مذكرات مثيرة لفاروق الشرع (1): الكشف عن جوانب غامضة لـحافظ الأسد
حصاد نيوز – “الرواية المفقودة ” هي مذكرات موزعة على 448 صفحة لنائب رئيس النظام السوري فاروق الشرع، صادرة عن (مركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات) والذي يقول أن المذكرات جاهزة منذ عام 2011 وقد حٌررت قبل اندلاع الثورة السورية، كما أنها لم تتطرق الى الوضع الداخلي السوري.
يحاول موقع (أورينت نت) تلخيص أهم المحاور التي تناولتها هذه المذكرات ضمن 3 أجزاء، على أن يكون في الجزء الأول الذي سينشر أدناه، ملخصاً ومقدمة للكتاب وذلك في نشأة الشرع وعلاقته مع الأسد وكذلك مع بعض المسؤولين السوريين، إضافة لـ ” شهادات ” حول علاقة النظام بأنظمة عربية مثل النظام العراقي السابق.
كيف تعرف الشرع على الأسد
تبدأ المذكرات بسرد قصير عن مرحلة الطفولة والصبا، بعنوان “بين النكبتين 1948 – 1967″، يتحدث فيها الشرع عن مشاركته في مظاهرات نصرة فلسطين، عقب النكبة 1948 وفتوته في درعا التي لم يعرفها حتى صار عمره تسع سنوات، ذلك أنه ولد في محردة بريف حماة، بسبب عمل أبيه هناك، وتنقّله بين أرياف حماة ودمشق.
يتحدث الشرع عن عمله في البنك العربي، وشركة الكرنك، وفي مؤسسة الطيران، ويروي كيف تعرف عام 1961، أثناء حكم الانفصال، على حافظ الأسد، ويقول: “تعرّفت إلى الطيار المُسرَّح حافظ الأسد المعين في وظيفة مدنية في مديرية النقل البحري. عرّفني إليه ضابط زميل له اسمه إبراهيم الرفاعي أذكر أنّ حافظ الأسد كان قليل الكلام، لكنه لا يتوقف عن التدخين”.
يقول الشرع “مما لا شك فيه أنّ عملي كأحد المديرين في شركة الطيران العربية السورية، آنذاك، ساعدني بحكم تبعية هذه الشركة إلى وزارة الدفاع، على التواصل مع الوزير حافظ الأسد الذي لم تنقطع اتصالاتي به حتى عندما أصبحت مديراً إقليميًا لشركة الطيران السورية في لندن، في أعقاب حرب حزيران/يونيو 1967”.
محاولة الإخوان اغتيال الأسد
وتضيء المذكرات جوانب غامضة من شخصية حافظ الأسد، وعلاقته بالرئيس صدام حسين، وبرئيس منظمة التحرير ياسر عرفات، وبأخيه رفعت الأسد، وغيرهم، كما تكشف تفاصيل أحداث مهمة، كمحاولة اغتيال الأسد من قبل الإخوان المسلمين، والتي كان شاهدًا عليها: “زار الرئيس النيجيري حسين كونتشي سورية، كان إلحاحه كبيراً علينا في أن يزور مقام الصحابي بلال الحبشي، مؤذن الرسول في دمشق. عند انتهاء زيارة الرئيس النيجيري في 26 حزيران/ يونيو 1980 كنت إلى جانبه في انتظار قدوم الرئيس الأسد لاصطحابه من قصر الضيافة إلى المطار. فجأةً ونحن نودّع الرئيس النيجيري على الدرج الضيق الخاص أمام قصر الضيافة وقع الانفجار. أبعد الرئيس الأسد بشكل عفوي القنبلة الأولى بقدمه، بينما ارتمى مرافق الرئيس الخاص اللواء خالد الحسين بجسده على القنبلة الثانية”.
رفعت وفياض وخولي
يروي الشرع كيف أقنع الروس باستضافة المبعدين من كبار الضباط ورفعت، وماذا جرى في الطائرة التي أقلتهم إلى موسكو: “في الطائرة حدثت المشادات الأكثر عنفًا وصخبًا بين شفيق فياض ورفعت الأسد، ووصلت الأمور إلى حد إشهار السلاح، وهما يجلسان وجهًا لوجه في مقصورة الدرجة الأولى. وكانت المشادات تدور حول قضايا شتى، كان من أهمها تراشق الاتهام المتبادل بعدم الوفاء لبعضهما بعضاً، و”الخطوط العسكرية” مع لبنان واستخدامها من قبل بعض التجار والمهربين وإشكالات التنافس “غير الشريف”… وكان العميد محمد الخولي، مدير فرع المخابرات الجوية يسد أثناء ذلك الباب الواصل إلى قمرة الطيارين بكلتا يديه.. ولم تهدأ الأمور إلا بعد أن امتلأت البطون بالطعام والشراب، وهي العملية التي أشرف عليها العميد الخولي، فاستبدلت الاتهامات وإشهار السلاح في لحظة “رحمانية” بعناق ومصافحات بين رفعت وفياض”.
سنوات الاختبار .. والخلاف مع خدام
عين الشرع سفيرًا في إيطاليا 1976 وكان أول ما واجهه هو هجوم جماعة أبو نضال على مبنى السفارة.
بعد تعيينه وزير الدولة للشؤون الخارجية عام 1980، يشير الشرع إلى اختلافه مع توجهات وأفكار وسلوكيات وزير الخارجية، نائب الرئيس عبد الحليم خدام، ولا سيما دوره السلبي في اقتتال أمل وحزب الله، وأمل والفلسطينيين. ويروي صدامه الأول معه في المؤتمر القومي الثالث عشر في آب/أغسطس 1980.
