دراسات غير مسبوقة تتعمق في مظاهر «التمييز» ضد مكونات أردنية !!

25

97291_1_1419150558

حصاد نيوزالمكتبة الأردنية وعندما يتعلق الأمر تحديدا بمعيقات «العدالة الإجتماعية» شهدت في الأونة الأخيرة ولادة «وثيقة» جديدة في مجال الإنصاف الاجتماعي وتأثيره الحصري على مخرجات التعليم وأوضاع الحقوق المدنية.
الدراسة صدرت عن غياب المساواة الاجتماعية في الأردن فيما يخص الجوانب السياسية والاقتصادية والجندرية والجوانب المتعلقة بالجنسية.

وأصدرها مركز «هوية» للحقوق المدنية واظهرت وجود مشكلة في فهم بعض المصطلحات لدى المبحوثين في مفاهيم العدل والمساواة والمجتمع ما أدى إلى ضبابية في مفهوم العدالة الاجتماعية لديهم حسب ما قال مدير المركز محمد الحسيني.

وقال الحسيني بمناسبة إطلاق الدراسة التي تحمل عنوان «نظرة عامة على العدالة الاجتماعية في الأردن، نحو إرساء قاعدة لنقاش العدالة الاجتماعية في المملكة الأردنية الهاشمية» إن الدراسة المذكورة ماهي إلا خطوة تمهيدية لمشروع أكبر، مشيرا إلى كونها هدفت إلى توفير اطار عملي ومفردات تسهم في تحليل مشاكل غياب العدالة الاجتماعية في الأردن، بالدرجة الأولى.

العدالة الاجتماعيةًوهدفت الدراسة إلى إرساء قاعدة تمثل أساسا لفهم أفضل للطريقة التي يفكر فيها الأردنيون في العدالة الاجتماعية والعمل على تحديد اشكالياتها الأكثر أهمية في البلاد.

وأكد على «ان الغياب الإصطلاحي للمفهوم لا يعني قلة أهميته وعدم قابليته للتطبيق في السياق الأردني» موضحا أن مركز «هوية» حاول عبر هذه الدراسة أن يقدم تمهيدا لسلسلة دراسات تسعى لدمج مصطلحات وأدوات العدالة الاجتماعية في الخطاب الأردني السائد.

واعتمدت الدراسة على ثلاث زوايا لتحليل أشكال الفهم المختلفة للعدالة الاجتماعية، اولاها العدالة من زاوية قانونية، والثانية العدالة من زاوية منطقية والثالثة من زاوية العدل أو الانصاف.

وشرح الحسيني الفرق بين المفاهيم الثلاثة، موضحا وجود «خلط» لدى المبحوثين بين جزئية «العدالة القانونية»، ومفهوم «العدالة الاجتماعية» الشامل، مبينا أن الحلقات النقاشية عانت في بدايتها من ضبابية هذه المفاهيم المذكورة في عقول المبحوثين، إلى جانب عدم «إكتراثهم» بالعدالة الاجتماعية التي تنقص منهم ومن سواهم.

المنسق العام للتيار القومي التقدمي المهندس خالد رمضان وحسب الملخص الإعلامي الصادر عن مركز «هوية» أشار خلال حلقة نقاشية تقييمية إلى «التجهيل» الذي يمارس على الفرد العربي بصفة عامة معتبرا أن قيم «العدالة الاجتماعية» كانت طوال السنين «مدفوعة الثمن بالدمّ» وأن أزمة المنطقة تتمثل في وجود «هوياتية» كبيرة بمعنى تعددية الهويات الفرعية، في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع الأردني من الضياع في «المواطنة».

وأوضح أن ضرب العدالة موجود عبر القوى الاجتماعية والنخب السياسية والأمنية التي لا تتخذ من الداخل الأردني بوصلة لها.

وحذر الدولة من الضغط الكبير الذي يشكله غياب العدالة الاجتماعية على الشباب، ومن أثره الذي غالبا يكون كارثيا وقد يؤدي للمزيد من التطرف والداعشية.

ومن جانبه تحدث منسّق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة «ذبحتونا» الدكتور فاخر دعاس عن العدالة الاجتماعية فيما يتعلق بالتعليم، قائلا أن 50٪ من المقبولين على البرنامج العادي في الجامعات الرسمية هم فقط من قبلوا على أسس تنافسية، بينما البقية هم من الاستثناءات، معتبرا أن ذلك من أكبر الإنتهاكات للعدالة الاجتماعية في مجال التعليم.

