الطراونة: من يمتلك دليلا على دفعي مالا سياسيا ليقدمه أو ليصمت
حصاد نيوز – قال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة إن العمل الحكومي الفردي، يضر أكثر مما ينفع، داعيا لتفعيل مبدأ التشاركية مع مجلس النواب، منوها إلى أن أمام المجلس حزمة تشريعات مهمة وضاغطة، أبرزها البلديات والمجالس المحلية والضريبة والأحزاب والانتخاب.
وأشار الطراونة، المنتخب لدورة نيابية ثانية متتالية، في مقابلة إلى ضرورة أن يكون هناك توافق على أغلب هذه التشريعات لجهة الارتقاء بعملية الإصلاح والسير بها للأمام. داعيا النواب لإقرار مدونة السلوك النيابي.
وقال الطراونة إن مشاركتنا في التحالف الإقليمي والدولي في الحرب على الإرهاب “تتطلب ضمان الأمن الداخلي ووحدة الصف الوطني في مواجهة أي خطر حولنا”.
ورفض الطراونة اتهامه باللجوء إلى “المال السياسي”، مشيرا إلى أن مثل هذه التهم لا تسيء له فقط، وإنما تسيء لكل عضو في مجلس النواب، داعيا كل من يمتلك دليلا واحدا على ذلك، إلى أن “يبرزه، وأن لا يذهب لاغتيال الشخصية، والتجديف بحق الآخرين دون دليل”.
وقال إن تهمة “المال السياسي” تهمة جاهزة، الهدف منها اغتيال الشخصية، وليس شيئا آخر، و”ما يزعجني أن التهمة هذه لا تنال مني فقط، بل تنال من أشقائي الذين يملكون عملا خاصا، واستثمارا وطنيا، يوظفونه لخدمة المجتمعات المحلية، التي يتواجدون وتتواجد مشاريعهم فيها”.
ودعا الطراونة لمراجعة المادة الدستورية، التي تتعلق بمدة ولاية رئيس مجلس النواب، وتعديلها لتصبح سنتين بدلا من سنة واحدة، مشيرا إلى أن ذاك لا يعني أن يستفيد هو كرئيس للمجلس من ذلك التعديل، وإنما “يمكن أن يكون تعديلا للمستقبل”.
وقال إن جلالة الملك تحدث بمواقف حاسمة تجاه الحرب على الإرهاب، ودور المملكة فيها، خصوصا بعد أن أعاد التذكير بشعار قواتنا المسلحة “الجيش العربي”، وأن لهذا الاسم فلسفة مستمدة من موروث الثورة العربية الكبرى، والتزام الأردن بالأمن العربي، وليس الأردني فقط.
وتابع “نحن سنقاتل الإرهاب في عقر داره، ولن ننتظر أن يصلنا الدواعش، ليفكروا بتهديد أمننا وسلمنا الداخلي”، وقال إن معركتنا ضد الإرهاب “معركة الدفاع عن الإسلام، الذي يسعى هؤلاء لتشويهه بالتطرف والغلو، وتصويره كأنه دين قطع الأعناق، وتهجير السكان الأصليين من المسيحيين وغيرهم، وسبي النساء وتشريد الناس”.
وأوضح “لا حدود لدورنا في الحرب على الإرهاب، ما دام هؤلاء يخططون لتدمير مجتمعاتنا بالفكر الملوث والتطرف المجنون، الذي يرفض الآخر لأنه لا يتفق مع جنونه فقط”.
وقال الطراونة علينا أن نعي جيدا أن الحرب على التطرف يجب أن تكون متساوية الأبعاد، فتطرف التكفيريين مرفوض، والتطرف الصهيوني الاستعماري مرفوض، وعلى المجتمع الدولي أن يعي أن مفتاح حل قضايا منطقة الشرق الأوسط، هو حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بإعلان قيام دولة فلسطين، كاملة السيادة والكرامة، على أرضها وعاصمتها القدس الشريف، وعودة الحقوق لأصحابها بعد ضمان حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين.
وبخصوص معركة رئاسة مجلس النواب الأخيرة، قال الطراونة إنها “انتهت والتنافس الذي جرى كان يحصل في كل دورة
نيابية، والمنافسون زملاء أعزاء، يمتلكون رؤى ومواقف”، مشيرا، في الوقت نفسه، إلى أنه سيتابع ما شرع به في الدورة الماضية من خلال تعزيز مركز الدراسات البرلمانية، وتقوية الكتل النيابية، وتسهيل عملها، ومنح اللجان دورا فاعلا، وتعزيز عملها من خلال مواصلة تدريب الموظفين وتأهيلهم ورفدهم بالكوادر اللازمة.
