مدارس لم ينجح منها أحد بالتوجيهي.. مؤشر علــــى خلل فـــي العمليـــة التعليميـــة

33

105025_1_1424042012

حصاد نيوز – مدارس لم ينجح منها احد في التوجيهي، وبشكل خاص في مديرية تربية البادية الشمالية التي تكرر الاخفاق فيها اكثر من مرة، فهناك 17 مدرسة في اللواء من أصل 58 مدرسة لم ينجح منها أحد في امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) للدورة الشتوية.

وقال مراقبون ان لا ينجح احد في 17 مدرسة من اصل 58 مشكلة حقيقية تستحق ان يوليها وزير التربية والتعليم اولوية خاصة من اجل النهوض بالعملية التعليمية في الاردن.

أن لا ينجح احد في التوجيهي في مدارس محددة تدلل على وجود خلل قائم سواء في اسلوب التعليم أو قدرات المعلمين وخبرتهم في تدريس طلبة الثانوية العامة او البيئة الصفية أو ضعف التأسيس في الصفوف الاساسية، والعديد من الاسباب الاخرى التي حالت دون نجاح احد من تلك المدارس.

وزير التربية السابق الدكتور ابراهيم بدران أكد بأن كل مدرسة تختلف عن الاخرى، وبالتالي لا بد من ان تتم دراسة الحالة على ثلاثة مستويات الاول ان تكلف ادارة كل مدرسة بدراسة الاسباب من وجهة نظر المدرسة، والتفسير لما حدث من وجهة نظرها، واعطاء الصورة الكاملة لما تراه ادارة المدرسة والمعلمون فيها.

المستوى الثاني حسب بدران بان تقوم مديرية التربية والتعليم بالنظر لهذا الموضوع، وتحاول ان تدرس الاسباب، آخذة بعين الاعتبار المنطقة والبيئة والمحافظة او اللواء، وتنظر في موضوع المعلمين وسكنهم والطلبة وجميع الامور التي لها علاقة بالمنطقة التي تقع فيها المدرسة.

اشار بدران الى المستوى الثالث لدراسة الحالة التي تعتمد على وزارة التربية والتعليم بان تكلف مجموعة من الخبراء لزيارة مديريات التربية والتعليم، ومناقشة التقارير التي وضعتها المديريات، ثم القيام بدراسة عشوائية لعدد من المدارس لمعاينة تلك التقارير معاينة مادية من قبل الخبراء وبعدها تجرى مقابلات مع الطلبة انفسهم.

في السياق ذاته فإن عدم انتظام طلبة التوجيهي في الدراسة بالسنة الاخيرة يعد حسب بدران من اهم الاسباب التي تؤدي لفشلهم في امتحانات الثانوية العامة، فيعتقد الطلبة بان المدرسة لا اهمية لها فيذهبون الى المراكز الثقافية او الى الدروس الخصوصية ويهملون دراستهم في المدرسة.

اسباب عامة تحدث عنها بدران أدت الى عدم نجاح الطلبة في التوجيهي منها عدم تأهيل المعلمين، وعدم مواظبة الطلبة على الدوام الدراسي، والمراكز الثقافية والدروس الخصوصية، واسباب متعلقة بالمنطقة نفسها.

واكد بدران اعادة الهيبة للتوجيهي تبدأ باحترام الناس للمؤسسة نفسها، فيجب ان يترسخ في ضمير المجتمع والطلبة والمواطنين ان المدرسة مؤسسة يجب ان تحترم والمعلم كذلك، والامتحان هو مقياس لقدرة استيعاب الطلبة وان مستقبل الطالب ليس في علاماته في الامتحان وانما بقدر ما يستوعب وما يتعلم.