وأكد على أن الاستثناءات جميعا (والتي تشمل مكرمات الجيش واستثناءات التعليم والمخيمات) كلها «تؤثر» على مفهوم «العدالة الاجتماعية» فيما يتعلق بالتعليم.

التمييز بين الطلاب

وبين أن «أسس القبول الجامعية» تعزز العنف والإنتماءات الضيقة، كون «العشيرة» أو المنطقة هي السبب الذي جعله يدخل الجامعة، مضيفا «لا يمكنا أن نتحدث عن عدالة اجتماعية.. وأسس تعليمنا تتضمن تمييزا بين الطلاب على إعتبارات طبقية أوعشائرية ومناطقية».

من جانبها أكدت رئيسة لجنة الحريات في نقابة المحامين نور الإمام أهمية المنظومة القانونية فيما يتعلق بالعدالة القانونية، بادئة حديثها بالتطرق للمادة «6» من الدستور، التي تتحدث عن المساواة بين الأردنيين. وقالت إن قانون الجنسية الأردنية واحد من الاستثناءات التي تطبق على الدستور الأردني، كون الأصل هو «المساواة» بين الأردنيين، وتكافؤ الفرص بينهم، مايعني أن المرأة تستطيع منح الجنسية لأبنائها. وتطرقت لاشكاليات قانونية تتعلق بإجراءات المحاكم التي تشوبها الكثير من الثغرات، والتي تمنع عددا من الأشخاص من الوصول للعدالة الاجتماعية التي يريدونها.

وفصّلت الدراسة الحديث عن غياب «العدالة الاجتماعية» في بعض الحالات في الأردن، إذ خصصت الجزء الثالث منها للحديث عن «(بعض) قضايا العدالة الاجتماعية الرئيسية في الأردن» والذي تدرّج منه «عدم المساواة السياسية»، متضمنة «نظرة سريعة تاريخية لهيكلية السلطة في الأردن» و»الديمقراطية الدفاعية» و»أعضاء مجلس النواب: انتخاب أم اختيار؟».
وجاء «عدم المساواة الاقتصادية» كعنوان ثان في الدراسة، تطرقت فيه إلى سؤال «من يجني فائدة تحصيل الضرائب؟»، وإلى جزئية «عدم المساواة بين الأرياف والمدن».

متساوون ولكن مختلفون

العنوانان الثالث والرابع لعدم المساواة في الأردن، كانا «عدم المساواة على أساس النوع الاجتماعي» وعدمه في المواطنة، لتتحدث الدراسة في سياقهما عن «قانون الأسرة: متساوون ولكن مختلفون» و»حقوق المواطنة للنساء» وعن «حالات عدم المساواة في المواطنة»، متطرقة للعمالة الوافدة واللاجئين وبعض ما يعانونه من إشكالات فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية.

وأظهرت الدراسة أن النظام يقوم بإعطاء المزيد من المزايا بشكل غير متساوٍ للفئات الأكثر حظاً. وبعد أن حُرم أعضاء المجتمع الأقل حظاً صوتهم في العملية السياسيّة، وحولهم النظام إلى جزء مجتمعي ثانوي محروم من قدرته على إيصال صوته عن الظلم الذي يواجهه. 

وبالتالي يظهر عدم قدرة أعضاء المجتمع الأقل حظاً، على ممارسة تأثير قوي على القرارات السياسيّة في الأردن، إذ أن الإنخراط في الحياة السياسيّة يشكل جزءاً أساسياً من الإنخراط في بقية الشؤون المتعلقة بالعدالة الاجتماعية.

الخلل والتمييز في التعليم

وكانت دراسة أخرى أكثر عمقا قد تناولت بشيء من التفصيل مظاهر الخلل والتمييز في مدخلات العملية التعليمية خصوصا في قطاع الجامعات حيث إنتقدت المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية، سياسات القبول في الجامعات الأردنية من ناحية حقوقية وإعتبرت أنها تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور الأردني الذي يحظر التمييز بين المواطنين وتكرس عدم المساواة وعدم تكافؤ الفرص بين المواطنين وتشرذم وتهدم المجتمع.