وقال إن العلاقة بين غرفتي التشريع (النواب والأعيان) جيدة ومتوازنة، ويحكمها الحرص على إخراج مشاريع قوانين، تخدم المصلحة العامة، ونوه إلى أن الكتل النيابية، التي يقل عدد أعضائها عن 15 عضوا، عليها أن تصوب وضعها، خلال شهر من بداية الدورة العادية، وإلا ستكون كأنها لم تكن.
وقال إن النظام الداخلي لمجلس النواب سيبقى مفتوحا للتطوير والتعديل، ولم يستبعد أن يتم إجراء مراجعة له خلال الدورة الحالية “إذ اقتضت الضرورة ذلك”.
وفيما يلي نص الحوار:
* كيف تقيم المشهد البرلماني، بعد معركة رئاسة النواب، وهل تركت معركة الرئاسة حالة انقسام في المجلس؟
– الإعلام بالغ في وصف التنافس في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، نحن في كل عام ندخل في حالة من التنافس السياسي، وهذا التنافس لا يعني حالة صراع شخصي، فالمرشحون زملاء من أعمدة العمل البرلماني، والانتخابات جرت بين مرشحين همهم خدمة المجلس وتطوير أدائه، وتجويد عمل السلطة التشريعية لحدود استعادة كسب ثقة الشارع، لما في ذلك من مصلحة وطنية عليا.
الانتخابات انتهت، وأصبحت خلف ظهورنا، وعند هذا الحد تركت الانتخابات، وأسير اليوم باتجاه استكمال برنامجي الذي بدأت به منذ أكثر من عام، خلال رئاسة مجلس النواب، وما زلت على العهد بأن أستكمل ما وعدت بإنجازه.
* ألا ترى أن انتخابات الرئاسة تسببت في حالة شد، قد تنعكس لاحقا على تحالفات وانقسامات في المجلس؟
– النواب أكبر من أن نتحدث عنهم وكأنهم منتمون لحارات، فهم أشخاص يمتلكون فكرا نيرا، وحضورا شعبيا مؤثرا، ويسعون لرأب الصدع والمصالحة بين الناس، وليس العكس، وفي هذا المقام أحث زملائي على أن نجتمع على كلمة سواء، فيما يتعلق بمدونة السلوك النيابية، التي أعاد جلالة الملك طلب صياغتها للمرة الثانية من مجلس النواب، والتوافق عليها، خلال خطاب العرش السامي، وعندها نستطيع جميعا تدارك أي خطأ نقع به قبل وقوعه، لأن مرجعيتنا السلوكية موجودة بين أيدينا، وكلنا نلتزم بتطبيقها، وعلينا أن ندرك جيدا أن هذا المجلس، تحديدا، شهد نقلة نوعية في أدائه تحت القبة، فالمشاحنات أقل، وخط التوافق أوضح، وذلك بفضل التطوير على النظام الداخلي، الذي أعتزم تطويره باستمرار كلما استدعى الأمر.
* خلال معركة رئاسة المجلس اتُّهمت باللجوء إلى “المال السياسي”، ما ردك على من اتهموك؟
– هذه تهم جاهزة، يستخدمها أي خصم ضدي، وهذه التهم لا تسيء لشخصي فقط، بل تسيء لكل أعضاء مجلس النواب، الذي أربأ بأعضائه عن شبهة الشراء والبيع، فهم سادة بين ربعهم، فكيف نقبل تلويثهم بمثل هذه الاتهامات والشبهات. وأرجو أن أوضح الحقيقة التالية؛ أنا لم أحظ بأصوات مجلس النواب كاملة وحدي. فأنا نافست وقمت بزيارات فردية للنواب، وكتلة وطن، التي أنتمي إليها كانت أول الكتل، التي رشحتني للرئاسة، ثم شكلنا ائتلافا برلمانيا، مع كتل الوسط الإسلامي والتمكين والاتحاد الوطني والتوافق، وكان تحالفا وثيقا استطاع أن يثبت نفسه ومدى التزام أعضائه، كما أنني سعيت للظفر بثقة النواب من خارج التحالف، واستطعت ذلك، كنت خائفا من الأمر، لذلك لم أصرح بأني الفائز من الجولة الأولى، وتركت الأرقام تعلن عن ذاتها، وفعلا احتطت للذهاب لجولة ثانية مع أي مرشح آخر، وكانت خطتي جاهزة في هذا السياق.
