%89 من أطفال الأردن يتعرضون للعقاب البدني
حصاد نيوز-فيما يتعرض نحو 89 % من أطفال الأردن للعقاب البدني من أولياء أمورهم، طالب ممثلو منظمات أممية ووطنية بمواءمة التشريعات المحلية مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، لجهة حظر العقاب البدني ضد الأطفال وتجريمها.
ودعا المشاركون في اللقاء التشاوري “حول بدائل العقاب الجسدي ضد الأطفال”، والذي رعته مندوبة عن جلالة الملكة رانيا العبدالله، وزيرة التنمية الاجتماعية المحامية ريم ابو حسان لإلغاء المادة 62 من قانون العقوبات التي تبيح الضرب التأديبي للأطفال من والديهم.
واعتبروا أن هذه المادة تحرم الاطفال من نيل حقوقهم المتعلقة بكرامتهم وسلامتهم الجسدية بتساو، كما أنها تناقض اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الاردن قبل نحو 14 عاما.
ولفتوا في اللقاء الذي نظمه المجلس الوطني لشؤون الأسرة ومنظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وجمعية إنقاذ الطفل للتناقض بين السلوكيات والعرف العام الذي يبيح الضرب واحكام الشريعة الاسلامية التي تحرم استخدام العنف مع الأطفال.
وفي كلمته الافتتاحية قال الأمين العام للمجلس فاضل الحمود ان “اللقاء يتزامن مع مرور خمسة وعشرين عاما على اتفاقية حقوق الطفل”، لافتا إلى أن أوراق العمل الصادرة عنه، وأعدها خبراء محليون وأجانب، ستكون أساسا لوضع خطة وطنية تشاركية، تجمع كافة المؤسسات الوطنية الحكومية وغير الحكومية وصولاً للحد من العنف الجسدي للأطفال في الأسرة والمجتمع.
ولفت الحمود إلى أن أبرز منطلقات عمل المجلس، هي أحكام الشريعة الاسلامية السمحة، بما يضمن تعزيز دور الأسرة وتمكينها من تلبية احتياجات افرادها ضمان أمنهم وتنشئة ورعاية أطفالها وحمايتهم.
وأشار الحمود لاهتمام جلالة الملكة رانية منذ أعوام عديدة بقضايا الطفولة، بحيث أسست مؤسسات وطنية ودعمت مبادرات تعنى بهذا الشأن.
من جانبه، قال نائب ممثل “اليونيسف” بالأردن ميكيلي سردفاديه ان “الاردن منذ مصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، حقق إنجازات مهمة في مجال حقوق الطفل، كما يعد الاردن من بين الدول الرائدة في تطبيق الاتفاقية، ولكن كغيره من الدول يبقى هناك تحديات وصعوبات تواجهه في هذا الشأن”.
وأضاف سردفاديه “بحسب مسح السكان الأخير للعام 2012 أنه تبين أن نحو 89 % من الأطفال، يتعرضون للعقاب البدني، 205 منهم تعرضوا لأصناف العقاب البدني الشديد، كالصفع على الوجه والضرب على الرأس والأذنين أو باستخدام أداة للضرب”.
ولفت إلى المفارقة في تصرفات الأهل وأقوالهم، ففي حين أن 89 % من الأطفال يتعرضون للضرب، فإن 23 % من الأهالي فقط يؤمنون بأن العقاب البدني ضرورة وفقا للتقرير ذاته.
وبين أنه “برغم ان العقاب البدني ممنوع في المدارس، لكنه يبقى مباحا في اطار الاسرة وفقا للمادة 62 من قانون العقوبات، والتي تبيح الضرب التأديبي للوالدين، تجاه أبنائهم على ألا ينجم عنه أذى أو ضرر ووفق العرف العام”.
ولفت إلى اللجنة الدولية لحقوق الطفل، طالبت في توصياتها العام الماضي الأردن، بإلغاء المادة 62 من قانون العقوبات من دون أي تأخير، ومنع العقاب البدني، فضلا عن تشجيع البرامج التوعوية للمجتمعات المحلية للحد من مشكلة ضرب الأطفال.
وأشار الى ان التوصية ذاتها، صدرت عن اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب، مبينا أنه “من أصل 44 دولة في العالم جرمت العقاب البدني ضد الاطفال، وتبقى تونس البلد العربي الوحيد الذي يجرم ضرب الوالدين لأطفالهما”.
فيما أكدت مديرة جمعية إنقاذ الطفل منال الوزني على أن العقاب البدني والأشكال القاسية أو المُهينة من العقاب، من أهم مُسببات العنف في المجتمعات، متسائلة “حين نجعل العنف مقبولاً ومبرراً في أعين الأطفال، فماذا نتوقع منهم في المستقبل غير العنف؟”.
وأضافت الوزني أن “إيجاد قوانين تمنع العنف ضد الأطفال تساعدنا على العمل مع الأطفال وعائلاتهم؛ لتغيير مفاهيم وممارسات المجتمعات جهة العنف ضد الأطفال”.