كما يروي الشرع جانباً من سلوكيات خدام: “في الرحلة القصيرة بين صنعاء وعدن، ضحكنا (الرئيس الأسد والوفد المرافق) كثيراً على عبد الحليم خدام، وهو يغافل الرئيس صالح في المطار، ويختطف من يديه مسبحة بآلاف الدولارات، كما قال صالح، وهو يركض خلف خدام لاستعادتها من دون طائل.
إبعاد عرفات بشكل مهين
يقول خدام لم تكن العلاقة ودية بين عرفات والأسد، وحاول الشرع، كما يقول، أن يحتفظ بعلاقة طيبة مع عرفات لتخفيف ثقل علاقة الأسد – عرفات. ويقول: “وافق (الأسد) من دون حماس في 24 حزيران/يونيو 1983 على إبعاد عرفات عن سورية، بنصيحة من خدام وحكمت الشهابي. تم إبعاد عرفات بشكل مهين من سورية، ورافقه ضابط إلى طائرة كانت تنتظره لتقله إلى تونس. كنت أتابع ذلك بعدم ارتياح، لأن هذا التصرف لا يخدم المصالح الوطنية لسورية، ولا موقفها من القضية الفلسطينية. ادّعى خدام والشهابي أن عرفات عقد مؤتمرًا هاجم فيه بشدة الرئيس حافظ الأسد، ونال من مكانته ودوره في الأزمة اللبنانية.
علاقة الأسد بصدام
يكشف الشرع تفاصيل اجتماع سري في الأردن دام 11 ساعة عام 1986 بين حافظ الأسد وصدام حسين، لطيّ الخلاف بينهما، بمساعٍ من الملك حسين الذي “من شدة حرصه على سريّة هذا اللقاء يوصل بيديه المأكولات للرئيسين من خلف الباب. أصرّ صدام على أن تصدر سورية بيانًا بإدانة إيران كشرط للمصالحة، ولكنّ الأسد لم يوافق على ذلك.
قصة أوجلان
يحكي الشرع قصة إبعاد عبد الله أوجلان من سورية في عام 1998، وكيف أوفد الأسد اللواء عدنان بدر حسن، رئيس جهاز الأمن السياسي، إلى أوجلان الذي “وافق عن طيب خاطر على إبعاده من دمشق”. وكيف لجأ إلى اليونان التي وصل إليها على “متن طائرة ركاب سورية عادية بموجب جواز سفر تركي، وباسم حركي” ومنها غادر إلى موسكو ثم إيطاليا ثم “عاد مجددًا إلى اليونان التي أودعته سرًا في سفارتها في كينيا. وفي مطلع شباط/ فبراير 1999 اتصل أوجلان هاتفيًا مع اللواء عدنان بدر حسن، وأعلمه بشكوكه في أن العاملين في منزل السفير اليوناني في نيروبي، كانوا قد منعوه فجأة من إجراء أي اتصال هاتفي مع العالم الخارجي. بتاريخ 15 شباط/ فبراير 1999 ادعت السلطات الكينية بأن هناك طائرة في مطار العاصمة نيروبي سوف تنقل أوجلان إلى هولندا للإقامة فيها، ومنحه حق اللجوء السياسي، لكنه وجد نفسه يهبط في أحد مطارات تركيا.
فساد نظام الأسد
لا تغيب عن شهادة الشرع إشارته إلى بعض مواطن الخلل والفساد، ولكنه لا يدّعي أنه حارب هذا الفساد، ولم يدخل في معركة حاسمة معه، ولكنه، على أية حال، لم يكن متورطاً فيه.
يبدأ من النزوع اليساري الصبياني الذي ساد مرحلة الستينيات بين قيادات البعث “كانت أفكار “اليسار الطفولي” تطغى على ما عداها من الأفكار في أوساط القيادة، لدرجة أن محمد الزعبي، وزير الإعلام، الذي كان أيضاً عضواً في القيادة القطرية، آنذاك، كتب في زاوية جريدة الثورة مقالة عنوانها “أقسم باليسار” مقترحًا أن المرء من الآن فصاعدًا لا يجوز أن يستمر في أداء قسم اليمين، ولا يجب أن يسير إلا على الجانب الأيسر من الطريق.
وفاة الأسد
تنتهي المذكرات بوفاة الرئيس حافظ الأسد 10 يونيو/حزيران عام 2000 وتحضيرات الجنازة وعملية توريث نجله بشار:
“صباح العاشر من حزيران/يونيو 2000، اتصل معي هاتفيًا اللواء آصف شوكت الذي تربطني معه معرفة قديمة، وطلب أن أحضر إلى بيت الرئيس في الحال، كان وزير الدفاع مصطفى طلاس ورئيس الأركان علي أصلان يهمّان بالجلوس. وصل بعد قليل نائب الرئيس عبد الحليم خدام بلباس الرياضة، بينما كان بشار الأسد وماهر الأسد يذرعان المكان ويتنقلان بين صالون الاستقبال وداخل البيت والقلق يعتريهما بوضوح، فهما لا يستقران في الجلوس بيننا حتى ينهضا من جديد. لكن العماد مصطفى طلاس كسر الصمت، واقترح مباشرة ضرورة تعديل الدستور كي يتمكن الدكتور بشار من تولي الرئاسة. وتابع بأن التعديل المقترح يتطلب إبلاغ رئيس مجلس الشعب عبد القادر قدورة، لعقد جلسة طارئة لهذا الغرض.