“المال السياسي” تهمة جاهزة، الهدف منها اغتيال الشخصية، وليس شيئا آخر، وما يزعجني بحق بأن التهمة لا تنال مني فقط، بل تنال من أشقائي الذين يملكون عملا خاصا، واستثمارا وطنيا، يوظفونه لخدمة المجتمعات المحلية، التي يتواجدون وتتواجد مشاريعهم فيها، من منطلق شراكة القطاع الخاص بمسؤولية تنمية المجتمعات المحلية. لسنا أصحاب مال سياسي، بل نحاول أن نكون قريبين من الناس، في كل المناسبات، ولا نترك واجبا إلا نقدمه، من منطلق انتمائنا لشعبنا الأردني من أقصى الشمال لأقصى الجنوب، ومن يجد في مثل هذا السلوك عيبا أو نقيصة، عليه مراجعة نفسه، لا تشويه سمعة الآخرين، وتلويثها بالافتراءات والتجني. ومن يبث إشاعات عن استخدامنا مالا سياسيا، ويروج لها عليه، أن يأتي بوثيقة واحدة تؤكد ذلك، وبغير ذلك، يجب تطبيق العقاب العادل على المتجني.
* أمامكم مشاريع قوانين جدلية، قد تعطل على مجلس النواب عمله، إذا اصطدمت بعقدة التوافق النيابي عليها، أو أقرت بصيغة لا تخدم أهداف الإصلاح الشامل، الذي يتبناه الملك ويتوق إليه الشارع؟
– تقصد هنا مشاريع قوانين الانتخاب والأحزاب والبلديات والمجالس المحلية والضريبة؛ هناك أولويات يجب أن نقف عندها جيدا، فاستحقاق انتخابات البلديات يقترب منا، وتطوير عمل المجالس البلدية هدف وطني، يجب أن نحققه مجتمعين، ما دام الحديث ما يزال قائما حول استحداث فكرة المجالس المحلية، فعلينا أن نعطي هذين القانونين الأولوية، خصوصا إذا ما عرفنا أن الهدف منهما هو زيادة نسبة المشاركة الشعبية، وتمثيل المواطنين في المجالس المنتخبة. إذا نجحنا في هذه التطبيقات، فقطعا ستكون الأمور واضحة لنا جميعا، عند التعامل مع قانون الانتخاب، وهذا يتطلب أن نهتدي لتوافق عريض على قانون انتخاب، يعيد للعمل التشريعي والرقابي ألقه، على أسس واضحة، من تعريض قاعدة المشاركة الشعبية دون مقاطعة أي طرف سياسي أو اجتماعي.
أما قانون الأحزاب فهو قانون جدلي، لأنني مقتنع تماما بأن متطلبات الحياة الحزبية ليست قانونا ناظما، بل تحتاج إلى قدرة الأحزاب نفسها على إعادة القناعة الشعبية بعملها، البرامجي وتنافسها على أساس خدمة الناس وتمثيلهم، كما مطلوب من الحكومات أن تدعم الأحزاب ذات البرامج والنشاطات، وتستعين بهم في الرأي والمشورة والنصيحة، وعندها ستتطور الأحزاب فعلا، وسيتطور العمل الحزبي. قد يساعد قانون الانتخاب الأحزاب في الوصول لمجلس النواب، لكن علينا التوقف طويلا عند عقدة وصول أحزاب غير جاهزة برامجيا لقبة المجلس، وبعدها قد تصيبنا حالة نكوص حزبية بدلا من التطوير المنشود.
أما فيما يتعلق بقانون الضريبة، فهو قانون خطير، يجب التأني في دراسته وإقراره، لأننا يجب أن نمسك العصا من المنتصف، أمام مسؤوليتين في غاية الأهمية، الأولى أن لا نزيد الأعباء المعيشة على الطبقة الوسطى، وندفعها إلى الأسفل، كما علينا أن لا نقسو على المستثمر، فنأخذ منه ما هو أكثر من ربحه، فيهرب من عندنا ويلجأ لدول أخرى في استثماراته، هذه معادلة يجب أن نحسبها بدقة.
