حصاد نيوز– لا يزال الداعية والمفكر الإسلامي عمر محمود عثمان الشهير بـ(أبو قتادة) يصر على موقفه الرافض لأي تصريحات إعلامية وتحديدا فيما يخص موضوع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» والتحالف الدولي ضده، معتبرا أن الوقت الراهن لا يسمح بأي تصريحات في هذا الشأن.
أبو قتادة رفض مؤخرا استقبال عدة محطات تلفزيونية دولية طلبت التحدث إليه من بينها الـ(CNN) الأمريكية والـ(BBC) البريطانية وغيرهما بالاضافة إلى العشرات من المراسلين والصحافيين دون ان يغري الأمر الشيخ أبو قتادة بالتحدث في الموضوع الشائك، مصرا على ما سبق أن أبلغ «القدس العربي» به في أنه اختار الصمت في هذه المرحلة……
بعد مغادرته للسجن الأردني وخلافا لعدة بيانات ومواقف صدرت عنه داخل السجن امتنع أبو قتادة عن الحديث حتى فيما يخص تصريحه الشهير الذي وصف فيه تنظيم الدولة الإسلامية بأنه (فقاعة هواء) وهو التصريح الذي لم يعجب رفيقه وصديقه الشيخ أبو محمد المقدسي منظر التيار السلفي الجهادي في الأردن. «القدس العربي» كانت رفيقة الشيخ أبو قتادة خلال فترة إحتجازه في السجون البريطانية كما المح مقربون منه، وعاد للأضواء في عمان قبل أيام عندما سلمته السلطات المحلية مجموعة وثائقه القانونية المدنية. وبعد زيارة ثانية للشيخ أبو قتادة في منزله الكائن في العاصمة الأردنية عمان، اثر خروجه من السجن وقرار براءته من تهمة التخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية، خرجت «القدس العربي» بعدة انطباعات أهمها: أن إعلان تنظيم الدولة الإسلامية، «داعش» إقامة الخلافة الإسلامية وتنصيب زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين، هو إعلان غير شرعي وباطل تترتب عليه مسائل ومخالفات فقهية وشرعية خطيرة.
محطات أساسية تلمستها «القدس العربي» وهي تستمع لسجالات الشيخ أبو قتادة مع آخرين في التيارات الجهادية ووجهة نظره، أن المبايعات التي أطلقتها مجموعات إسلامية مؤخرا في باكستان تقول «ما بني على باطل فهو باطل». الرؤية الشرعية والفقهية للشيخ أبو قتادة في قضية إعداد الخلافة تقول «إن الخلافة الإسلامية التي يتزعمها البغدادي خلافة باطلة وما يترتب عليها باطل، كما أن القاعدة الفقهية تقول أيضا إنها مخالفة للشرع وافتئات على الأمة وعلى طوائف آل البيعة، ولا نعرف من قام بالبيعة، التي تترتب عليها مسائل فقهية خطيرة ليسوا هم اهلها».
وبالنسبة للبيعات التي جاءت من هنا وهناك كلها حسب تشخيص الشيخ أبو قتادة «فهي مبنية على الجهل وعدم دراسة الحكم الشرعي لمفهوم البيعة، كما انها قائمة على عدم فهم مفهوم الخلافة الشرعية» مبينا أن هذا ما قاله في السابق وما زال يقوله الآن.
هذا ما قاله فعلا الشيخ أبو قتادة في بحث صدر عنه حديثا بعنوان (ثياب الخليفة) ركز فيه على مواضع انحراف جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام، وتطرق إلى بطلان وتحريم الخلافة التي أعلنوها بزعامة أبي بكر البغدادي.وجاء في البحث:
«أن أهل العلم قد فرغوا في بيان اختلال هذا المعنى، ومن تأمَّل كلامَ شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية وفي مقدمة كلامه عن معنى الإمامة عند العقلاء وأهل السنة رأى فسادَ هذا المعنى شرعًا وعقلاً، وقد كنتُ أقولُ لهم إن الحقيقةَ الكونيةَ هي التي تُكسِب الألفاظ معانيها، حتى الشرعيةَ منها، فالخلافةُ اسمٌ لحقيقة وليست اسما غير معقول المعنى، تضعه على «اللا شيء» فتصبح له الحقيقةُ الشرعيةُ كما تزعمون، وكان ردُّهم أن هذه – شروط الإمامة – لم تثبت بالشرع وكان هجيراهم حديث النبي (صلى الله عليه وسلم): (كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل)، وقد بذلتُ جهدي لهم في بيان حقيقة لفظ الخلافةِ والإمامةِ والإمارةِ، وأن هذه الحقائق هي التي تتحقق مقاصدها، فإن خلت من هذه المعاني ذهب عنها الاسمُ الشرعيُّ، وهو كلامٌ يدركه الأطفالُ، فكان ردُّهم دومًا: هذه فلسفةٌ لا نفهمها».
