الكونغرس يفتح “الصندوق الأسود” لإبستين: تشريع تاريخي يلزم بالكشف الكامل عن الملفات السرية

18٬265

 

:حصادنيوز – إعداد وكتابة أيمن الراشد – في لحظة بدت وكأنها إشارة لفتح واحد من أكثر الأسرار المظلمة في الولايات المتحدة، صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع على كشف جميع ملفات جيفري إبستين، الرجل الذي هزّت قضيته قاعات السياسة والاستخبارات والمال لعقود. إنها ليست مجرد خطوة تشريعية؛ بل محاولة لكسر دائرة الصمت التي أحاطت بعلاقات إبستين الغامضة مع شخصيات عالمية نافذة، وللإجابة عن الأسئلة التي لطالما تجاهلتها المؤسسات الأمريكية: من كان يحمي إبستين؟ وما الذي تخفيه الوثائق التي بقيت مغلقة حتى بعد وفاته الغامضة في زنزانته؟
إن الأيام المقبلة قد تحمل حقائق صادمة… وربما تغيّر كثيرًا من قواعد اللعبة في واشنطن وخارجها.

وفي السياق ذاته، أقرّ مجلس الشيوخ مشروع قانون يلزم بالكشف العلني عن جميع الوثائق المتعلقة برجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، في خطوة تشريعية كبيرة تفتح الباب أمام كشف إحدى أكثر القضايا إثارة للجدل في التاريخ الأمريكي الحديث.
وجاء التصويت بإجماع كامل الأعضاء، لتتم الموافقة على “قانون شفافية ملفات إبستين” دون أي اعتراض، في مشهد يعكس حجم الغموض والضغوط السياسية والشعبية المرتبطة بالقضية منذ سنوات.

ويمثل هذا التصويت خطوة محورية في مسار طويل من المطالبات بإماطة اللثام عن سجلات إبستين، خاصة أن مجلس النواب كان قد أقر المشروع في وقت سابق من اليوم نفسه، قبل تحويله مباشرة إلى البيت الأبيض بانتظار توقيع الرئيس دونالد ترامب ليصبح قانونًا نافذًا.
وبمجرد التوقيع، ستلتزم وزارة العدل الأمريكية بنشر جميع الملفات الرسمية المتعلقة بإبستين، بما فيها الوثائق السرية، وسجلات التحقيقات، ومذكرات الاتصالات، والمستندات التي لم يُكشف عنها سابقًا.

قضية لا تموت منذ 2019

جيفري إبستين، الذي اشتهر بعلاقاته الواسعة مع رجال السلطة والمال والمشاهير، كان قد اتُّهم بإدارة شبكة واسعة لاستغلال فتيات قاصرات جنسيًا، بعضهن لم تتجاوز أعمارهن 14 عامًا.
وفي 2019، وبينما كان محتجزًا بانتظار محاكمته، عُثر عليه ميتًا داخل زنزانته في نيويورك، في حادثة رجّحت السلطات أنها “انتحار”، إلا أن الغموض والشكوك حول ظروف الوفاة لم يتوقفا منذ ذلك الوقت.

وظلت القضية مصدرًا للجدل العالمي، ليس فقط بسبب هول الانتهاكات المتهم بها، ولكن بسبب شبكة العلاقات التي كان يديرها، والتي تضمنت أسماء لشخصيات من الصف الأول في السياسة والمال والفن.

أسماء عالمية بارزة في الملفات

تشير وثائق سابقة ظهرت خلال التحقيقات إلى ارتباطات بدرجات متفاوتة بين إبستين وعدد من الشخصيات البارزة، من بينهم:
• الأمير أندرو، نجل الملكة إليزابيث الثانية.
• الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
• الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
• رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك.
• المغني العالمي الراحل مايكل جاكسون.
• حاكم ولاية نيو مكسيكو الأسبق بيل ريتشاردسون.

وجود هذه الأسماء وحده كان كفيلًا بإشعال عاصفة من الجدل، وزيادة التساؤلات حول الغايات الحقيقية لشبكة علاقات إبستين، وإلى أي مدى كانت هناك عمليات استغلال أو ابتزاز محتملة.

ادعاءات استخباراتية تزيد القضية تعقيدًا

وفي عام 2020، ظهر ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق آري بن ميناشي في مقابلة مع قناة “روسيا اليوم”، مطلقًا تصريحات أثارت ضجة واسعة، حيث زعم أن إبستين ووالد شريكته غيسلين ماكسويل، روبرت ماكسويل، كانا يعملان لصالح الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد).
وادعى ميناشي أن الشبكة التي أدارها إبستين لم تكن مجرد تجارة جنسية، بل أداة لجمع المعلومات وابتزاز شخصيات عالمية نافذة، مشيرًا إلى أن الأمير أندرو استُخدم لجلب أسماء جديدة إلى دوائر إبستين. كما زعم أن إيهود باراك كان على علم بما يجري.
وذكر أن وزير العمل الأمريكي السابق ألكسندر أكوستا قال سابقًا إن إبستين كان “أصلًا استخباراتيًا” محميًا من قبل إحدى الجهات الأجنبية.

هذه التصريحات، رغم عدم تثبيتها رسميًا، غذّت الشكوك وأعادت القضية إلى الواجهة الدولية، باعتبارها ربما ليست مجرد قضية جنائية، بل شبكة معقدة ذات أبعاد سياسية واستخباراتية.

لماذا الآن؟

يرى محللون أن التحرك الجديد للكشف عن الملفات جاء نتيجة عدة عوامل، أبرزها:
1. سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، ما منح مشروع القانون تمويلًا سياسيًا قويًا.
2. تغير موقف الرئيس دونالد ترامب الذي انتقل من التحفظ إلى دعم نشر الملفات.
3. تصاعد الضغوط الشعبية والإعلامية مع اقتراب الانتخابات وتجدد الحديث عن القضية.

ويُعد إجماع مجلس الشيوخ على هذا المشروع حدثًا نادرًا في المشهد السياسي المنقسم بشدة.

الخطوة الحاسمة بانتظار البيت الأبيض

مع إحالة المشروع إلى البيت الأبيض، يترقب المراقبون اللحظة التي يوقع فيها ترامب القانون، إيذانًا ببدء أكبر عملية كشف وثائق سرية في قضية رأي عام خلال السنوات الأخيرة.
ويتوقع خبراء أن نشر هذه الملفات قد يؤدي إلى صدمات سياسية وإعلامية كبيرة، وربما إعادة فتح ملفات قانونية وشخصية طويت منذ سنوات.

قضية قد تعيد رسم خرائط النفوذ

يشير مراقبون إلى أن الكشف الكامل عن الملفات قد يمثل نقطة تحول تاريخية، لأنها قد تكشف علاقات غير معلنة، أو مصالح مخفية، أو تورط شخصيات لم تكن أسماؤها متداولة سابقًا.
كما يرى آخرون أن هذه الخطوة ليست مجرد كشف للحقيقة، بل اختبار لمدى قدرة المؤسسات الأمريكية على مواجهة قضايا تتقاطع فيها السياسة بالمال بالاستخبارات.

ومهما تكن التفاصيل التي ستحملها الوثائق، فإن العالم يقف أمام واحدة من أهم لحظات الحقيقة في قضية لم تغلق يومًا، رغم أن بطلها مات قبل سنوات

 

 

وكالة الأناظول 

قد يعجبك ايضا