بالفيديو…قائد حرس الحدود يؤكد أن الجيش العربي في أعلى جاهزيته وكفاءته لضمان سلامة حدودنا

24

99673_1_1420493261

حصاد نيوز – “نصل الحدود ركضاً، ويصلونها زحفا”، ربما كانت هذه العبارة خلاصة معبرة، لجولة على المناطق الحدودية الأردنية، مع كل من سورية والعراق، وذلك عقب مشاهدات ولقاءات أجرتها مع عسكريين، إضافة إلى لاجئين سوريين وسائقين عراقيين، وامتدت طوال سحابة نهار بأكمله الأسبوع الماضي.

وإذا كنا على جانبنا الأردني، قادرين على قطع تلك المسافات “ركضاً” بفضل هدوء جبهتنا، وسيطرة قواتنا على الأوضاع كلها، فإن الآخرين، على الجانبين الآخرين، يعيشون أشكالاً من الأهوال والمصاعب، التي يعجز العقل عن تصديقها أحياناً، ومنها زحف جرحى عشرات الكيلومترات، أملاً ببلوغ الطرف الأردني للنجاة بحياتهم.

ولن يشعر اللاجئون السوريون بالأمان مطلقا، إلا إذا بلغوا ساترا ترابياً أردنياً، يمثل لهم “الجدار الأخير”، في رحلتهم الطويلة، هرباً من ويلات الحرب في بلادهم.

الجولة بدأت، بعد الأنباء المتواترة عن صعوبة الوضع على الحدود الأردنية العراقية والسورية، وإعلان حالة الطوارئ، وخاصة بعد ورود أنباء عن وقوع معارك على الجانب العراقي، قريبا من حدودنا، وإثر سيطرة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” على مساحات واسعة من العراق وسورية، غير أن كل ذلك الرعب لا وجود له على الجانب الأردني، حيث تسود حالة من الهدوء والاستقرار دائما.

جهود جبارة لصون وحماية الحدود
ويعود ذلك الهدوء فعليا إلى سيطرة الجيش العربي الأردني على سائر المناطق الحدودية، لا سيما مع سورية، التي تشهد تدفقا كبيرا للاجئين نتيجة الأحداث التي تشهدها بلادهم بحثا عن الطمأنينة.

وتعمل هذه القوات من كتائب وألوية حرس الحدود على مدار الساعة، لتأمين الحدود بين الأردن وسورية، والتي يزيد طولها على 500 كيلومتر، وتمر بأراض متنوعة جغرافيا، ووعرة جدا في بعض المناطق، ما يضاعف مسؤوليات تلك القوات في حماية حدود الوطن من أي اعتداءات أو اختراقات أو تهديدات معادية ونشاطات غير مشروعة، ضمن إجراءات وقائية مشددة.

وتبذل تلك القوات جهودا جبارة لتأمين الشريط الحدودي بين الأردن وكل من العراق وسورية، اللتين تشهدان أوضاعا أمنية مضطربة، كما تقود تلك القوات، إضافة إلى مهامها الأمنية والعسكرية، جهودا إنسانية جبارة في استقبال وتأمين اللاجئين القادمين من سورية، حيث عملت ألوية حرس الحدود المختلفة، على تأمين دخول نحو 620 ألف لاجئ، مسجلين رسميا لدى مفوضية الأمم المتحدة منذ بداية الأزمة السورية قبل أربعة أعوام، ووصلوا إلى المملكة عبر العديد من المنافذ غير الرسمية، وقدمت لهم يد المساعدة إلى حين إيداعهم في مراكز الاستقبال ونقلهم إلى مخيمات اللاجئين.

كما تتصدى قوات حرس الحدود بشكل يومي لمحاولات التسلل والتهريب التي تفاقمت بعد انهيار الأوضاع في سورية، ما أضاف أعباء جديدة تصدت لها بكل كفاءة واقتدار، وكان آخرها قبل أسبوعين، حيث تم الاشتباك مع 13 مسلحا، أصيب اثنان منهم، بعد أن حاولوا الدخول في شاحنة محملة بـ3346 كيس حشيش، و2220 حبة كبتاغون و86 ألف طلقة خرطوش و26 ألف طلقة “كلشن”، إضافة إلى مجموعة من الأسلحة المختلفة.