وأضاف البحث «وابتداءً فإني أخبرُ إخواني ممن يسمعُ النصحَ ويبتغي الحقَّ أن هذا الإعلانَ لا يُغيِّر من واقع المواجهة مع الجاهلية؛ فهو لن يزيدَ قوةَ جماعةِ البغداديِّ والعدنانيِّ ومن معهما، كما لن يُضعف صفَّ الجاهلية، وقد كانت جماعاتُ الجهاد عمومًا على طريق واحد بل والكثير منها على إمرة واحدة ألا وهي البيعة للدكتور الحكيم، فدخول اسم الخلافة لن يُغيِّر واقعَ الصراع والمواجهةِ مع أعداءِ الدين، لكن شرُّه أنه سيُدخل العاملين المجاهدين في صراع داخلي، وحقيقةُ دعوة الخلافة هذه موجَّهة لجماعات الجهاد العاملة في الأرض من اليمنِ والصومالِ والجزائر والقوقاز وأفغانستان ومصر وعموم بلاد الشام وليست إلى عموم المسلمين، فهؤلاء لا يشغلهم هذا الإعلان إلا بما هو معنى الإعلان عن سلعة من سلع الحياة، ولذلك شرُّه محققٌ ولا خير فيه، لأنه من نوع الصراعِ على الإمارة والقيادة، وهذا أعظمُ شرورِ تاريخ الإسلام، فإن المرءَ المسلمَ يحقُّ له أن يفتخر بإطلاقٍ في كل جوانب التاريخ الإسلامي، حتى إذا جاء إلى موضوع الإمارة رأى السواد والحسد وسفك الدم الحرام وكثيرا من الدنيا مع القليل من الآخرة».
واستند أبو قتادة في (ثياب الخليفة) إلى العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وقال:
«خاتمةُ الأمر أن ما أعلنته جماعةُ الدولة الإسلامية في العراق بأن «دولةُ الخلافةِ الإسلاميةِ» باطلٌ من وجوه، وجهالةٌ من جهالات الذين لا يقدرون على إنزال الفروع على الأصول». وأوضح أبو قتادة انه استعار اسم بحثه من القصة المشهورة (ثياب الملك) التي تتحدث عن ملك يزعج الخياطين بحياكة ثياب جميلة، ليتحايل عليه خياطان صنعا له ثيابا من وهم وقالا له أن هذه الثياب لا يراها إلا العقلاء، فخرج الملك عاريا للناس الذين خجلوا وخافوا ان يقولوا له أنت عار فالكل يشهق إعجاباً بثياب الملك وجمالها وحسن صنعها، وبين كل هذا الزحام، يصرخ أحد الأطفال ببراءته: الملك لا يرتدي شيئاً، هنا يصيب الناس بحالة ارتباكٍ عام، هل الطفل غبي، أم بالفعل الملك لا يرتدي شيئا، فلا أحد يراه؟ فجأة الكل يصرخ: الملك لا يرتدي شيئاً.. الملك لا يرتدي شيئاً …
فأراد أبو قتادة من هذا الوصف أن يقول:
«خليفة هذا العصر الخليفة المزعوف تدثر بثياب من وهم، فأردت أن أصرخ صرخة الطفل وأقول له أنت عار».
وكانت «القدس العربي» قد نشرت في وقت سابق إنطباعتها المباشرة عن السهرة الجهادية التي جمعت قيادات ورموز التيار السلفي الجهادي في الأردن مع الداعية أبو قتادة الذي توسع في مناقشة خاصة مع «القدس العربي» في الحديث عن تجربته في السجن الأردني وخفايا الفروق بين السجن البريطاني والأردني، وذلك بعد يوم واحد من الافراج عنه من السجن. وحضر السهرة، التي امتدت لثلاث ساعات في مكان اقامة أبو قتادة، كل من منظر التيار السلفي الجهادي الشيخ أبو محمد المقدسي والقيادي في التيار أبو سياف ووكيل التنظيمات الإسلامية موسى العبداللات وعدد من أعضاء التيار، بالإضافة إلى أهالي وأصدقاء أبو قتادة الذين جاءوا بقصد تهنئته بمغادرته للسجن.. وبعد أن تناولنا أطراف الحديث معه، تحدث أبو قتادة عن قضيته من الجانب القانوني، والفرق ما بين المعاملة التي لمسها داخل السجون البريطانية والسجون الأردنية.