* هل تعتقد أن الأمور ستجري بهذه الانسيابية، وهل النواب على قدر هذا الحمل، خصوصا في ظل تباطؤ تقدم عمل الكتل على حساب اتساع رقعة العمل النيابي المستقل؟
– قد لا أتفق معك تماما، فالمجلس قادر على أن ينحاز لمصالح من يمثله، من قواعد انتخابية وقوى شعبية وتجمعات سكانية، كما أن العمل الكتلوي بدأ يأخذ مدى واضحا، فيما بدأنا نشهد لأول مرة بتاريخ آخر ثلاثة مجالس، انحسارا لظاهرة النواب المستقلين، أمام النواب المنتمين لكتل نيابية.
قد يكون كلامك صحيحا في جانب، أن الكتل ما تزال غير قادرة على التنسيب بموقف واحد من القضايا الجدلية، لكن، نحن نسير على الطريق الصحيح، وفي كل دورة يتطور عمل الكتل لمستويات أكثر تقدما، ولن أتفاجأ إن نجحت بعض الكتل الحالية في الإعلان عن حزب سياسي، تمثله بالأفكار والبرامج.
بظني أن مشاريع القوانين تلك مهما كانت جدلية، فإن مجلس النواب له مواقف واضحة ومعلنة فيها، لكن تبقى عقدة التصويت على الأفكار التوافقية بيد أعضاء المجلس، فكلما التزم المتوافقون بالحضور، وحشدوا لمواقفهم، صدقني سينتصرون لفكرتهم.
وعلينا جميعا أن نتذكر بأن النقاش داخل اللجان الفنية المختصة، هو مسؤولية جميع النواب، وليس مسؤولية أعضاء تلك اللجان فقط، لذلك علينا جميعا أن نلتزم، وأن لا نفوت أي بند في أي تشريع، نعتقد بأنه يخدم مصالح المواطن في مناطق المملكة كافة.
* هنالك انقسامات بالرأي داخل مجلس النواب، وهذا أمر طبيعي، لكن ثمة انقسامات سياسية، يصعب التوفيق بينها، وهذا ما لمسناه في الدورة الماضية، في مواقف نواب من كتلة “مبادرة” النيابية مثلا؟
– الأمر أبسط من ذلك، لكل منا رأي ووجهة نظر، والحجة والإقناع، هما سلاح المختلفين بالرأي، فمن يملك الحجة الأقوى سيحظى بأغلبية التصويت، وعندها صدقني سنكون أمام ظاهرة صحية، عنوانها العمل الديمقراطي.
المبادرة النيابية نواب من داخل المجلس، ينشطون بالأفكار والبرامج، استطاعوا التشابك مع الحكومة، بأفكارهم وضغطوا باتجاه تطبيق تلك الأفكار وقوننتها، أنا مع هذا العمل النيابي، وأسلوبه البرلماني، قد يكون عندي ملاحظات على بعض الأفكار، لكن لا يعني ذلك أن أقف أمامهم متحديا قدرتهم على تنفيذ ما يفكرون به، ويخططون من أجله، ما داموا يعملون لصالح المواطن، ويجارون فكرة الإصلاح البرلماني بطريقة سلسة وواضحة.
على من يريد أن يناكف المبادرة النيابية القيام بعمل أفضل منها، أما “المعارضة لأجل المعارضة” فهذا شعار كشفه الشارع، ولم تعد مثل هذه الأساليب تنطلي على أحد.
الكتل مطلوب منها أن تقوم بذات العمل وبنفس الأسلوب، ومن يملك برامج مختلفة، عليه أن يضغط على الحكومة لتطبيقها، بغير هذا الأسلوب أجد بأن الأمر لن ينجح.
* ماذا عن موقفك من قانون الانتخاب؟
– بالنسبة لي موقفي واضح، فالمكتسب، الذي تم تحصيله في قانون الانتخاب الحالي، يجب أن لا نفرط به، نعم علينا تطوير قانون الانتخاب، لصالح زيادة المشاركة الشعبية والتمثيل الشعبي، لكن اليوم العودة للوراء أمر صعب، ويكاد يكون مستحيلا، وأقصد هنا العودة لقانون الصوت الواحد. يجب أن نفتح حوارا حول قانون الانتخاب، لكن ليس من الصفر، بل مما وصلنا إليه.
الانتخابات الأخيرة، التي جرت في الثلث الأخير من شهر كانون الثاني من العام الماضي، كشفت عورات القانون، وعلينا أن نعالج الثغرات أولا في القانون، ثم ننطلق للحديث عن النظام الانتخابي الأمثل للحالة الأردنية.
