لوفيغارو: هكذا يسعى دونالد ترامب لإحلال السلام بين المغرب والجزائر
حصادنيوز – قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إنه عشية تصويت مجلس الأمن حول قضية الصحراء الغربية، تحاول الولايات المتحدة فرض موقفها المؤيد للمغرب في مواجهة الجزائر.
فقد كثّفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأسابيع الأخيرة من ضغوطها على الأطراف المعنية بالنزاع، في محاولة لفرض رؤيتها الخاصة للسلام في منطقة المغرب العربي.
غدا الخميس، يناقش مجلس الأمن مشروع قرار جديد حول مستقبل الصحراء الغربية. فهذا الإقليم الذي تعتبره الأمم المتحدة “إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي” ما زال منذ أكثر من ثلاثين عاما سببا رئيسيا في توتر العلاقات بين المغرب، الذي يطالب بسيادته عليه، والجزائر، التي تعتبر القضية مسألة تصفية استعمار وتطالب بإجراء استفتاء لتقرير المصير تحت إشراف الأمم المتحدة، توضّح صحيفة لوفيغارو.
مشروع القرار الذي صاغته واشنطن -وفق تسريبات إعلامية- يقترح تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة “المينورسو” لفترة قصيرة فقط، مع دعم واضح وصريح لخطة الحكم الذاتي المغربية، التي تراها الولايات المتحدة “جدية وواقعية”. وقد شهدت الأيام الأخيرة مفاوضات مكثفة بين دبلوماسيين غربيين وجزائريين ومغاربة وروس في نيويورك، حيث يسعى البعض لتمرير القرار بصيغته الحالية، بينما يحاول آخرون تخفيف لهجتهم الموالية للمغرب، تضيف الصحيفة الفرنسية.
في أروقة الأمم المتحدة، تتواصل المواجهة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب. فالجزائر تعتمد على دعم الصين وروسيا ودول الجنوب، في حين تدعم كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة الرباط. وإذا أُقرّ القرار كما هو، فسيُعتبر ذلك نكسة كبيرة للجزائر وجبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الإقليم، تقول صحيفة لوفيغارو.
خطة الحكم الذاتي المغربية محور الجدل
تشير مصادر دبلوماسية جزائرية إلى أن الجزائر قد تمتنع عن التصويت على القرار. وقال دبلوماسي جزائري سابق إن “مجلس الأمن ليس جهة لتوزيع الأراضي أو سحبها”.
تحت ضغط واشنطن وقرب موعد التصويت، تتابع صحيفة لوفيغارو، خفّفت جبهة البوليساريو من مواقفها، حيث أعلنت خلال مؤتمر صحافي بالجزائر عن “مقترح موسع لحل سياسي مقبول من الطرفين”، قدمته للأمين العام للأمم المتحدة، ويشير إلى قبول مناقشة خطة الحكم الذاتي المغربية ضمن المفاوضات، شرط ألا تُعتبر الخيار الوحيد الممكن.
وفي تطور لافت، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في مقابلة تلفزيونية، أن “اتفاق سلام بين الجزائر والمغرب يمكن أن يُبرم خلال ستين يومًا”، ما أثار استغرابًا في الجزائر التي لم تصدر ردًا رسميًا.
توتر جزائري– مغربي دائم
ومضت صحيفة لوفيغارو موضّحة أن وسائل الإعلام الجزائرية تساءلت عن معنى الحديث عن “اتفاق سلام” بينما لا توجد حرب بين البلدين. وذكر موقع Algerie- patriotique أن استئناف العلاقات المقطوعة منذ صيف 2021 مشروط بعدة مطالب جزائرية، منها: انسحاب المغرب من الصحراء الغربية، والاعتراف بالجمهورية الصحراوية، وإدانة اتفاقات أبراهام الموقعة مع إسرائيل، ووقف تصدير كميات كبيرة من راتنج القنب نحو الجزائر.
واعتبر الوزير والدبلوماسي الجزائري السابق عبد العزيز رحابي أن ما تصفه واشنطن بـ“وساطة للسلام” هو في الواقع “عملية نفوذ منسقة بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا داخل مجلس الأمن”، معتبرًا أن مشروع القرار يمنح المجلس سلطة نقل السيادة على الصحراء إلى “القوة المحتلة”، أي المغرب، مقابل وعود بتطبيع العلاقات مع الجزائر.
مخاوف من تصعيد جديد
ومضت صحيفة لوفيغارو قائلةً إنه مع مرور الوقت، أصبحت قضية الصحراء الغربية محورًا لتوترات إقليمية ودبلوماسية واسعة. فالمغرب جعل من الاعتراف بسيادته على الصحراء شرطًا لأي علاقة متقدمة مع شركائه، بينما ردت الجزائر بقطع علاقاتها مع دول عدة، منها إسبانيا وفرنسا، بعد مواقفهما المؤيدة للمغرب.
ويحذر معهد واشنطن من أن الصراع بين الجزائر والمغرب يتجاوز حدود الصحراء الغربية، ويعكس منافسة استراتيجية أوسع في شمال إفريقيا.
أما مجموعة الأزمات الدولية (ICG) فحذرت من أن بعض الدوائر في واشنطن والرباط تسعى لتفكيك بعثة الأمم المتحدة في الصحراء وتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، وهو ما قد يهدد فرص الحل السلمي.
واعتبرت المجموعة أن تجاهل البوليساريو وغياب سياسة أمريكية متوازنة قد يؤديان إلى عودة القتال، مما قد يزعزع استقرار المنطقة ويدفع نحو مواجهة مباشرة بين المغرب والجزائر.