السحيم: نتقاسم الخبز والماء مع اللاجئين
وأكد قائد لواء حرس الحدود الأول العميد الركن محمد السحيم خلال استقباله وفد خلال جولة ليلية في المنطقة الحدودية، أن “قواتنا المسلحة تقاسم اللاجئين السوريين رغيف الخبز وشربة الماء، انطلاقا من الرسالة الإنسانية التي يمثلها جميع أبناء القوات المسلحة الأردنية تجاه الأشقاء، دون النظر لمغنم أو مكاسب، وفي مختلف الظروف”.

وقال السحيم إن “الحدود مفتوحة ولن يتم إغلاقها”، مبينا أن مهام قوات حرس الحدود تضاعفت في الأعوام الأخيرة بسبب “عدم وجود قوات او عناصر أمنية في الجهة المقابلة على الحدود السورية والعراقية، كذلك جراء محاولة دخول عدد من الإرهابيين على شكل لاجئين، حيث إن الأولوية تعطى لكبار السن والنساء والأطفال والمصابين”.

وأضاف أن الحدود الأردنية مع العراق وسورية “آمنة ومحمية، والحركة تسير بشكل طبيعي”، لافتا الى أن قوات حرس الحدود ترصد كل ما يحدث على الحدود وتعتمد على ما تملكه من عقيدة قتالية وأسلحة فعالة ومتطورة.

وأكد أن “الحدود آمنة جدا بفضل نشامى القوات المسلحة، ومما زاد من أمنها منظومة أمن الحدود الجديدة والتي تغطي مساحة واسعة على الحدود، وهي عبارة عن كاميرات مربوطة بشاشات عبر نظام “الويرليس” وتستطيع مشاهدتها قيادات حرس الحدود في عمان والزرقاء”.

وأوضح العميد السحيم أن “كوادر القوات المسلحة مدربة ومؤهلة للتعامل مع كافة الظروف، وهي على أتم الاستعداد للقيام بواجبها في حماية حدود المملكة”، مؤكدا “أننا على جاهزية عالية لصد أي اعتداء ولملاحقة الإرهابيين والمخربين ولا تمنعنا حدود أو حواجز”.

وقال إن “انتشار قطاعات عسكرية أردنية على طول الشريط الحدودي مع العراق أيضا، والبالغة نحو 200 كلم، تأتي تحسبا لأي طارئ قد ينجم عن الظروف التي يعيشها العراق الشقيق”، نافيا وجود قوات أميركية أو معدات لها على الحدود.

وأوضح أن “قوات حرس الحدود وبإسناد من سلاج الجو الملكي تحكم سيطرتها التامة على طول الحدود الأردنية العراقية والسورية”، مؤكدا أن الحدود الأردنية مع البلدين “آمنة ومحمية”.

وقال إن “النشامى مؤهلون ومدربون لكافة الظروف.. نحمد الله لما وصلت إليه القوات من إمداد وتسليح ومعنويات”، مبينا أنه “لا علاقة للأردن بالأوضاع الأمنية المتسارعة في العراق، وأن واجب قواتنا حماية حدود المملكة”.

وأكد العميد السحيم أن المعابر “مفتوحة، والمسافر يسير بالطرق الرسمية”، محذرا أي شخص من “محاولة الدخول أو الخروج بطرق غير رسمية”.

ونفى تسجيل قوات حرس الحدود لأي حالة لجوء عراقي إلى أراضي المملكة، مؤكدا أنه “لن يتم السماح بمرور أي أحد، إلا من خلال المعابر الشرعية بين البلدين في حال حدوث لجوء”.

وأضاف أن “الجيش العربي عزز وجوده في منطقة الحدود في الآونة الأخيرة بآليات عسكرية وأرتال من الدبابات وناقلات الجنود وراجمات الصواريخ”، موضحا أن الجيش الآن “في أعلى جاهزيته وكفاءته وخبراته التي تضمن سلامة الحدود من أي اختراق”.

