خفايا اعتقال “مفاصل” مهمة : إشارات ناعمة من الحكومة للإخوان

30

85998_1_1411330960

حصاد نيوز –  قياديان فقط من كادر الإخوان المسلمين الشعبي في الأردن تم إعتقالهما الأسبوع الماضي في إطار «رسالة جديدة» على الأرجح للحركة الإخوانية تنطوي ضمنياعلى «لفت نظر» بخصوص تكاثر «المهرجانات» التي تؤيد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية كما تنطوي- وهذا الأهم- على إظهار عدم وجود «توافق» في مستوى القرار السياسي لصالح نظرية «التهدئة» مع التنظيم الإخواني.

المعتقل الأهم بتهمة التحريض على تقويض نظام الحكم هو الشيخ الدكتور محمد سعيد بكر والثاني هو خطيب مسجد ناشط ومؤثر إجتماعيا في محيط منطقة الهاشمي الشعبية المكتظة هو الشيخ عادل عواد.

السيرة الذاتية والعملية للدكتور بكر قد تدلل على خلفيات وأسباب إعتقاله وتوقيفه فقد إنطلق المؤيدون له في مسيرات تلقائية لم تكن منظمة تطالب بالإفراج عنه مما يدلل على مكانته الرفيعة في المستوى التنظيمي للجماعة رغم زهده الشديد في الأضواء.

الشيخ بكر عضو في مجلس شورى الإخوان المسلمين ويوصف بأنه «داعية شاب ومؤثر « ويطلق عليه المقربون منه لقب «الدينامو» ويحمل درجة الدكتوراه في الحديث وصاحب حضور قوي جدا في القواعد الشبابية للتنظيم ومن الخطباء البارزين في سلسلة من المهرجانات خصوصا المهرجان الأخير لمناصرة المقاومة في قطاع غزة. سيرة الشيخ بكر تجعله «صيدا ثمنيا» من حيث الإعتقال والمحاكمة خصوصا بسبب حظوته الكبيرة لدى جمهور الجماعة الإخوانية، الأمر الذي يبرر التهمة الكبيرة التي نسبت اليه في إستدعاء مباشر لإحتمالات ومستويات التصعيد.

رغم ذلك سلط الإعتقال الأضواء على الشيخ بكر وسيخدمه مستقبلا على المستوى الإعلامي والشعبي.

المعتقل الثاني وهو خطيب المسجد الشيخ عادل عواد خضع قبل الإعتقال لتحقيق داخلي في وزارة الأوقاف بناء على شكوى من «مخبر صادق» واللجنة التي دققت في خطبته في الأوقاف لم تصل للتوثق من إدعاءات المخبر الصادق وبعد إغلاق ملف الشكوى في الأوقاف تم تحويله إلى محكمة أمن الدولة بناء على الشكوى نفسها.

مثل هذه الإعتقالات الإنتقائية وعودة «الإتهامات المعلبة» – في رأي المسؤول السياسي في حزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة – مؤشر على المزيد من الرسائل الملتبسة خصوصا مع عدم وجود مبررات للإعتقال أو مخالفات حقيقية.

من ثنايا تعليق الشيخ العضايلة ردا على إستفسار «القدس العربي» يمكن الإستنتاج بأن الحركة الإسلامية تراقب مسألة الإعتقال ولا تسعى للتصعيد على أساسها وتحاول تفكيك رموزها.

على هذا الأساس كلف القيادي والنقابي البارز الشيخ علي أبو السكر بمتابعة الأمر وصدر بيان يتيم يندد بعودة سياسة الإعتقالات …دون ذلك يدرس ملف المعتقلين في اللجنة القانونية في الحركة الإسلامية ويتم حشر التصعيد السياسي في طريق التعامل مع دبلوماسية هادئة للإفراج عن الموقوفين.

في كل الأحوال يمكن قراءة هذا الإعتقال والتهم المسندة إلى الشيخين بكر وعواد، على أنها رسائل ضمنية تشير الى أن جهات القرار وخصوصا الأمنية تطالب الحركة الإخوانية بتقليص سياسة الإستعراضات المهرجانية في الشارع بسبب دقة وحساسية المرحلة على المستوى الإقليمي.

في الوقت نفسه يمكن إعتبار الإعتقال الذي طال بؤرا نشطة جدا في التنظيم الإخواني، إيحاء بأن سلطات اتخاذ القرار في الدولة والحكومة «ليست موحدة» بعد في ترسيم موقف من التيار الإخواني مما يدلل على إستمرار وجود «تيارات» متعددة الرأي.

ولاحظ مراقبون أن إجراء الإعتقال الذي طال شخصين مؤثرين في بنية التنظيم الإخواني شعبيا تزامن مع «إشارتين ناعمتين» صدرتا عن الحكومة مؤخرا، الأولى كان صاحبها وزير الداخلية الجنرال حسين المجالي عندما استقبل ابوالسكر والعضايلة في حوار طال إستراتيجية التصدي لداعش وشقيقاتها والثانية كان نجمها رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور الذي تقدم برسالة «رقيقة» نسبيا ردا على رسالة وصلته من الأمين العام الجديد لحزب الجبهة الشيخ محمد الزيود.

الزيود كان قد أرسل مذكرة للنسور تحدث فيها عن الإعتداءات التي يتعرض لها المسجد الأقصى وضرورة تعزيز الدور الأردني في حماية المسجد والمقدسات في الأقصى السليب.

رد النسور برسالة من»صفحتين» مليئة بالمجاملات إستعرضت ما تقوم به الحكومة بأوامر الملك في تأمين الحماية للأقصى والمقدسات مع تضمين المقدمة والخاتمة «تهنئة رقيقة» للأمين العام الجديد بمناسبة إنتخابه والتأكيد على إحترام الحكومة وتقديرها للدور الوطني لحزب جبهة العمل الإسلامي.

قد يعني ذلك أن المستوى السياسي في السلطة لا يسير في الإتجاه نفسه مع المستوى الأمني عندما يتعلق الأمر بالإخوان المسلمين أو يؤشر على تقاسم وظيفي للأدوار لكن في كل الأحوال توجد «خلافات» معروفة داخل بنية مؤسسات القرار حول إستراتيجية التعاطي مع الإخوان المسلمين حاليا ومرحليا في الوقت الذي يمتنع فيه النسور تحديدا عن سيناريوهات التصعيد.

الثابت وسط هذه الرسائل المتبادلة المتناقضة أن جهات القرار النافذة رتبت الإعتقالات في أسوا الأحوال كرسالة تقول ضمنيا للإخوان: يكفيكم مهرجانات في الشارع.

ذلك مرجح لأن كلا من الشيخ بكر والشيخ عواد من القيادات المحلية في مناطق شعبية في صحن العاصمة عمان شهدت مسيرات أحياء لتأييد المقاومة.

في قياسات الشيخ العضايلة كان من الأفضل توجيه مثل هذه الرسائل الخشنة مباشرة وبالطرق النظامية المألوفة خصوصا وان النشاطات الإخوانية تندرج في إطار تعبير الشعب الأردني عن موقفه ورأيه وحقه في هذا التعبير.

ويبدو أن إجتماعات التنظيمات الإخوانية التقييمية تقرأ بفعالية ما يصلها من رسائل في الإتجاهين الناعم والخشن لكنها تحاول البحث عن ثغرات لقراءة الممحي داخل غرفة القرار الأكثر عمقا ….هنا تحديدا تكمن إشكالية التواصل.
بسام البدارين

قد يعجبك ايضا