برأيي أن تجربة القائمة الوطنية، إذا تم تحصينها فعلا، والبناء عليها لصالح زيادة عدد مقاعدها على حساب تقليص عدد إجمالي مجلس النواب الحالي الـ150، سنكون قفزنا خطوة للأمام، لكن هذه وجهة نظري، وأنا في انتظار شكل مشروع القانون، الذي سترسله الحكومة للمجلس، وبانتظار فهم أعضاء المجلس لشكل القانون الجديد، وفي انتظار خارطة التوافق السياسية والحزبية على المخرج النهائي للقانون.
* بما أننا تحدثنا عن شكل قانون الانتخاب، كيف تقيم علاقة السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية، وهل العلاقة ستكون جيدة خلال الدورة العادية المنعقدة؟
– سأتحدث من وجهة نظري الشخصية أولا، ثم من وجهة نظري كرئيس لمجلس النواب ثانيا. قد لا أتفق مع الحكومة في الأسلوب الذي تتعامل به مع مجلس النواب، فهي ما تزال دون مستوى التعاون المطلوب، والذي من شأنه فعلا خدمة العمل الوطني، وتحسين منتجنا التشريعي. وقد أملك الكثير من وجهات النظر النقدية حيال سياساتها وطرق تعاملها مع القضايا على الساحة المحلية.
لكن كرئيس لمجلس النواب، أنا لا أملك إلا أن أدير علاقة النواب خلال الجلسات المنعقدة مع السلطة التنفيذية، وما يقدمه النواب من مذكرات أو استجوابات، لا يسعني إلا عرضها والتعامل معها، بموجب النظام الداخلي للمجلس.
وعندها ستكون الحكومة هي من يتعامل مع النواب، وعليها أن تعرف جيدا، كيف تدير أمورها مع أي غضبة نيابية، إذا كان الأمر يتعلق بمصالح عامة، ينحاز فيها النواب لمن يمثلونهم.
بظني أننا أمام أولويات ضاغطة، وعلينا تنسيق الجهود بشكل صحيح، أمامنا حزمة تشريعات مهمة، وأمامنا استحقاق
المشاركة في التحالف الإقليمي والدولي في الحرب على الإرهاب، في وقت أجد أن أهم الأولويات هو ضمان أمننا الداخلي، ووحدة صفنا الوطني في مواجهة أي خطر من حولنا، وهو ما يتطلب تنسيق الجهود وتكامل الأدوار بين السلطات الدستورية.
أما العمل الحكومي الفردي فصدقني سيضر جهودنا وسيؤثر علينا ويؤخر عملنا.
* هل أنتم كمجلس نواب بصورة الدور الأردني في الحرب على الإرهاب؟
– ما أراه فعلا، أن جلالة الملك تحدث بمواقف حاسمة تجاه الحرب على الإرهاب، وحدود دور المملكة فيها، خصوصا بعد أن أعاد التذكير بشعار قواتنا المسلحة “الجيش العربي”، وأن لهذا الاسم فلسفة مستمدة من موروث الثورة العربية الكبرى، والتزام الأردن بالأمن العربي، وليس الأردني فقط.
نحن سنقاتل الإرهاب في عقر داره، ولن ننتظر أن يصلنا الدواعش، ليفكروا بتهديد أمننا وسلمنا الداخلي. في حين أن معركتنا ضد الإرهاب هي معركة الدفاع عن الإسلام، الذي يسعى هؤلاء لتشويهه بالتطرف والغلو، وتصويره وكأنه دين قطع الأعناق، وتهجير السكان الأصليين من المسيحيين، وسبي النساء وتشريد الناس.
معركتنا مع الإرهاب ليست جديدة، وموقفنا منها ليس بالجديد، فنحن من أولى الدول في العالم، التي أخذت موقفا ضد الإرهاب والإرهابيين، وقد قمنا بأعمال كثيرة من شأنها حماية أمن الإقليم، الذي نعتبره امتدادا لأمننا الوطني.
لا حدود لدورنا في الحرب على الإرهاب، ما دام هؤلاء يخططون لتدمير مجتمعاتنا بالفكر الملوث والتطرف المجنون، الذي يرفض الآخر لأنه لا يتفق مع جنونه فقط.
