أ.د ماهر سليم يكتب ….تعليم أم تعلم أم تدريس

49

85917_1_1411293114

حصاد نيوز رئيس جامعة الشرق الأوسط

غالبا ما تتداخل مفاهيم التعليم والتعلم والتدريس إلى درجة عدم التمييز بين التعلم الإلكتروني والتعليم الإلكتروني . لذا ، أحببت في هذه العجالة التمييز بينها .

التعليم (Instruction) هو نشاط تواصلي يهدف إلى إثارة دافعية المتعلم وتسهيل التعلّم، ويتضمن مجموعة من النشاطات والقرارات التي يتخذها المعلم (أو الطالب) في الموقف التعليمي التعلمي . كما أنه علم يهتم بدراسة طرائق التعليم وتقنياته، وبأشكال تنظيم مواقف التعلّم التي يتفاعل معها الطلبة من أجل تحقيق الأهداف المنشودة، والتعليم أيضاً، تصميم مقصود أو هندسة للموقف التعليمي بطريقة ما، بحيث يؤدي ذلك إلى تعلم، أو إدارة التعلّم التي يشرف عليها المدرس.

والتعليم هو ” توفير الشروط المادية والنفسية، التي تساعد المتعلم على التفاعل النشط مع عناصر البيئة التعليمية في الموقف التعليمي، واكتساب الخبرة، والمعارف، والمهارات، والاتجاهات، والقيم التي يحتاج إليها هذا المتعلم وتناسبه، وذلك بأبسط الطرق الممكنة”، ومعنى هذا، أن عملية التعليم هي تلك العملية التي يوجد فيها متعلم في موقف تعليمي لديه الاستعداد العقلي، والنفسي لاكتساب خبرات ومعارف، ومهارات، أو اتجاهات، وقيم تتناسب وقدراته واستعداداته من خلال وجوده في بيئة تعليمية تتضمن محتوى تعليمياً، ومعلماً، ووسائل تعليمية ليحقق الأهداف التربوية المنشودة. لذا فإن ما نقوم به من تصميم للمادة التعليمية وبرمجتها إلكترونيا وتعزيزها بتقنيات التعليم قبل بثها للمتعلم الكترونيا يدعى التعليم الإلكتروني ، أما إستقبال المتعلم للمادة التعليمية إلكترونيا ودراستها ذاتيا فيدعى التعلم الإلكتروني .

أما التعلّم ( Learning) فهو تغير ثابت نسبياً، في الحصيلة السلوكية للكائن الحي نتيجة الخبرة، ويتفق علماء النفس عامة، على أن التغيرات السلوكية الثابتة نسبياً تندرج تحت عنوان التغيرات المتعلمة، ومعنى ذلك أن التغيرات المؤقتة في السلوك لا يمكن اعتبارها دليلاً على حدوث التعلّم. وتمر عملية التعلّم في ثلاث مراحل هي الاكتساب، والاختزان، والاستعادة.

ويعرف ” جيلفورد” (Guilford) التعلّم بأنه ” التغير في سلوك الفرد الناتج عن استثارة”، وطبيعة الاستثارة تمتد من مثيرات فيزيائية بسيطة تستدعي نوعاً من الاستجابات، إلى مواقف أخرى غاية في التعقيد، فتعرُّض الفرد لتيار الهواء البارد يجعله يتحرك لإغلاق النافذة التي يأتي منها هذا التيار. فهنا تعرّض الفرد لمثير معين فتغير سلوكه نتيجة تعرضه لهذا المثير. أما عندما يريد الفرد المتعلم قيادة السيارة، فهذا الموقف يتضمن عدداً من المثيرات المتشابكة التي تستدعي نوعاً جديداً من السلوك لا يظهر دفعة واحدة، وإنما يمر بمراحل مختلفة يتحسن في أثنائها حتى يصل إلى شكله النهائي في نهاية عملية التعلّم.

ومن الأمثلة على التعلّم ” شخص ذاهب إلى عمله وفي طريقه المعتادة فوجئ بحادث في الطريق، فغيّر طريقه إلى آخر، فالحادث هنا يمثل المثير، وتغيير الاتجاه هو استجابة، فهذا الشخص قد تعلم أنه عند حدوث حادث في الطريق عليه ألا ينتظر، بل عليه أن يجد طريقاً آخر”.

