من هو الداعشي “ترجمان الأساورتي” الذي أغلق “تويتر” حسابه 100 مرة؟!!
حصاد نيوز – يعد إعلام تنظيم الدولة الأكثر احترافية وشمولية بين الحركات الجهادية، والإسلامية عموماً، حيث ركز التنظيم منذ تمدده إلى سوريا في 2013 على تقوية الجانب الإعلامي لديه، لعلمه أن حرب الإعلام لا تقل شأناً عن الحرب في ساحات القتال والمعارك العسكرية.
ورغم كون مؤسسات “الفرقان” و”الاعتصام”، و”الحياة”، و”أجناد” تتبع رسمياً لتنظيم الدولة، إضافةً إلى “إعلام الولايات”، إلا أن مؤسسة “ترجمان الأساورتي للإنتاج الإعلامي” غير الرسمية لا تختلف كثيراً عن المؤسسات الرسمية من حيث قوة التفاعل معها بين أنصار التنظيم.
من هو “ترجمان الأساورتي؟”
تردد اسم أشهر مناصري تنظيم الدولة كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن أحداً لم يكشف عن هوية “ترجمان الأساورتي”، أو عن الدولة التي يقطن فيها.
برز حساب “ترجمان” بالتزامن مع دخول الجهاديين لموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بداية أحداث الربيع العربي، حيث كان يصدر فيديوهات من إنتاجه وجهده الشخصي تحرض على الجهاد، وتذم “مشايخ السلاطين”.
لم يسبق لـ”ترجمان الأساورتي” الإفصاح عن معنى اللقب الذي اختاره لنفسه، وأصبح أحد أشهر الأسماء التي مرت في تاريخ تنظيم الدولة منذ انطلاقته قبل قرابة العشر سنوات.
بقي “ترجمان الأساورتي” يحظى بشعبية جارفة بين أنصار جبهة النصرة، وتنظيم الدولة حتى انحيازه إلى طرف “الدولة” في وجه الفصائل الأخرى.
اللافت في شعبية “ترجمان” أنه ورغم تأخره في مهاجمة تنظيم القاعدة على غرار أنصار وقيادات “الدولة”، وبالرغم من استبشاره خيراً بزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري إلى وقت قريب، إلا أن ذلك لم يكن عائقاً أمام ازياد شعبيته بين أنصار تنظيم الدولة.
ويرجِّح جهاديون أن يكون “ترجمان الأساورتي” مواطناً سعودياً لكثرة حديثه عن الشأن السعودي، وإلمامه الواسع بأسماء الدعاة السعوديين، وتاريخ الجماعات الجهادية ورموزها في “الجزيرة العربية”، كما يسميها.
بينما يقول آخرون: إن “ترجمان” هو مجموعة أشخاص يقومون بإنتاج أفلام متقنة بشكل احترافي، موضحين أن بعض تغريدات حساب “ترجمان” تختلف في أسلوبها عن باقي التغريدات.
كما بينوا أن إصدارات “ترجمان” ليست جهداً فردياً. ويستدلون على ذلك باقتباسه مقاطع مصورة من قنوات أجنبية، وإصدارات قديمة، ويرون أن هناك فريق عمل متكاملا يقوم على هذه الإصدارات.
إصدارات “ترجمان”
في السابق، وقبل بدء إدارة “تويتر” بحملات إغلاق أي حساب مرتبط بتنظيم الدولة، كان “ترجمان الأساورتي” ينشر إصدارات جديدة بشكل دوري، تصل في بعض الأحيان إلى إصدار يومي.
لـ”ترجمان الأساورتي” كاريزما خاصة تميزه عن بقية أنصار التنظيم، فهو أمهرهم في الترويج لـ”دولة الخلافة”، وأمهرهم أيضاً في انتقاء العناوين الجذابة لإصداراته، بالإضافة إلى تغريداته التحريضية، التي لا تخلو من الحنكة الجهادية.
يستخدم “الأساورتي” في إصداراته الكثير من اللمسات الفنية التي تلفت المشاهدين، كما يقتبس تصريحات ومقاطع لشخصيات مشهورة، غالباً ما يأتي بها من قنوات إخبارية أجنبية ليوظفها في رسالته داخل الإصدارات.