وبحسب المشاهدات خلال الجولة، فإن قوات الجيش العربي البرية والجوية تبسط سيطرتها على طول الشريط الحدودي مع العراق وسورية، وتأخذ احتياطاتها على أكمل وجه لمنع أي اختراق محتمل.

ويعد معبر طريبيل العراقي الواقع على حدود الكرامة، الذي يبعد عن العاصمة عمان قرابة 370 كلم المعبر الوحيد بين البلدين، وما يزال يشهد حتى الآن حركة نقل للمسافرين والبضائع.

سائقون عراقيون يروون تفاصيل رحلة الخوف
من جانب آخر، أكد عدد من السائقين العائدين من العراق عبر مركز حدود الكرامة باتجاه الأراضي الأردنية، سيطرة القوات العراقية على المعابر الحدودية الواصلة للمملكة، مع وجود جماعات من المسلحين على بعد كيلومترات من الحدود.

وقال السائقون خلال الجولة، إن “جماعات مسلحة تنتشر على الطريق الدولي وفي باقي المناطق المأهولة بالسكان في المدن الشمالية والوسطى في العراق، فيما يكتفي الجيش العراقي بالسيطرة على المعبر الحدودي”.

وفي هذا الشأن، قال السائق العراقي أبو إسماعيل، إن “غالبية سائقي الشاحنات أصبحوا يسلكون طرقا بديلة غير الطرق الرئيسة التي اعتادوا عليها، نظرا لتواجد المسلحين وحدوث المناوشات بينهم وبين القوات الحكومية أحيانا”.

وأضاف أن “الطريق الرئيس غير آمن، ما أجبره على تحويل مساره إلى طريق بديل حتى وإن كان وعرا، مع أن الأوضاع الأمنية والإجراءات الرسمية على الحدود العراقية الأردنية تسير بسلام ووفقا للإجراءات الرسمية المعتادة”.

ويعد التحوط الأردني والتجهيزات التي شهدتها الحدود الشرقية للمملكة، بحسب العميد السحيم، “إجراءات احترازية بعد ورود أنباء عن سيطرة تنظيم (داعش) على مناطق غربي العراق وبعض المناطق السورية”.

أمل بعد الساتر..!!
ساتر ترابي مرتفع على الحدود الأردنية السورية، يعد الوصول إليه من الجانب السوري تحدياً كبيراً، إذ يبحث اللاجئون السوريون الهاربون من أهوال الحرب في بلادهم عن أمل جديد، من خلال الوصول إلى هذا الساتر تحديداً. ويقطع هؤلاء اللاجئون مئات الكيلومترات بشكل شبه يومي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، لا تقل في تفاصيلها عما عاشوه وسمعوه وشاهدوه بأم أعينهم في قراهم ومدنهم التي جاءوا منها.

ويروي لاجئون في المخيم المتقدم على الحدود الشمالية الشرقية، تجارب وآلام وإنفاق أموال لقاء وصولهم إلى بر الأمان في المملكة.

ويقول أحد اللاجئين السوريين: “أخذوا منا 400 ألف ليرة سورية، حتى نصل للساتر”، بهذه الكلمات يصف ذلك اللاجئ رحلة معاناته باللجوء للأردن قادما من درعا.
وعلى الرغم من قرب المسافة إلى الحدود، فإن اللاجئين يدفعون أموالا طائلة لقاء الوصول إليها، من قبل “تجار الحروب”. وهؤلاء التجار بحسب اللاجئين، “ليسوا مع النظام السوري أو مع معارضيه، إنما هم أشخاص يعيشون على معاناة الشعب في البحث عن طريق للخلاص من ويلات الحرب المدمرة”.

ويجمع كل من التقيناهم على أن هذه الفئة من التجار “أشد فتكا بالهاربين من رصاص المعارك والقصف وأصوات الانفجارات والقتل”.

ولا يكتفي “تجار الحرب” بالحصول على مبلغ مادي لقاء “توصيلة” إلى الحدود، بل أحيانا يطلبون أكثر من ذلك، ويأخذون بعضا من أمتعتنا التي هربنا بها”، وفق شاب لاجئ أصيب برصاص الموالين للنظام في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق.
ويضيف أنه “عندما لم يكفهم مبلغ 60 ألف ليرة سورية لقاء وصولي إلى الساتر، بعد رحلة استغرقت 12 ساعة، سلبوا مني هاتفي النقال”.