وبذلك يمكن القول: إن عملية التعلّم متعلقة بالمتعلم نفسه، وهي ذات علاقة وطيدة بعملية التعليم من حيث أنها نتيجة لها، أي أن عملية التعلّم هي نتيجة عملية التعليم ومحصلة لها، ونحن نستدل على أن الفرد قد تعلم بعد عملية التعليم من قدرته على القيام بأداء معين لم يكن يستطيع أداءه قبل عملية التعليم.كما أن هناك مجموعة من العوامل تؤثر في عمليتي التعليم والتعلم منها: خصائص المتعلم والمعلم، وسلوك المعلم والمتعلم، والصفات الطبيعية للمدرسة، وخصائص المادة التعليمية، وصفات مجموعة الأقران، والقوى الخارجية التي تؤثر في فاعلية التعليم.

أما التدريس (Teaching) فهو الجانب التطبيقي للتعليم، أو أحد أشكاله وأهمها، والتعليم لا يكون فعالاً، إلا إذا خُطط له مسبقاً، أي قد صمم بطريقة منظمة ومتسلسلة. لذا، يعد التدريس نشاطا تواصليا يهدف إلى إثارة التعلّم، وتسهيل مهمة تحقيقه. ويتضمن سلوك التدريس مجموعة من الأفعال التواصلية، والقرارات التي تم استغلالها، وتوظيفها بكيفية مقصودة من المدرس الذي يعمل باعتباره وسيطاً في أداء موقف تربوي- تعليمي.

ويمكن القول بأن التدريس نظام من الأعمال المخطط لها، يقصد به أن يؤدي إلى تعلم الطلبة في جوانبهم المختلفة ونموهم، وهذا النظام يشتمل على مجموعة الأنشطة الهادفة، يقوم بها كل من المعلم والمتعلم، ويتضمن هذا النظام عناصر ثلاثة: معلماً، متعلماً، ومنهجاً دراسياً، وهذه العناصر ذات خاصية دينامية، كما أنه يتضمن نشاطاً لغوياً هو وسيلة اتصال أساسية، بجانب وسائل الاتصال الصامتة، والغاية من هذا النظام إكساب الطلبة المعارف، والمهارات، والقيم، والاتجاهات، والميول المناسبة.
وبذلك ، يتبين أنه يمكن أن تحدث عملية التعليم، ولكن عملية التعلّم لم تحدث لبعض الطلبة، أو حدثت لهم، ولكن بصورة ضعيفة لا تتناسب مع الجهد والوقت والنفقات، وهذه المشكلة واضحة في مدارسنا، فالجهود المبذولة في مجال التعليم كبيرة، والوقت المخصص له طويل، والنفقات باهظة، ولكن تأتي النتائج هزيلة، فغالباً يتركز التعلّم على حفظ مجموعة من المعارف، والمعلومات، بهدف اجتياز الاختبارات ثم سرعان ما تنطفئ وتُنسى بعد هذا الاجتياز، ويهمل تدريب الجوانب الأخرى من شخصية الطلبة، لذا لا يمكن أن تحدث عملية التعلّم دون حدوث عملية التعليم، فإذا حدثت عملية التعلّم للفرد، فهذا يعني حدوث عملية نمو في معارفه، أو مهاراته، أو قدراته، أو اهتماماته، أو اتجاهاته، أو قيمه، وهذا النمو مرتبط بحدوث عملية تعليم سواء أمقصودة كانت، قصد إليها المعلم أو قصد إليها الفرد نفسه، أم غير مقصودة في مواقف الحياة المتنوعة، فعملية التعلّم مرتبطة بعملية التعليم لأنها ثمرة لها ونتيجة. وحتى نحدث عملية التعلّم لدى الطلبة، لا بد من وجود مواد تعليمية مصممة بطريقة تتناسب وقدراتهم واحتياجاتهم واستعداداتهم، وتؤدي بالمتعلم إلى إتقان الأهداف، بالإضافة إلى وجود إستراتيجيات تدريسية واضحة المعالم تساعد المتعلمين من خلالها بلوغ أهدافهم المحددة، سواء كانت هذه الطرائق تعتمد على المعلم أو المتعلم أو المعلم والمتعلم معاً.

قد يعجبك ايضا