وينتقي “ترجمان الأساورتي” أناشيد جهادية تتلاءم بشكل كبير مع المقاطع المصورة التي ينشرها، كما يوظف تصاميمه التي يطغى عليها لون الدم الأحمر في إصداراته التي يهدد من خلال دول العالم.
في الآونة الأخيرة لاحظت “عربي21” كيف تجاوز “ترجمان الأساورتي” إشكالية حجب اليوتيوب لإصداراته، حيث بدأ برفعها على موقع “sendvid” الذي لا يحجب المقاطع المرفوعة عليه.
معركة “ترجمان ومدير تويتر”
شملت حملة “تويتر” على حسابات تنظيم الدولة حساب “ترجمان الأساورتي” الذي أغلق بعدما تجاوز عدد متابعيه الخمسين ألفاً، ليبدأ حينها معركته الطويلة والممتدة مع إدارة تويتر.
بدأ “ترجمان الأساورتي” مرحلة الحرب الخاطفة مع “تويتر” وساعده في ذلك “جيش الخلافة الإلكتروني” الذي بدأ بنشر حساب “ترجمان” على أوسع نطاق فور إنشائه، ليتجاوز عدد متابعيه غالباً الخمسة آلاف بعد مرور أول ساعة من إنشاء الحساب الجديد.
يقوم ترجمان حسبما تتبعت ذلك “عربي21” لحظة فتح حساب جديد بتهديد مدير “تويتر” جاك دورسي بشكل ساخر، ووضع عبارة لازمته في جميع حساباته التي وصلت حتى ساعة كتابة هذا التقرير 102، وهي “نبقى نؤرقكم وننصر دولة الإسلام”.
ساعات مع حساب “ترجمان”
يبدأ “جيش الخلافة الإلكتروني” بنشر حساب “ترجمان الأساورتي” على أوسع نطاق بطريقة تشبه “الاستنفار”. بدوره يبدأ ترجمان بنشر عشرات التغريدات في زمن قياسي، تتنوع التغريدات بين التحريض، والتهديد، وإعادة نشر إصدارات سابقة.
وحين يعلن “ترجمان” أنه بصدد إعداد إصدار يصفه بـ”المميز” سيقوم بنشره الليلة، تبدأ حسابات “الأنصار” وحتى جنود التنظيم المعروفين مثل “أبو سامي الوايلي”، و”أبو عاصم التبوكي”، و”أبو غادة الزعبي” بالترقب.
ثم يقوم ترجمان بنشر صورة لسير عملية الإنتاج لإصداره المميز، مما يزيد التفاعل والترقب لدى أنصار التنظيم، لا سيما مع إفصاحه عن اسم الإصدار الذي يجذب أعداء التنظيم قبل أنصاره، مثل “دجالون ملتحون، كلاب نابحة”، و”لماذا عليك ترك جبهة النصرة، رسالة للعقلاء”، و”خلف الستار حرب قذرة”، و”زهران علوش في رفقة السيستاني”.
لا تمر سوى بضع دقائق حتى يصل عدد مشاهدات الإصدار الجديد على “يوتيوب” إلى عدة آلاف، قبل أن يُحجب الفيديو، ليبدأ “جيش الخلافة الإلكتروني”، بإعادة نشره بشكل مكثف.
فضائح “ترجمان”
ورغم تميز “ترجمان الأساورتي” بإصداراته الممنتجة بشكل احترافي، إلا أنه أثار الجدل في العديد منها، وتبين أن بعضاً منها استخدم فيها “التدليس” على متابعيه.
ولعل أشهر تلك الإصدارات إصداره المسمى “الفضيحة الكبرى”، والذي اتهم فيه فصائل سورية بقتل عناصر من التنظيم، وتصويرهم على أنهم من الثوار، وأن تنظيم الدولة هو من قام بقتلهم.
هنا ركز “ترجمان” على شخص أُعدم بعد تكبيل يديه وسط حديث لأحد مقاتلي “جيش المجاهدين” قال: “إن هذا الرجل وغيره من المقاتلين قام تنظيم الدولة بإعدامهم”.