ويعمد لاجئون إلى المرور بطرق بعيدة وشاقة ووعرة للهروب من مناطق النزاع، وتستغرق رحلة بعضهم أياما، وما إن يصلوا الحدود حتى يكونون قد دفعوا كل ما يملكون.

وتقول لاجئة سورية تسكن بلدة الطبية في درعا، هربت من الأحداث برفقة ابن عمها، الذي لم يتجاوز عمره الخامسة عشرة، إنهما “دفعا نحو 80 ألف ليرة سورية للمرشد المكلف بإيصالهما إلى الساتر”، مؤكدة أن رحلتهما استغرقت 16 ساعة من المشي في الصحراء الوعرة والخطرة.

بدوره يقول الطبيب المقيم في المخيم المتقدم لاستقبال اللاجئين السوريين أحمد الكوفحي إنه “عاين حالات مأساوية لسوريين لجأوا إلى المملكة، هربا من الحرب”، مؤكدا أن “الفريق الطبي العسكري الذي يعمل في نقطة استقبال اللاجئين يتعامل مع مئات الحالات التي تتراوح بين الإصابات وأمراض كبار السن والأطفال جراء الرحلة الطويلة المضنية”.

وأكد الكوفحي أنه “يتم التعامل مع لاجئين مصابين بأمراض معدية وأخرى جلدية نادرة، وأنه يتم إجراء عمليات صغرى على الحدود قبل التحويل لأقرب مستشفى”.

ويقول: “يتم فحص اللاجئين الواصلين إلى منطقة الساتر، والتعامل مع الحالات الخطرة والمستعصية، ومن ثم نقلهم إلى المركز المتقدم لاستكمال العلاج”.

ويشير إلى أن من أصعب الحالات التي عاينها كانت للاجئة سورية بترت قدمها جراء قصف في منطقة سكناها، وأنها زحفت مسافة 20 كم حتى وصلت إلى الحدود، وكانت تعاني من التهابات شديدة، وتم نقلها إلى المستشفى، فيما كان لاجئ آخر (17 عاما) قد أصيب برصاصة في البطن، يزحف أيضا باتجاه الحدود حتى فقد الكثير من دمه، وتم التعامل مع هذه الحالة الحرجة وتحويلها للمستشفى.

في المقابل يؤكد جميع اللاجئين حفاوة الاستقبال والرعاية اللتين حظيوا بهما لدى وصولهم إلى داخل الأراضي الأردنية من قبل عناصر حرس الحدود، مشيرين إلى أن هذه المعاملة نبيلة وإنسانية للغاية.

ومن أبلغ القصص تأثيرا قصة لجوء 6 أطفال أكبرهم لا يتجاوز عمره 14 عاما إلى الأردن وحدهم، بعد وفاة والدهم في الحرب وزواج والدتهم.

وعندما وصل هؤلاء إلى الحدود أبلغوا المعنيين أنهم يريدون الوصول إلى عم لهم يسكن في منطقة صويلح في عمان، وبعد اتخاذ الإجراءات اللازمة تم إيصالهم إلى عمهم، لكنه قام بطردهم بعد فترة.

واضطر هؤلاء الأطفال إلى استئجار منزل على أطراف العاصمة عمان بمبلغ 150 دينار شهريا، فيما يعمل الأخ الكبير لقاء 5 دنانير في اليوم، وهم يعانون من أوضاع معيشية صعبة للغاية.

ولقوات حرس الحدود حكايات مجد وبطولة وشجاعة، يخوضها أفرادها يوميا، وهم يتفانون في أداء واجباتهم، التي فرضتها مقتضيات واقع لم يكن الأردن طرفا فيه. وهم يسطرون على الحدود ملحمة جديدة بأحرف من نور، يؤكدون فيها أنهم بالفعل رموز البذل والتضحية والإيثار دون توقف.

مشاهدات من الجولة

قد يعجبك ايضا