وشددت على ضرورة توعية الأطفال وذويهم بكيفية تجنب العنف وذلك بإشراكهم وايجاد الوسائل المناسبة للتخلص من هذا النوع من العنف، مع الحفاظ على خصوصية تلك المجتمعات.
من ناحيته، قال رئيس المبادرة العالمية لإنهاء كافة اشكال العقاب البدني ضد الأطفال بيتر نويل إن “44 دولة حظرت العقاب البدني ضد الأطفال، لكن للاسف، فإن أطفال هذه الدول لا يشكلون سوى 10 % من أطفال العالم”.
وتابع “في مقابل ذلك ما يزال هناك 76 دولة تسمح بالعنف في المدارس و38 دولة تجيز استخدام الجلد والضرب بالعصا ضد الأطفال”.
وشدد على حق الأطفال في عيش طفولة خالية من العنف، معتبرا أنه “من المخزي ان تبرر الحكومات ممارسة العنف ضد الأطفال، أو إعطاء مشروعية لممارسة العنف ضد الطفل في الأسرة”.
ودعا نويل الأردن للإسراع بإلغاء المادة 62 من قانون العقوبات لضمان حق الأطفال في كرامتهم وسلامتهم الجسدية، وقال “كما أن ضرب البالغين يعد مخالفة للقانون، فالأصل أن يكون كذلك ضرب الأطفال مخالفة للقانون، ونحن هنا ندعو لحقوق متساوية بين البالغين والقصر، خصوصا ان الطفل يعد أكثر حاجة للحماية كونه الأكثر ضعفا وتضررا”.
ولفت إلى ان الالاف من الأطفال يقتلون سنويا ويصابون بعاهات مستديمة كنتيجة للعقاب البدني.
وأضاف أن “المسألة ليست مجرد تعديل بنود قانونية، بل وتغيير الاتجاهات السائدة في المجتمعات التي تتقبل العنف، وتعريفهم بالوسائل الاكثر نجاعة وحفاظا على كرامة الطفل في تعديل السلوك”.
من ناحيته، قال وزير الأوقاف والمقدسات الاسلامية السابق الدكتور محمد نوح القضاة ان “القاعدة العامة في الشرع الاسلامي، تحريم الضرب والعنف”، معتبرا أن “هنالك خلطا بين الدين والتقاليد في هذا السياق”.
وبين أن “هناك استثناءات قليلة يباح بها الضرب وتحددت لها ضوابط شديدة، وهي ان يكون ضربا خفيفا غير موجع، ولا يتسبب بأي أذى وغير مبك، وان يكون على الكتف والفخذ فقط، وان يكون آخر الخيارات بعد التنبيه والتهديد.
من ناحيته، تطرق مستشار علم النفس الإكلينيكي تيسير الشواش إلى انه “لم يثبت علميا نجاح العقاب البدني في تصويب أو تعديل السلوكيات لدى الأطفال، بالعكس فإن للعقاب البدني آثارا نفسية سلبية على الطفل، قد تتحول لاضطرابات نفسية وسلوكية لاحقا، كأن يتحول الطفل إلى شخص عدائي أو انطوائي.
وتناول الشواش الأساليب الحديثة في فلسفة التعديل السلوكي، وتتمثل بالوقاية من السلوك السلبي والتنبيه اللفظي، والحرمان من بعض الأمور المحببة، أو تركهم لفترة زمنية قصيرة في مكان محدد.
من جانبه، قال وزير العدل السابق المحامي أيمن عودة إن “الاردن عندما صادق على اتفاقية حقوق الطفل، تحفظ على مادتين هما المادة المتعلقة بحرية الوجدان والدين، والمادة التي تتعلق بالتبني والرعاية البديلة”، مبينا أن الاردن “تحفظ على المواد المتعلقة بمنع ضرب الأطفال”.
ولفت عودة الى أنه “برغم التناقض بين المادة 62 واتفاقية حقوق الطفل، لكن بحسب قرارات سابقة لمحكمة التمييز، فان الاصل سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات المحلية”.
وأوضح إنه “من هذا المنطلق لا أرى داعيا لتعديل النصوص والقوانين الوطنية، كون الاتفاقية الدولية أرقى وأعلى مرتبة من التشريع المحلي”.
من ناحيته، لفت مدير المعهد القضائي القاضي الدكتور ثائر العدوان إلى وجود محددات في المادة 62، أبرزها حصر العقاب البدني بالوالدين فقط والجد لجهة الأب، كما أنها تنص على ألا يلحق بالطفل أي أذى أو ضرر، مؤكدا على “عدم تسجيل أي حالة سوء استخدام لهذه المادة”.
وأشار العدوان إلى أن قانون العقوبات ينص على معاقبة المتسبب بالاذى وان كان الاذى لم ينجم عنه تعطل أو ضرر، مستعرضا البنود القانونية التي توفر الحماية للطفل القاصر في التشريعات الأردنية.
وأشار إلى التعديلات الاخيرة على قانون العقوبات، والتي غلظت من العقوبات في الجرائم الواقعة على القصر، تحديدا قضايا هتك العرض والتي ألغي بموجبها العذر المخفف بإسقاط الحق الشخصي.