تصريحات “داعش” تغيب منذ انتهاء المهلة الثانية.. وخيارات الأردن مفتوحة
حصاد نيوز – وبدا واضحا تماسك الموقف الأردني الرسمي، الذي أصر، وسط تفهم الرأي العام الأردني، على ضرورة تقديم التنظيم الإرهابي دليلا وإثباتا على سلامة الطيار الرهينة، قبل الخوض في تفاصيل صفقة التبادل مع السجينة ساجدة الريشاوي.
فيما يبقى الإجماع الرسمي والشعبي، على أولوية سلامة الطيار معاذ الكساسبة، اختبارا صعبا لمصداقية تنظيم “داعش” الإرهابي، ومدى جديته في إبرام أي صفقة، تفدي حياة الرهينة الطيار.
الساعات الـ 72 الماضية، مرت بصعوبة بالغة على الأردنيين، فيما تبقى المتابعات الرسمية، أمنيا وسياسيا، جدارا مريحا يستند إليه المعنيون، بملف الرهينة الطيار؛ سواء الحلقة الضيقة من عائلته، أو الحلقة الشعبية الأوسع من أسرته.
ويذهب محللون لاعتبار أن الإجماع الرسمي والشعبي، على إرسال ما يؤكد سلامة الرهينة الطيار البطل، هو ما تسبب في خلط أوراق “داعش”، وقلب الطاولة على سلسلة الاستفزازات، التي بعث بها التنظيم، حيال أي صفقة تنتهي بإطلاق سراح ابن الأردن الكساسبة.
لا ينكر رسميون بأن طلب تنظيم “داعش” الإرهابي، باستبدال المحكومة بالإعدام، ساجدة الريشاوي بالرهينة الياباني، وضمان فقط؛ سلامة معاذ، كان مطلبا ضاغطا على عصب الدولة، وتسبب في إرباك خلايا التفكير عند دائرة الأزمة.
لكن التحرك الرسمي الفوري والسريع، في التحشيد والتعبئة، لصالح إرسال ما يؤكد سلامة الطيار الرهينة، كان ردا مربكا أكثر للطرف الآخر.
بالنسبة للموقف الرسمي، بدا متماسكا أمام تحدي مصير الطيار الرهينة؛ وتؤكد مصادر مطلعة، أن “جميع البدائل والخيارات متوفرة، اليوم، على طاولة خلية الأزمة، المجتمعة على مدار الساعة، وضمن حلقتين واحدة في القصر الملكي، وأخرى في مركز الأزمات”.
وتشير مصادر مطلعة، إلى أن خلية الأزمة أعادت التفكير طويلا في سلسلة التطمينات، التي بعث بها واثقون بعودة الرهينة الطيار، وكان يوم أمس يوما فاصلا، في الحديث بصراحة عن الخيار الأسوأ، وسبل مواجهته على صعيد الجبهة الداخلية.
ووفق ذات المصادر، فثمة عناصر رسمية، تنشط على صعيد بث المعلومات الصحيحة، لمواجهة حرب الإشاعات الكثيرة، وذلك تحت عنوان محاسبة كل من يبث أخبارا، غير صحيحة، تتعلق بسلامة الطيار الرهينة، أو القبول الرسمي بصفقة لا تضمن عودته للبلاد.
فخلال لقاء رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، مع رئيسي مجلسي الأعيان والنواب، وأعضاء المكتب الدائم واللجان والكتل النيابية، كان النسور حريصا على التحليل، المستند إلى المعلومات، في تقديم الخيارات والبدائل القليلة المتاحة حيال ملف الطيار الرهينة، وفق مصادر حضرت اللقاء.
وهو ما دفع بأعضاء من مجلس الأمة، لتشكيل لجنة مصغرة لصياغة “بيان حذر”، يشرح جانبا من الأزمة، وكان الأبرز في ذلك البيان، الحديث صراحة عن “وجود نية سيئة عند تنظيم “داعش” تجاه إبرام أي صفقة، تنتهي بإطلاق سراح الطيار الرهينة”، وذلك بعد “تجديدهم للثقة بالمفاوض الأردني الذي اشتبك في مفاوضات مبكرة منذ لحظة احتجاز الطيار”.
مضى نهار الخميس الماضي وليله ثقيلين، وكانت المؤشرات، تؤكد على انتظار “الخبر السيئ”، وبدأت الاستعدادات لمواجهة التحدي الأصعب، والسبب كان الصمت المطبق من جانب تنظيم “داعش” الإرهابي، الذي ما يزال يمارس لعبته في الحرب النفسية بمهارة.
التعليمات أشرت إلى ضرورة الاحتياط للخيارات المتاحة؛ إما عودة البطل الرهينة، وإما الخيار الأسوأ، ومراكز القرار ما تزال نشطة في التحضير للاستعداد لكل الاحتمالات.
لكن، ما كان إيجابيا، خلال تلك الساعات، هو الإجماع الرسمي والشعبي على أولوية سلامة الطيار، وهو ما أربك تنظيم “داعش”، فأمام تجاوب “داعش” مع الإجماع الأردني على سلامة الكساسبة؛ يبدأ الحديث مجددا، عن “أي صفقة تضمن إطلاق سراحه”.
تأخر تنظيم “داعش” الإرهابي في التجاوب مع المطلب الرسمي والشعبي، يؤشر بوضوح إلى أزمة حقيقية داخل التنظيم نفسه، فتأخر التنظيم في إرسال ما يؤكد سلامة الطيار الرهينة، يفتح الباب على مروحة من الخيارات والتحليلات، فإما أن يكون التنظيم سقط في اختبار المصداقية، وإما أنه فقد القدرة على اتخاذ القرار الصحيح، وإما أن الخلافات على ملف الطيار الرهينة، وصلت لحدود تقترب من الفتنة بين قيادات التنظيم.
التحليل الأخير جاء على لسان أكثر من مصدر حكومي وبرلماني، وهو ما يؤكد غموض مصير الرهينة الطيار معاذ، حتى لحظة كتابة التقرير، فيما تسعى خلية الأزمة، لمواجهته بالحقائق والثوابت المرتبطة بالقدرة الرسمية والشعبية بتفويت الفرصة على تنظيم “داعش” الإرهابي، على إثارة القلاقل والفتن أردنيا، وأهمية تأكيد سلامة الطيار قبل الموافقة على أي صفقة، والالتزام من طرف “داعش” بضمانات إطلاق سراحه، وكان هذا التحرك الرسمي قد بدأ منذ ليلة الثلاثاء الماضي.