ويقول الدكتور محمد علوان في دراسته الأكاديمية: لا تتفق سياسة القبول في الجامعات الأردنية والدستور الأردني الذي يحظر في المادة السادسة منه التمييز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات بشكل مطلق ودون أن يردف ذلك بعبارات مثل «وفق أحكام القانون» أو «في الأحوال المبينة في القانون». 

واللافت أن المادة ذاتها من الدستور تورد مبدأ «تكافؤ الفرص» بعد النص صراحة على وجوب كفالة الدولة للعمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها.

وهي لا تتفق مع المادة السادسة والعشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي بعد أن كفلت لكل شخص الحق في التعليم أضافت أنه ينبغي «أن ييسر القبول بالتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع، وعلى أساس الكفاءة».

لا استثناءات

ويقول علوان أنه بالاطلاع على تجارب دول المنطقة، لا نجد أن هناك أي استثناءات في قبول الطلبة في الجامعات المصرية والسورية والإماراتية والعمانية على سبيل المثال لا الحصر، ناهيك عن الدول الغربية وتركيا.

وأكدت الدراسة أن سياسة القبول المتبعة تضع كتلة من المجتمع في مواجهة كتلة أخرى وتؤدي إلى تشرذم المجتمع وتعزيز الإنقسام وبث بذور الفرقة بين سائر أبنائه. كما تؤدي هذه السياسة إلى قبول طلبة غير مؤهلين بما يكفي للدراسة، مع ما يستتبعه ذلك من أثر على مخرجات التعليم ومن ثم على سوق العمل الذي يضطر لقبول أشخاص أقل قدرة على المنافسة.

فاختيار الطلاب المقبولين على أساس المجموعات الاجتماعية والمهنية التي ينتمون إليها دون الالتفات دائما إلى مؤهلاتهم يؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية.

أضف إلى ذلك أن نظرة باقي فئات المجتمع إلى الجماعات المستفيدة من التدابير الإيجابية نظرة سلبية عموما. هذا فضلا عن أن هذه السياسة لا تسمح بالضرورة بتطور الجماعات المستفيدة، ولا بعودة العدالة والمساواة المفقودة التي يقال أن هذه السياسة وجدت من أجلها. وهي عموما سياسة فاشلة إذ ليس هناك ما يدل على ان النتائج المتحصلة منها هي على مستوى الغايات المرجوة والأموال المهدورة والجهود المبذولة.

المجتمع هو الخاسر الأول

وشرحت الدراسة أنه ومع هذه السياسة لا يعود هناك ثمة دافعية إلى العمل والإنجاز لدى المستفيدين منها لأنهم يقبلون في الجامعة بصرف النظر عن الكفاءة والجدارة، وهم بالتالي يشعرون ويتوقعون بأنه يمكنهم الحصول على الشهادة الجامعية والانخراط في سوق العمل، بما في ذلك العمل في سلك التدريس في الجامعة، بالسهولة ذاتها. 

وفي المقابل يشعر الذين جرى التمييز ضدهم ألا طائل من الجهد والعمل لأن الآخرين وصلوا إلى ما وصلوا إليه دون ثمة حاجة لذلك. وفي الحالتين فالمجتمع ككل هو الخاسر من تدني المستوى ومن إهمال الجدارة والكفاءة كأساس ينبغي ان يكون الأساس الوحيد للتميز في المجتمع.

وإعتبرت الدراسة إستمرار سياسة القبول الحالية إهانة للأشخاص الذين ينتمون إلى الفئات المستفيدة منها لأنها تنمي عندهم ثقافة الاعتماد على الغير، و الأخطر هو انهم لن يقبلوا التخلي عن «الامتيازات» الممنوحة لهم دون حق بهذه السهولة. فمن السهولة بمكان تطبيق سياسة تقوم على التمييز الإيجابي، ولكنه من الصعوبة بمكان وضع حد لهذه السياسة، وذلك لأن أي محاولة في هذا السبيل ستتهم زورا وبهتانا بأنها لا تأخذ في الاعتبار الحقوق المكتسبة (رأينا ذلك في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بقانون الانتخاب) التي هي ليست من قبيل الحقوق ولا من قبيل الحقوق المكتسبة. 

قد يعجبك ايضا