بالتفاصيل… د. مــاهــر سلــيـــم …. أسطـورةُ نجاحٍ علميةٍ…ومسيرةٌ أكاديميةٌ لاتعرفُ الهــدوءَ
حصاد نيوز–يَومٌ جَميلٌ ونَحنُ نَتصفحُ لُغة الكبرياء والإباء ، أبجديةٌ زاهيةٌ ، تتماوجُ فيها الحقيقة والحلم وترتسمُ على محياها الفخر والعزمِ ، فتظهرُ أمانينا بأيادٍ توردتْ ألوانها تُصفقُ للوطنِ وتهتزج له . هذا اليومُ تتوحدُ مشاعرنا ونحنُ نقلبُ صفحات عز ٍلشخصيةٍ تتحملُ شرفُ المسؤوليةَ، رجلٌ من أصحابِ العزمِ الصادقِ ، والوعدِ النافذِ ،والعملِ الخلاقِ ، في كلِ ركنٍ تسلمَّ فيه رأسُ العملِ ، وأوكلتْ إليهِ الأمور، وتكلّفَ بالعملِ بتشريفِ من الوطنِ وسيدِ الوطنِ .
” ماهر سليم” أسمٌ كبيرٌ لرجلٍ متواضعٍ إلى حدِ المثاليةِ المطلقةِ، يحارٌ من يتتبعٌ سيرتهٌ من أينَ يبدأُ بسردِ الوقائعِ، فالألقابُ عديدةٌ،والمناصبُ التي شغلها كثيرةٌ ،وليس هناك من يبدي ملاحظاتٍ حولَ الرجلِ .أُحدثُهُ هاتفياً من دون سابقِ ميعادٍ .مازلتُ في تواصلٍ بزيارتهِ حتى خُيلَ لي أنني أعيشُ في إقامةٍ جبريةٍ .جالسته،وحاورته ،فلمستُ فيه نفساً تهوى الإبداعَ، وتعشقُ مصارعةَ المستحيلِ شخصيةٌ من زمنِ المستقبلِ ،ولدَ اليومَ من رحمِ الجرأةِ ، وعاشَ في أحشاءِ التحدياتِ منذُ ولادتهِ فيِ قريةٍ عتيل – قضاء طولكرم يوم 18/11/1960م. عاشَ بظلِ أسرةٍ تكونتْ من أثنى عشرَ فرداً ، عانتْ من ويلاتِ ظلمِ الاحتلالِ الصهيوني.
اختارَ والدهُ ” لطفي سليم ” سفينةَ النجاةِ بأسرتهِ حتى أستقرتْ في دولةِ الكويت . ألبسَ أبنائهُ ثوبَ الحكمةَ والفكرَ والعلمَ، حتى أنني على علمٍ بأنَّ قلبَ ولدهِ “ماهر ” مازالَ يخفق ، ولسانهِ يلهجُ دائماً بالدعاءِ بان يُعطرَ اللهَ ذكرى والدهِ الذي مازال يعيشُ بفكرهِ وأبوتهِ وحكمتهِ التي طالما رددها هو وأشقائهِ وأصحابهِ في كلِ مكانٍ. فالحكمةُ نهجٌ تحفظهٌ الأجيالَ جيلاً يتلو جيلَ ليبقى الذكرُ لسانُ حق الرحمنِ في حقِ رجلٍ ماتجودُ بمثلهِ الأيامِ إلا نادراً .
سـَارَ ” مــاهر ” مع الأيامِ ، وتنقل في زواياها دؤوباً ، مكافحاً ، مجالداً يقطفٌ خيرها .أقبلَ على الدنيا بصبوةِ الشبابِ إلى العلا ،فاستراحتْ الدنيا بين يديهِ منذُ حصولهِ على درجةِ البكالوريوس من جامعةِ الكويت،عانقَ السماءَ مسافراً حيثُ جمهورية ايرلندا الجنوبية وهو يحملُ الوطنَ بين حناياهِ دفئاً وأماناً .
لكن لهُ في المعالي قصبَ السبقِ وطموحَ المجدينِ ، نازعَ أيامهُ ولياليهِ السهرَ والتعبَ ، حتى أضحى علماً في رتبةِ العلماءِ بحصولهِ على درجةِ الدكتوراة في تخصصِ الكيمياءِ الحيويةِ من جامعةِ دبلن عام 1989م ، والتي عملَ فيها بعد تخرجهِ كباحثْ في قسمِ العلومِ الكيمياءِ الحيويةِ ، ثم أنتقلَ إلى جامعةِ الكويت في كليةِ الطب – قسم الأدوية ، ليعودَ مرةً أخرى حيثُ جامعتهُ التي تخرجَ منها “دبلن” .
