيدنا للمربع الاول في “سوء الاختيار” كمن يأتمن سكير على مفتاح مستودع خمرة ،ويكلف خنزير ادمن الوخم حراسة مزبلة،و الزامه بشرط جزائي بعدم النبش القذارة….فهل يعقل هذا؟!.في الحالة الاولى لا يقوى السكير على مقاومة ادمانه لانه وصل حالة مرضية يحتاج الى مصحة ورعاية طبية لا وظيفة حساسة.اما الخنزير لا يستطيع العيش الا في بيئة موبوءة ليعتاش على الرمم ويتمرغ في الزبالة وتسليمه امانة المسؤولية مناف لفطرته وطبيعة تكوينه.
ضياعنا ازداد ضياعاً لغياب ثقافة وطنية ممنهجة،وان وجدت لم يبق منها الا اكسسوارات براقة،شعارات لامعة، اغانٍ مستهلكة،بقايا ملابس فلكلورية غير صالحة للالفية الثالثة.ثقافة بائسة ليس فيها روح ابداعية،وهي اضعف من ان تقدح زناد المشاعر الوطنية،بعد ان بلغ الاحباط والتذمر والشكوى مناسيب عالية من ” اللا جدوى” من الشكوى،لاتساع الفجوة بين القاعدة والنخبة،بسبب احساس العامة بالمظلومية،وحرمانها من التشاركية، والتلويح لها بالعصا كانها قطيع ماشية،اذا ما عصت الاوامر المفروضة على رقابها.ما زاد الرعونة رعونة ما حدث من “قسمة ضيزى”في توزيع الثروة، ادى الى افقار الشعب بسياسات ارتجالية،جعلت حياة المواطن كابوساً خانقاً،ولدّ عنده شعوراً حاداً بالغبن،دفعه للانكماش على ذاته،بحثاً عن خلاصه الشخصي.
الساحة الوطنية تحولت الى سيرك وحوشه غير مدربة،الخاسر فيها اغلبية عظمى لا سند لها،و فوق خسارتها كسروا ظهرها.في ظل اوضاع قلقة متوترة اين يذهب الضعيف؟!. ماذا يقول حملُ وديع لذئب دموي جاء ليحوله الى وجبة ؟!. وكيف يتصرف عصفور عندما يهوي عليه صقر جارح ليطبق على خناقه ويتحلى بفراخه امام ناظريه ؟!.صراع النخب واختلافها ظاهرة صحية لمصلحة الوطن.تختلف في الرؤى، لتتفق على خدمه الناس. الكارثة المحققة ان صراع نُخبنا كان ولم يزل على نهب الوطن.عراك ديكة و نتف ريش دوافعه خلاف على ترقية، كرسي وزارة،سفرة مدسمة، بعثة الى بلاد برة، سفارة لو في اسرائيل المجرمة…يا للبهدلة،وطن يُباع ويُشترى كانه سلعة مستهلكة.وطن النخبة ليس اكثر من بقرة حلوب يجب رجمها ان لم تحلب في دلائها،وحلال ذبحها ان جف ضرعها..!.
مفاهيم خاطئة لا يمكن علاجها الا بصدمة وطنية.رؤى معوجة لا تستقيم الا بثقافة سياسية عميقة لنزع الغشاوة عن البصر و البصائر للارتقاء بالوعي الجمعي بان الوطن ايقونة مقدسة،لا تكية عثمانية للاكل والشرب وقضاء الحاجة لنخبة التنابلة، تجهل ان عشاق الوطن يكبرون بالتضحية،بينما لصوصه يصغرون بالحرمنة.فالوطنية ليست استعراضاً تفاخرياً او مزايدة ًمنبرية،كما انها ليست لعبة حاوٍ يخرج من كمه ارنباً ،ولا حيلة نصّابٍ يطلق من تحت قبعته حمامة،انما من يقدم منجزه الانساني،العلمي،الثقافي،الابداعي لوطنه دونما عمولة او سمسرة.
