فيلم “داعش” سيطغى على إيقاع البوصلة السياسية المحلية … والنسور قد يبقى طوال 2015
حصاد نيوز – السيناريو الأقرب للمنطق في المشهد السياسي الأردني يؤشر على ان الحاجة «قد لا تكون ملحة» في المرحلة الحالية لسلسلة إصلاحات ديمقراطية مهمة ومؤثرة في المرحلة التي تتطلب إقليميا ودوليا مواجهة تنظيم «داعش» في العراق وسورية.
أصحاب هذه النظرية يجددون التأكيد على أن الخطط والمشاريع الإصلاحية السياسية يمكنها أن تبقى لفترة من الوقت حبرا على ورق على أساس أن السفارات الغربية لن تضغط مرحليا في الشأن الداخلي ما دامت الأولوية لتعاون الحكومة الأردنية اللوجستي والمعلوماتي العلني مع التحالف الجديد الذي أعلن الحرب على «داعش».
معنى الطرح هنا أن الحراك «الأمني» والدبلوماسي تحت لافتة التحالف ضد «داعش» سيطغى مجددا على إيقاع البوصلة السياسية المحلية التي تسارعت مؤخرا بعد وجبة من تعديلات الدستور تحت عنوان الإستعداد لحكومة أغلبية برلمانية.
المؤيدون لهذا التحليل وعددهم لا يستهان به في المؤسسة النخبوية الأردنية يفترضون بأن مثل هذه البوصلة قد تبقي رئيس الوزراء الحالي الدكتور عبدالله النسور لفترة أطول بكثير من تلك التي يسعى لها خصومه.
وهي فترة قد تتجاوز الربيع المقبل لتصل إلى أعتاب العام 2006 إذا بقي البرلمان الحالي في زاوية أبعد عن إحتمالات الحل والترحيل والتوجه إلى إنتخابات مبكرة بالرغم من الضربة التي وجهت له مؤخرا عند الإخفاق في ترسيم ملامح قانون جديد يضمن تقاعدا مجزيا للأعضاء.
حدة الحديث عن التقاعد المدني خفت في الآونة الأخيرة في الأردن والنواب مالوا لإبتلاع إخفاقهم والتعامل معه بأريحية ما دام قد صدر عن توجيه ملكي وهو وضع يدلل على أن المؤسسة النيابية ستبقى في دائرة الإنتاجية والرشد السياسي وستنحصر مناكفاتها بالحكومة والوزراء.
طبيعة وتركيبة مجلس النواب الحالي تجعل من الصعب حصول «مواجهة» مباشرة او صدام مع السلطة فقد مرر النواب التعديلات الدستورية التي طالبت بها الحكومة بحماس بالغ وتفهموا قرار القصر الملكي عدم تمرير رواتبهم التقاعدية الجديدة بعد صدور تقارير تقديرية أمنية في اللحظات الأخيرة تتوقع عودة بطيئة لمظاهر «حراك الشارع» إذا ما تمكن النواب من الحصول على تقاعد يناهز تقاعد الوزراء.
إحباط مشروع التقاعد كان له صلة مباشرة على الأرجح بالإعتراضات الجدية التي صدرت عن قطاعين لا يستهان بهما وهما قطاع المتقاعدين العسكريين والمعلمين الذين خسروا للتو معركة شارعية مع الحكومة عنوانها تعزيز رواتبهم ودخولهم.
في كل الأحوال لا يبدو البرلمان بصدد المواجهة أو تحدي الحكومة أو إقالتها والرئيس النسور يشق طريقه بقوة بين الحين والأخر بين ألغام النواب مما يكرسه ضامنا لثقتهم التي تجددت عمليا ثلاث مرات لفترات أطول وهو وضع سياسي يبقي حكومته عصية على الترحيل مرحليا أو لا يوجد مبرر أصلا لترحيلها رغم الإلتزامات الإصلاحية العلنية التي تتحدث عن الإنتقال وفي أسرع وقت ممكن لخيار حكومة أغلبية برلمانية.
بهذا المعنى مصير الحكومة ومجلس النواب مرتبط و»يرحلان» معا عندما تحين اللحظة او تتغير المعطيات فيما الأولوية الآن لإيقاعات حفلة «داعش» وتداعياتها وهي إيقاعات تدفع دوائر القرار للإسترخاء والدوائر الشعبية للقلق والشعور بالحاجة الملحة للدولة بصرف النظر عن أي ملاحظات عليها او تطالها.
الوضع السياسي بالنتيجة ليس معقدا فالأردن يتمتع اليوم بأفضلية على مستوى الدور الإقليمي ويعد من الدول الأساسية التي تدعم التحالف الأمريكي الجديد وهوامش المناورة دبلوماسيا وإقليميا أمام مؤسسته تضاعفت في تموضع تكتيكي يمكنه أن يرجىء اي قفزات كبيرة على مستوى الإصلاح السياسي مثل تغيير معادلة قانون الإنتخاب أو الإنتقال بتسارع أكبر نحو وزارة أغلبية برلمانية.
على الأقل تلك وجهة نظر مراكز قوى أساسية ونافذة في مجتمع الحكم وإدارة الدولة كثفت الحديث عن مخاطر القفزات الإصلاحية في الأيام الأخيرة وأعادت إنتاج الإنطباع حول ضرورة قانون الصوت الواحد سيء السمعة والصيت بمعنى أن الحملة على داعش وفيلمها الطويل نسبيا يستخدمان مرحليا لإعاقة وتأخير إصلاحات سياسية في موضة متجددة، تلك على الأقل وجهة نظر خبراء في مستويات القرار لا يمكن تجاهلها أو إسقاط حساباتهم وهي أراء يمكنها ان تسقط فورا إذا ما تغيرت المعطيات وجمع النافذون في المجتمع الدولي بين صنفين من الضغط الأول خارجي والثاني داخلي ويخص الإصلاحات الداخلية. –
بسام بدارين