فما كان من “ترجمان الأساورتي” سوى جلب مقطع لرجل تونسي يدعى “أبو زكريا” لا يختلف شكله عن الرجل المقتول في فيديو “جيش المجاهدين” ليقول إن هذه هي الفضيحة الكبرى لجيش المجاهدين وأحرار الشام وغيرهم، وإن الأشخاص الذين أعدموا هم من تنظيم الدولة.
بعد مرور قرابة الشهرين على إصدار ترجمان، كشف حساب “المعتصم بالله السلفي” المهتم بإصدار فيديوهات جهادية “كذب الأساورتي”، حيث نشر الفيديو الكامل للمقاتل التونسي الذي تبين أنه قُتل في إحدى المعارك، ووثق بالفيديو لحظة نطقه بالشهادتين قبل وفاته.
واتهم الجهاديون “ترجمان الأساورتي” بالكذب والتدليس، والتسبب في فتنة بين “المجاهدين” بعد إخفائه الفيديو الكامل لـ”أبو زكريا التونسي”، وإيهام المشاهدين أن قتلى “جيش المجاهدين” هم من عناصر تنظيم الدولة، وأنشأ الجهاديون هاشتاج #فضيحة_ترجمان_الأساورتي.
ثاني فضائح “ترجمان الأساورتي” التي تتبعتها “عربي21” هي اتهامه من قبل شريك سابق له بالخداع، ونكث العهد الذي بينهما، حيث نشر حساب جهادي محادثات بينه وبين “الأساورتي” تسببت بسقوط شعبيته بين أنصار جبهة النصرة وغيرها من الفصائل التي عاداها تنظيم الدولة.
وقال الحساب الجهادي وفقاً للمحادثات التي اطلعت عليها “عربي21”: إنه اتفق مع “الأساورتي” على إدارة الحساب الجهادي الشهير “معركة” بشرط عدم الانحياز لأي فصيل على حساب الآخر، وتحويل اسم الحساب إلى “منبر إعلام الجهاد”.
وأضاف: “أخبرت ترجمان أنه باستطاعته أن يجعل الحساب باسمه الشخصي ليعرفه الجميع، ولينشر المقاطع باسمه، وليس باسم المنبر المذكور أعلاه كي لا يشتت جهده بين حسابه الشخصي وحسابي الذي أعطيته اياه، على أن يبقى العهد الذي قطعناه مستمراً وباقياً، وأن لا يطعن في أحد، وأن يناصر الجميع، وفعلاً تم الاتفاق على هذا الأمر، فقام بتغيير الحساب إلى “ترجمان الأساورتي”.
وتابع: “وماهي إلا فترة حتى اشتكى لي العديد من الإخوة بأن ترجمان بدأ يبث السموم والفتن من حسابك الذي أعطيته اياه، فأردت التثبت بنفسي، وأرسلت له رسالة من سبعة صفحات ذكّرته بالعهد الذي قطعناه سوياً بأن يتقي الله ويكف لسانه عن الطعن بأحد نتيجة التعصب لأي جماعة، أو أن يلغي حسابي (الأمانة) من تويتر في حال تمسكه بالطعن..إلخ”.
وأكمل: “فما كان من ترجمان إلا تجاهل الرد على رسالتي بدعوى أنه مشغول جداً، وأنه سيجيب عن قريب، والقريب أصبح قرابة الخمسة أشهر، وبعد أن رأيته يتجاهل الرد والنصائح ولم يتق الله في صون الأمانة أبلغته بعزمي استرجاع حسابي بقولي (ردّوا الأمانات الى أهلها) لإعادة الحساب في طريقه الصحيح كما كان”.
وأضاف: “فصعقنا بإجابته الفورية المباشرة التي قال فيها: (ليس بيني وبين معركة عهد، إنما العهد كان قائماً معه حين كان اسم الحساب منبر إعلام الجهاد، وحين حوّلت الحساب إلى اسم ترجمان الأساورتي، فقد انقضى ما فات، ولا ينطبق العهد عليه، وأفعل بالحساب ما أشاء”.
