وتتبادل النخب الحديث في جلسات حضرتها “رأي اليوم” عن كونه “أحرج” مجلس النواب بالطريقة التي ردّ فيها على تساؤلاتهم ومناقشاتهم في جلسة المناقشة العامة الثانية حول استيراد الغاز الاسرائيلي، إذ أسهب الدكتور النسور في توصيف الحالة التي يعيشها الأردن في سياق الغاز منذ توتر حضور الغاز المصري إثر العديد من التفجيرات التي استهدفته في سيناء المصرية.
غضب القصر، والذي تحدثت عنه مصادر مقربة لـ”رأي اليوم”، مرتبط بصورة كبيرة بذات التأكيدات والشروحات التي قدمها النسور، ولكن التركيز هناك (أي في رأس الهرم الحاكم) على تكرار مشهد “فتح” الدكتور النسور لصدره وتركيزه على فكرة “تحمّل المسؤولية وحيدا”، إذ تحدث أمام النواب عن انه لم يجبر من قبل أحد ولم يستقبل “تلفونات” تقول له أن يتجه لخيار الغاز الاسرائيلي.
الرئيس النسور قال للنواب الذين تحدثوا بعنف عن حكومته كـ”خائنة للتاريخ” ان هي قبلت استيراد الغاز المسال من دولة الاحتلال الصهيوني ، “ان الغاز المسال لا يأتي عربيا الا من مصر والجزائر وانه من مصر جربوه ويعرفون تبعاته بينما الجزائر اعتذرت عن تقديم غازها بسبب تعاقدات اخرى”.
النسور قال للنواب الغاضبين أيضا، أن حاجة الأردن الملحّة للغاز المسال هي السبب الوحيد الذي جعله يتجه للخيار الاسرائيلي، الأمر الذي اتبعه بإحراج النواب بقوله إن امل عمان الاخير قبل الغاز الاسرائيلي هو دولة قطر الشقيقة، والتي تبيع الغاز بأسعار عالمية ما يعني ضعف الاسعار التي طرحتها دولة العدو عبر المطوّر للحقل شركة نوبل انيرجي.
ودعا الرئيس الذي عاد ليوصف بـ “الحكمة والدهاء” بين النخب، النواب ليصطفوا الى جانبه في التوسط لدى دولة قطر بمنح الأردن الغاز بسعر تفضيلي .
النسور عرض أمام النواب في جلسة النقاش العامة الثانية حول ذات الموضوع كل البيانات التي بدا انهم ما كانوا متخيلينها، ليقول لهم بوضوح أن الكلام سهل من بعيد وليس كمن يحاول فعليا تأمين احتياجات الشعب .
وأكد الرئيس أن حكومته لن تقع في خطأ تاريخي “ان تبين انها ذاهبة بذلك الاتجاه” مشيرا الى كون الحاجة اليوم هي الدافع الأول لما تحاول حكومته ان تقوم فيه .
الصالونات السياسية بعد ما قاله النسور عادت لتضج بالحديث عن مدى حنكة الرئيس بعد أن كانت لمدة قريبة تسقط عليه وابلاً من التوقعات والضغوطات لينسحب ، او ليغيّب جزء من فريقه من المشهد .
النسور استخدم هذه المرة وفق مراقبين فن الصدمة بالحقائق والوقائع ، وهو ما كبل ايدي وافكار النواب الذين استعرضوا خلال يومين كل الاتهامات الممكن كيلها على رأس الحكومة، لتنتهي الجلسة بمطالبة الرئيس الدكتور النسور النواب للوقوف الى جانبه وجانب حكومته لحوارات مع مختلف الجهات، لتزويد الأردن بالغاز المسال المطلوب لتعويض الخسائر التي اوقعتها الانفجارات المتتالية على خط الغاز المصري .
المشهد اليوم يبدو كأنه صعب التنبؤ، إذ بدا العديد من النواب “حانقا” على الرئيس، ويتصيّد له، خصوصا وقد جاءت التوصية النيابية رغم كل الشروحات “واضحة وصريحة” بأن لا تقوم الحكومة بشراء الغاز من اسرائيل، في الوقت الذي صدرت فيه في اليوم التالي تصريحات حكومية عن اتجاه الحكومة فعليا لاستيراد الغاز الاسرائيلي.
غضب النواب والقصر اليوم في كفّة مقابل الثقة النخبوية.. الأمر الذي قد يجعل عبور الرئيس النسور وفريقه للمطب الحالي “صعبا” نوعا ما.
فرح مرقه