انطلقَ ” ماهر ” نحوَ بناءِ ذاتهِ ، ومٌستَقبل حياتهِ في العيشِ باستقرارٍ في ظلِ حياةٍ زوجية. بحثَ وطَافَت أقدامَه مساحَة الوطَنْ ، فلمْ يتَسع قلبهُ إلا بحب فتَاةٍ تدعى ” ريم الزغل ” التي استطاعت أنْ تَبني في داخِلها شخصيّةً متنوّعة المزايا؛ فهي العالمة والعابدة ، الموجِّهة والمعلِّمة ، الآمرة بالمعروف والنّاهية عن المنكر. أنجبتْ لهٌ سلطاناً أسمه ” أحمد ” كانَ ومازال له روعة في آياته، وزهواً في أحلامه.
في الطليعةِ من الصفوةِ تقدمْ ” أبا أحمد ” الكبارُ ،عباءتهُ حضنُ حكايةُ المجدِ التي صنعها لنفسهِ، وافترشها حضناً لكلِ المريدين من دارسي العلمِ ومدرسيهِ. له في أعناقِ العلمِ القولُ الفصلُ ،والبحثُ المتميزُ ، والعطاءُ النيرُ ، والتراثُ الذي لا يبليهِ الدهرُ ولا يحاكيهِ إلا الفخرُ . تنقلَّ بين مدرس ورئيساً وعميداً منذ دخولهِ لجامعةِ عمان الأهليةِ في عام 1991، تلك الجامعة التي كانت أنذاك تخطو خطوات عملاقة جبارة لمشروعها التعليمي على أيدي مؤسسيها الأجلاء ،وأبنائها المتميزين في حسن الإدارة وروعة التنظيم وزهو الإبداع . حيث عملَ فيها أستاذٌ مساعدٌ في كليةِ الصيدلةِ والعلومِ الطبيةِ . ثم نائبُ عميدٍ و رئيساً لقسمٍ في كليةِ الصيدلةِ والعلومِ الطبيةِ . ليعملَ بالإضافةِ لذلكِ مديراً لمكتبِ العلاقاتِ والاستشاراتِ العلميةِ .
في عام 2002م لفتحهِ شمسَ العملِ وهو يذرعُ الوطنَ والجامعةَ جيئةً وذهاباً لدى عملهِ عميداً لشؤونِ الطلبةِ حتى عام 2003 عندما تولى منصبَ عميدِ الدراساتِ العليا والبحثِ العلمي . سعتْ إليه المناصبُ حتى تسنمَّ ذروتها وأصبحَ رئيساً للجامعةِ في عام 2005م ،فعبر بها الآفاق نحو المستقبل ، بكل خطى واثقة مستنداً إلى علم واسع وخبرة تكبر على سنواتها ، ورؤى تتخطى إمكانات مكانها وزمانها ، فزرعتْ في جنباتِ الوطنِ الخيرَ والعطاءَ من الطلابِ الذين يزرعونَ الوطنَ آناءَ الليلَ وأطرافَ النهارِ علماً وانتماءً .
” ماهر سليم ” كلمة نَشزتْ عِظام المحتاجين ،وكستها عراقة المجد الذي تعيشه بكل نخوة الرجال الذي ما أمتدت يده إلا لإغاثة الملهوف ونصرة الضعيف . لهُ في كلِ موقعٍ أثرٌ ، وفي جامعة الشرق الاوسط التي التحق بها رئيساً في عام 2012م له كل فضلٍ قدر ٌ. اعتنقَ سهرَ الليلِ فيها ليضعَ لليلِ متعةَ النهارِ ،وللنهارِ فضلُ الضياءِ والجدِ ، هامَ بصمتهِ فأنطقَ العبادُ بفضلِ العملِ ،وكوّنَ الإرادة َ وصممَ العطاءَ لترتوي منه أجيالٍ ثم أجيالِ .
انه بحقٍ من الرجالِ الذين يسندونَ القاماتِ، شُرفوا بحبِ الوطنِ ،انهً علمٌ بحق و رأساً في الولاءِ، ورأساً في المثابرةِ والعطاءِ ، من الرجالِ الذين ما تاهتْ خطاهم في فوضى الأيامِ ، بل استباحَ الوقتُ والمكانُ بنبلِ الأخلاقِ وطيبِ الثنايا ،وحمرةِ العملِ ، شخصيةٌ ستبقى لها في ساحاتِنا وقعُ الخيرِ ودفءُ الانتماءِ