ارتداء مسوح الرهبان لا يعني الرهبنة. اطلاق اللحية لا يدل على ورع صاحبها. طقطقة المسبحة لا توحي بالتقوى.مظاهر خادعة تخدع السُذج لكنها لا تنطلي على اهل المعرفة.المواطن ظهره للجدار الاخير،غسل يدية من كل شيء، بعد ان فقد كل شيء.سكين الفاسدين تحز رقبته،غلاء يقطع انفاسه. في هذه الاجواء الملتهبة لم تعد تجدي ” لعبة رشوة المواطن بالوعود الكاذبة” اصبحت قديمة و بايخة”،فيما رشوة النخبة بالعطايا لم تزل ثابتة، جلية، واضحة. كما ان جريمة تعليف انكر الاصوات، صوت”كُتاب الدهلزة” الذين يتحدثون لغة مكشوفة ـ بلا هدوم محتشمة ـ من فاتورة الجوعى جريمة كبرى.هؤلاء واؤلئك سقطوا في حفرة اوطى من واطية لا مثيل لها الا الحفرة الانهدامية في اغوارنا الاوطى في الدنيا.
نخبة اخجلتنا بافعالها لكنها لم تخجل من نفسها.تمادت في غيها.نفذت اسوأ ادوارٍ ممكنة.حفرت بمعاول الهدم معالم اوطاننا: حرمنة،نهب،وضع اليد على اراضي الدولة،تهريب،استيراد مواد مسرطنة،تطبيع مع عدو الامة،اذلال الناس باستغلال السلطة،فحش فاحش في الغنى،حلب الوظيفة بلا رحمة. لم يدخلوا بنا الالفية الثالثة،انما دفعونا عنوةً الى زمن اطفال القمامة،والتقاط العجزة ارزاقهم من الحاوية. يا وطني المنهوب،هل ابكي عليك ام ابكي على حالي انا ؟!…باعوك وباعوني في مزادٍ علني؟!.قايضوا ترابك في تراب المصاري،افسدوا ملحك الذي لا يفسد،شفطوا ماءك عن آخره وبقى الناس عطشى .
نُخبٌ بشعة همَّها إشباع “انواتها” ـ جمع انا ـ .تزهو كالطواويس بانها : “انا السلطة والسلطة انا”.نتيجة لاجتماع السلطة والثروة / النفوذ والمال سيان.فتعملقت عندهم “الانا” اجتماعياً،بمعنى تضخمت مرضياً بسبب كثافة نرجسيتهم “الاغراق في حب الذات وتمجيدها” وتعاليها على “آنا” الاخرين .ولو عرف اصحابها جذور شخصيتهم و اسباب تضخم الانا لخجلوا بانفسهم.فاقل ما يقال فيهم انهم اصحاب شخصيات وضيعة تدافع عن نفسها بالتعالي الكاذب والانتفاخ المرضي،مدعية انها الامينة المؤتمنة على الناس اجمعين، رغم ان بصمتها الوراثية تشهد انها تنحدر من سلالات مشبوهة. صدق الصادق المصدوق في وصفهم : ” لا إِيمان لمن لا امانة له ولا دين لمن لا عهد لَه “. اللهم كف شرهم عنا في الدنيا،و ابعدنا عنهم في الاخرة،واحشرنا مع فقراء المهاجرين اول الناس وروداً الى حوض سيد الخلق محمد العربي :” حوضي من عدن الى عمان البلقاء”،وشرفنا بشربة من بين يديه الكريمتين لا نظمأ بعدها ابداً.
نخبة لا امانة لها و ذمتها واسعة، تتشبث بالدنيا كأنها خالدة مخلدة، لو انها نظرت مرةً واحدة لوجهها في مرآة شعبها،لحذت حذو النخبة اليابانية،عندما يُفتضح امر واحدها، فيرمي نفسه من اعلى شرفة في المدينة على طريقة “ابطال الساموراي” الانتحاريين للهرب من ازدراء شعبه و اتاحة الفرصة للبصق عليه. “من قلة حظنا” نحن، لم نرَ او نسمع عن احد من “جماعتنا” انه قفز من مئذنة او من سطح منزله لنصفق له، ونحترم فيه، احترامه لنفسه. نخبتنا اللا منتخبة ـ عليها اللعنة فرداً فرداًـ لم تفعلها ولن تفعلها لان عرق حيائها طق منذ ولادتها.