الاساسيات التي تحدث عنها بدران يرى انها تحتاج الى جهد كبير من وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة والاعلام باعادة الاحترام والمكانة للمؤسسة التعليمية بكل تفاصيلها، وبعد ذلك يأتي موضوع الانضباط لأن الهيبة تأتي اولا من الاحترام الذاتي، وتقدير الناس للاشخاص من ثم المؤسسة والانضباط الذي شدد بدران بانه يجب ان يكون من الصفوف الاولى، ويجب ان يستمر العمل على الانضباط واحترام المدرسة والتعليمات من المدرسة ذاتها حتى يصل الطالب الى مرحلة التوجيهي.

واشار بدران الى اهمية مشاركة المجتمع المحلي بان يعي ان مستقبل الطالب لا يكون بالعلامة فقط، وانما فيما يتعلم ويستوعب وقدرته على التعلم، والافضل للطالب ان يعيد السنة، ويتعلم من ان ينجح من خلال التزوير والغش، وهذا يحتاج الى جهد وبرامج اعلامية وتثقيفية وتواصل مع المجتمع المحلي.

نسبة المدارس التي لم ينجح بها احد في التوجيهي تحتاج الى وقفة حقيقية بحسب خبراء تربويين، من قبل وزارة التربية والمديريات، بالاضافة الى اولياء الامور والطلبة انفسهم، واشار الخبراء الى ان على الوزارة ان تضع خطة لاعادة هيبة التوجيهي من خلال تحسين نسبة النجاح في مدراس المملكة والتركيز على تنمية قدرات الطلبة في المواد الاساسية خاصة، وان لا تكتفِي بوضع الخطط والاستراتيجيات دون اي نتائج ملموسة يكون المستفيد الاول منها الطالب.

من جانبه اشار الخبير التربوي حسني عايش بان فشل غالبية طلبة التوجيهي في الامتحان في مدارس البادية والريف سببه الرئيس اداري، فكثير من مديري التربية والمدارس لا يلتزمون بقواعد الادارة بحيث لا يتم استكمال اليوم الدراسي كاملا بل يتركون الحرية غير المسؤولة للتلاميذ والمعلمين للدوام الدراسي.

وأكد عايش ان لهذه المشكلة عوامل واسبابا اجتماعية عديدة، فاولياء الامور على سبيل المثال لا يهتمون بدوام ابنائهم الكامل في المدرسة، لانهم يعتقدون بان المدرسة على دراية تامة فيما يحدث داخل المدرسة.

تحدث عايش عن الاستاذة فاطمة هاشوق التي عينت مديرة لمدرسة جسر الشيخ حسين في منطقة الاغوار التي كانت توصف بانها الاكثر سوءا والاقل حظا بين جميع مدارس المملكة، وتمكنت تلك السيدة بفترة قصيرة بأن تجعل تلميذاتها يتفوقن في اكثر من موضوع على غالبية مدارس المملكة، وذلك لانها جعلت المدرسة تقوم بواجبها بحضور المعلمات الى المدرسة والالتزام بالتدريس طيلة النهار وكذلك الطالبات، والقيام بالانشطة التي كان يشترك فيها العديد من الطالبات والمعلمات، واذ بالمدرسة تتفوق، فالادارة حسب عايش هي المشكلة وهي الحل.

في السياق ذاته قال عايش إن مصطلح اعادة الهيبة للتوجيهي ليست بمكانها لانها تعني الخوف من العقاب والبديل يجب ان يكون الاحترام والقيمة العالية، وهذا لا يكون من خارج التلاميذ والمدرسة اي ان لا يكون بوليسيا بل يكون من داخل التلاميذ والمدرسة.

اعطى حسني مثالا عن طبيعة التعليم في دولة اليابان، واشار الى ان اسئلة الامتحان تعطى للطلبة ويخرج المعلم من الغرفة الصفية، ثم يجمع دفاتر الاجوبة في نهاية الامتحان دون ان يقوم اي طالب بالغش او يتقدم اولياء امورهم لمساعدة ابنائهم على الغش، فشدد عايش على اننا بحاجة الى تربية اخلاقية متماسكة تعتمد على الالتزام من الداخل الذي لا يتزعزع بغياب الرقيب او بحضوره.

قد يعجبك ايضا