“الفضيحة” الثالثة لـ”ترجمان الأساورتي” حسبما تتبعتها “عربي21” كانت حينما نشر مقطع فيديو لعملية عسكرية في مدينة الرقة السورية، قال فيه: إن كتائب الحمزة التابعة لتنظيم الدولة قامت بها. ليتبين لاحقاً أن الفيديو مجتزأ من عملية لكتائب حذيفة بن اليمان التابعة للجيش الحر، مما اضطر “الأساورتي” إلى حذف التغريدة. إلا أن ناشطين سبقوه بتصويرها ونشرها في هاشتاج #ترجمان_داعش_يسرق_بطولات_المجاهدين.
رابع “فضائح ترجمان الأساورتي” التي رصدتها “عربي21” كانت في الرسائل المشهورة التي نشرها حساب “الخير نيوز”، الذي خدع تنظيم الدولة ببثه أخباراً كاذبة عن تحرير مطار دير الزور العسكري، وقام “الأساورتي” بسؤاله على الرسائل الخاصة عن صحة تلك الأنباء، حيث أكد له “الخير نيوز” صحتها، فقام “الأساورتي” بكتابة تغريدة: “نبارك للأمة الإسلامية تحرير مطار الطبقة”.
بعد ذلك بأيام أنشأ حساب “الخير نيوز” هاشتاج #الخير_نيوز_يخترق_الدواعش. قال فيه: إنه كان ينشر أخباراً كاذبة عن تحرير بعض المناطق التابعة للنظام، وكان أنصار تنظيم الدولة يتداولونها على أنها أخبار صحيحة مثل “ترجمان الأساورتي”.
“الفضيحة” الأخيرة لحساب “ترجمان الأساورتي”، كانت حين دعا إلى إصدار بيان استنكار من العلماء ضد جبهة النصرة بسببب قتلها لعناصر من جبهة ثوار سوريا التي يتزعمها جمال معروف.
ولقيت دعوى “ترجمان” استغراب العديد من الجهاديين؛ كون تنظيم الدولة يعتبر جبهة ثوار سوريا “مرتدة” عن الدين الإسلامي، وأنشأ المغردون هاشتاج #ترجمان_يتباكى_على_قتلى_جمال_معروف.
تبرير وشعبية متزايدة رغم “الفضائح”
ازدادت شعبية “ترجمان الأساورتي” في الأشهر الماضية، لا سيما بعد كثرة إغلاق إدارة “تويتر” لحساباته، رغم “الفضائح” السابق ذكرها، والتي أثرت في مصداقيته بشكل كبير، وفقاً لمراقبين.
ولاحظت “عربي21” أن أنصار تنظيم الدولة انقسموا تجاه هاشتاجات “فضائح ترجمان” قسمين، فذهب عدد منهم إلى تبرير أفعال “الأساورتي”، والتقليل من درجة أخطائه، واتهام مخالفي تنظيم الدولة بمحاولة شيطنة أنصار التنظيم وتهويل زلاتهم، وفق قولهم.
وذهب قسم آخر، وهم الأكثرية، إلى تجاهل أي هاشتاج أو تغريدة ضد “ترجمان الأساورتي”، والقيام بنشر إصداراته القديمة والحديثة بشكل مكثف.
تزكية ترجمان
يُعد حساب “ترجمان الأساورتي” من أيقونات تنظيم الدولة، ليس على صعيد “تويتر” فحسب، بل على صعيد المنتديات المؤيدة للتنظيم، وبين عناصر وقيادات التنظيم المعروفين.
ولاحظت “عربي 21” أن دور “ترجمان” يختلف كثيراً عن دور بقية “الأنصار”، حيث يقوم أحياناً بإعطاء تزكيات لبعض الأنصار، وهو الدور المحصور فقط بعناصر وقيادات التنظيم المعروفين، إضافة إلى أشهر حسابات “الأنصار” مثل معاوية القحطاني “ابن الصديقة”.
وبحسب مراقبين سألتهم “عربي21″، فإن “ترجمان الأساورتي” سواء كان شخصاً واحداً أم عدة أشخاص، فهو معروف لدى قيادة تنظيم الدولة، وأسهم في نشر اسم “الدولة الإسلامية” بشكل كبير قبل تنشيط إعلام “الولايات”، ورغم ذلك بقيت لإصداراته نكهة مختلفة عن بقية إصدارات التنظيم.