لكن أمام هذه الحقيقة، علينا أن نعي جيدا، وكما قال جلالة الملك، أن الحرب على التطرف، يجب أن تكون متساوية الأبعاد، فتطرف الجهاديين التكفيريين مرفوض، والتطرف الصهيوني الاستعماري أيضا مرفوض.
لذلك، على المجتمع الدولي أن يعي أن مفتاح حل قضايا منطقة الشرق الأوسط، هو الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، بإعلان قيام دولة فلسطين، كاملة السيادة والكرامة، على أرضها وعاصمتها القدس الشريف، وعودة الحقوق لأصحابها بعد ضمان حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين، وهو ما نستمده من مواقف وفكر وحكمة جلالة الملك عبد الله الثاني.
* وفقا لذلك، هل تعتقد أن الاستحقاقات السياسية والدستورية، ستمضي في ظل الظروف الإقليمية السائدة، والأوضاع الأمنية المتفجرة في العراق وسورية؟
– الأوضاع الأمنية في العراق وسورية تضغط على أعصاب الدولة الأردنية أمنيا، والحرب على الإرهاب هي حرب طويلة، وتستنزف من أولوياتنا كثيرا. كما أن ملف اللاجئين السوريين صار عبئا كبيرا، على موازنتنا، وعلى البنى التحية في المناطق، التي استقبلت مخيمات اللاجئين، ومن الواضح أن لا عون عربيا أو دوليا سريعا لجهودنا في استضافة وإغاثة اللاجئين السوريين.
وهي ظروف موضوعية تتصدر أولوياتنا في المرحلة الراهنة، لكن من قال إننا عشنا الـ14 عاما الماضية برخاء أمني وسياسي في الإقليم؟ الأردن تعود على مثل هذه الظروف، وهي القاعدة، فيما أضحى الاستثناء أن تهدأ المنطقة وتتوقف الحروب من حولنا.
كل ذلك، بظني الجازم، لن يؤخر أي من استحقاقات المسيرة الإصلاحية ومحطاتها، وجلالة الملك تحدث صراحة خلال افتتاح أعمال الدورة العادية الحالية، في خطاب العرش، عن أبرز الملفات الوطنية، التي نتعامل معها، وأخذ الإصلاح حصته من حديث الملك، فيما أخذ الإرهاب والحرب عليه حصة وافرة من الخطاب أيضا.
لذلك علينا أن نكون عونا لجلالة الملك، كما علينا أن نشارك في المسؤولية، من منطلق الدور الدستوري لنا، فعلينا أن نعين النظام السياسي في مسؤولياته، ونقوم بالواجبات المطلوبة منا بأمانة، وبعدها سيكون لمركز القرار وعقله، الحكم على الخطوات وأجندتها الزمنية والدستورية. وعلينا أن ننجز ما هو مطلوب منا، قبل أن نجلس للنقد أو الطعن أو المزايدة بالمواقف السياسية.
* ختاما، أنت رئيس لمجلس النواب في دورة عادية ثانية، بماذا تفكر، وهل ستعيد تقييم إنجازك في العام الماضي، وتطور من أداء مجلس النواب كما تعهدت؟
– لا شك أننا جميعا نتعلم في كل يوم شيئا جديدا، ولا شك أيضا أن تجربتي في رئاسة مجلس النواب العام الماضي، لم تكن مثالية بالكامل، عليها مؤاخذات وفيها إيجابيات، وفي نيتي فعلا أن نتجاوز الأخطاء، ونتقدم إلى الأمام في مجال عملنا التشريعي والرقابي.
آمنت فعلا بأن أهم مفصل في تسريع أعمال مجلس النواب وتجويد أدائه، هو تعديل النظام الداخلي؛ فالتعديلات الأخيرة عليه جعلتنا نتقدم في عملنا، ونضاعف إنجازاتنا، ما ترك انطباعا طيبا عن أعمال مجلس النواب السابع عشر.
لذلك سنفكر في مجلس النواب، بأن نطور النظام الداخلي أكثر، حتى يتطابق إنجازنا الذي نطمح إليه مع تعديلات نظامنا الداخلي الذي يسهل عملنا، ويزيد من إنتاجيتنا في عملنا الدستوري المطلوب منا.
لذلك، لن أتوانى عن تقديم أي اقتراح بهذا المجال، وأعتقد أن الزملاء في المجلس، لن يبخلوا عليّ بدعمهم، ما دام المقصد نبيلا، والإنتاجية هي عمل نتشارك به جميعا.